متى تصبح الديون الحكومية خطيرة؟
الأربعاء, 01-مايو-2013
جيه. برادفورد ديلونج - إن الحكومة التي لا تفرض الضرائب الكافية لتغطية إنفاقها لا بد أن تصادف في نهاية المطاف أشكال المتاعب الناجمة عن الديون كافة. فسترتفع أسعار فائدتها الاسمية مع خشية حاملي السندات التضخم. وسيتوقع كبار رجال أعمالها ويحاولون نقل ثرواتهم إلى خارج الشركات التي يديرونها خوفاً من فرض ضرائب مرتفعة على الشركات في المستقبل. وعلاوة على ذلك، سترتفع أسعار الفائدة الحقيقية، نظراً لعدم اليقين بالسياسات، وهو ما من شأنه أن يجعل عديدا من الاستثمارات المنتجة على المستوى الاجتماعي حقاً غير مربحة. وعندما يستفحل التضخم فإن تقسيم العمل سيتقلص. وما كان ذات يوم شبكة ضخمة تتماسك أجزاؤها بخيوط نقدية رقيقة، فسيتفتت إلى شبكات بالغة الضآلة تمسكها قيود غليظة من الثقة الشخصية والالتزام الاجتماعي. والتقسيم الصغير للعمل يعني انخفاض الإنتاجية. كل هذا من المحتم أن يحدث - في نهاية المطاف - إذا لم تفرض أي حكومة الضرائب الكافية لتغطية إنفاقها. ولكن هل من الممكن أن يحدث طالما ظلت أسعار الفائدة منخفضة، وبقيت أسعار الأسهم مزدهرة، والتضخم تحت السيطرة؟ الواقع أنني وغيري من خبراء الاقتصاد - بمن في ذلك لاري سامرز، ولورا تايسون، وبول كروجمان، وآخرون كثيرون - نعتقد أن هذا من غير الممكن أن يحدث. فطالما ظلت أسعار الأسهم مزدهرة، فلن يشعر كبار رجال الأعمال بالخوف من الضرائب في المستقبل أو عدم اليقين فيما يتصل بالسياسات. وما دامت أسعار الفائدة منخفضة، فلن تنشأ ضغوط نزولية على الاستثمارات العامة. وما دام معدل التضخم منخفضا، فإن الديون الإضافية التي تصدرها الحكومة تصبح محل تقدير كبير باعتبارها مستودعا للقيمة، وتبث الطمأنينة في أنفس المدخرين، وتقدم دفعة قوية للاقتصاد، لأنها تساعد على تقليص الديون وتزيد من سرعة الإنفاق. باختصار، لا يراقب خبراء الاقتصاد الكميات فحسب - مقدار الدين الذي تصدره الحكومة - بل الأسعار أيضا. ولأن الناس يقايضون السندات في مقابل السلع، والنقد، والأسهم، فإن أسعار الديون الحكومية هي معدل التضخم، وسعر الفائدة الاسمية، ومستوى سوق الأوراق المالية. وكل الأسعار الثلاثة تومض باللون الأخضر، فتشير إلى أن الأسواق تفضل أن تنمو الديون الحكومية بوتيرة أسرع مما تشير إليه التوقعات الحالية. لا شك أن هيئة تحرير "واشنطن بوست" أظهرت منذ بداية الألفية أنها لا تحتاج إلا إلى القليل من الدعم التجريبي لمزاعمها. ولكن تعبير "النمو في زمن الديون" كان سبباً أيضاً في تضليل المفوض الأوروبي أولي رين وغيره كثير ودفعهم إلى الزعم بأنه "عندما يبلغ الدين (الحكومي) نسبة 80 إلى 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فإنه يبدأ في مزاحمة النشاط الاقتصادي". ومن المعتقد على نطاق واسع أن راينهارت وروجوف أظهرا أنه إذا كانت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 90 في المائة فإن الاقتصاد يكون في أمان، وأن النمو لا يصبح عُرضة للخطر إلا عندما ترتفع الأعباء عن 90 في المائة.
*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.
|