الاقتصاد الأمريكي يعاني
الأحد, 12-مايو-2013
د . لويس حبيقة -
تمر الولايات المتحدة اليوم في ظروف داخلية صعبة نتيجة الخلافات السياسية والاقتصاد المتعثر، كما بسبب أعمال العنف التي تعرضت لها مؤخراً مدينة بوسطن وولاية تكساس . لا يمكن مقارنة هذه الحوادث بهجوم 11/9/،2001 إلا أنها أعادت إلى الذاكرة ذلك اليوم الذي غير الكثير في العلاقات الدولية وفي رؤية الأمريكيين إلى منطقة الشرق الأوسط وسكانها . المهم أن من قام بهذه الأعمال ليس من المنطقة العربية، مما يجنبنا أن نعود من جديد سياسياً إلى موقع المتهم أو غير المرغوب به . من الممكن أن يكون اعتداء بوسطن مرتبطاً بمشروع “قانون الحد من تملك الأسلحة” الذي اقترحه الرئيس أوباما، أي يهدف إلى تعزيز الخوف وبالتالي انتشار السلاح بشكل أكبر داخل المجتمع الأمريكي كي تستفيد الشركات المنتجة للاسلحة . المعلوم أن أمريكا تنفق سنوياً 711 مليار دولار على الدفاع، وهذا يشكل 41% من مجموع الإنفاق الدولي . لا شك أن لوبي الأسلحة NRA يملك الإمكانات المادية والإعلامية والسياسية لمحاربة الرئيس أوباما ومنعه من تمرير مشروع قانونه . نجح اللوبي إلى حد كبير حتى اليوم بالرغم من حوادث القتل التي انتشرت مؤخراً في المدارس والجامعات وفي العديد من المدن والقرى .
كانت أزمة 1929 قاسية وتعلم منها الأمريكيون الكثير عبر القراءة والدرس . أزمة 2008 لم تكن سهلة اذ انخفض الناتج المحلي الأمريكي خلال سنة واحدة 212 مليار دولار . تجنب الأمريكيون الشح النقدي هذه المرة، فخفضوا الفوائد كما ضخوا النقد مباشرة عبر شراء سندات الخزينة من الأسواق . ساهمت السياسة المالية في تجنب الخسائر عبر زيادة الإنفاق وتخفيف الضرائب بمجموع 787 مليار دولار بدءاً من سنة 2009 . تمت رسملة المصارف بسبب تعثر قسم كبير منها . لم تطبق الحكومة سياسات الحماية أمام التجارة الدولية كما حصل في القرن الماضي، إنما بقيت التجارة حرة أي كما كانت قبل الأزمة . يحصل النمو بنسب خفيفة تقيده عوامل مهمة منها حجم الدين العام وتضاؤل التنافسية في العديد من القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى ازدياد الفجوة بين المواطنين من ناحيتي الدخل والثروة .
ما الحقائق الاقتصادية التي تعرقل نهوض الاقتصاد؟
أولاً: الإنتاج والصادرات حيث تحقق الولايات المتحدة عجزاً كبيراً في الميزان التجاري بسبب عدم نمو الصادرات التي تبلغ فقط 11% من الناتج، علماً أن المعدل العالمي هو 28% . هنالك حقائق مقلقة فيما يخص الصادرات الأمريكية وهي أن 58% من الشركات المصدرة تبيع إلى دولة واحدة فقط أي غير منوعة مما يرفع من المخاطر . 4% فقط من الشركات الأمريكية تصدر علماً أن 500 منها تشكل 60% من مجموع الصادرات .
ثانياً: تعاني الولايات المتحدة انخفاض نسب التوفير وارتفاع الديون في القطاعين العام والخاص ما يجعل الاقتصاد يعتمد على الاقتراض الخارجي . يمكن تخفيف ثقل الديون عبر التقشف وهذا مزعج، فالطرق الأخرى تبقى أفضل بكثير وفي مقدمها رفع الصادرات عبر تطوير وتحسين الإنتاج .
ثالثاً: هنالك مشكلة انفاق صحي ضخم يعادل 17% من الناتج مع أداء لا يرضي الأمريكيين .
رابعاً: الحرب على المخدرات التي تزعج أمريكا من ناحيتين أولها صحي وأخلاقي واقتصادي وثانيها اجتماعي من ناحية ارتفاع عدد المسجونين نتيجة المخدرات .
خامساً: هنالك خلل سكاني تعانيه كل الدول الصناعية وهي ارتفاع نسبة المسنين من الشباب بسبب تحسن العمر المرتقب . تحاول أوروبا معالجة الموضوع عبر تمديد سن التقاعد لعدم القدرة على رفع نسب الخصوبة والإنجاب . العمل حتى سن السبعين لمن يرغب ليس عيبا .
ما السياسات التي تطبق أو يمكن تطبيقها لتجاوز العقبات أو بعضها؟
أولاً: الاستثمار في البنية التحتية .
ثانياً: هنالك غضب أمريكي تجاه أجور ومنافع رؤساء الشركات في وقت ترتفع خلاله البطالة إلى ما يفوق 7% وتتعثر أوضاع الشركات التي تفلس أحياناً . هنالك مشاريع قوانين لربط الدخل بنتائج الشركات، وبالتالي يمكن تبرير المنافع المرتفعة في هذه الحالة .
ثالثاً: لا بد من إعادة النظر في النظام الضرائبي بحيث ترتفع الإيرادات بالتزامن مع تخفيض الإنفاق غير الضروري .
رابعاً: يجب جعل السوق المالية أكثر أماناً للجميع وخاصة لصغار المودعين والمستثمرين عبر قوانين جديدة تراعي أوضاع الصغار بشكل أفضل كما ترفع الشفافية .
*. نقلاً عن صحيفة الخليج الاماراتية.
|