لماذا تقليص العجز والديون الآن؟
السبت, 30-مارس-2013
مايكل جيه بوسكين - في مختلف أنحاء العالم، تعمل المناقشات المحتدمة حول ضرورة وتوقيت وكيفية ومدى تقليص العجز الضخم في الميزانية والمستويات المرتفعة من الديون السيادية على تقسيم صانعي السياسات والرأي العام. وتتكاثر تدابير الإنفاق والسياسات والمقترحات الضريبية والنقدية والتنظيمية التي تتسم بالتضارب التام. هل نقلص ديون الموازنة، أم لا؟.. تلك هي المسألة.
ويطالب اليسار السياسي بمزيد من الإنفاق، وزيادة الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة، وتأخير تقليص العجز والديون، على سبيل المثال، يقترح بول كروجمان، الخبير الاقتصادي والكاتب في صحيفة نيويورك تايمز، الانتظار لعشر سنوات أو خمس عشرة سنة. (ولقد ساق عديد من الأشخاص الحجج لأسباب مماثلة ضد سياسات خفض التضخم الناجحة التي تبناها بنك الاحتياطي الفيدرالي في أوائل ثمانينيات القرن العشرين). ويدعو اليمين السياسي إلى خفض العجز بسرعة أكبر من خلال خفض الإنفاق.
في أوروبا، يطالب صانعو السياسات، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي، بتقليص العجز والديون لدى الدول المثقلة بالديون، لكنهم يتسمون بالمرونة في المفاوضات؛ لكن الناخبين يرفضونه ــ كما حدث في إيطاليا مؤخرا. وفي الولايات المتحدة، يقترح الجمهوريون ضبط الموازنة في غضون عشرة أعوام من خلال إصلاح الإنفاق على برامج الاستحقاقات والضرائب (مع الإقلال من عدد الإعفاءات والخصومات، والائتمان الذي يوفر العائدات المطلوبة لخفض معدلات الضرائب الشخصية ومعدلات الضرائب على الشركات، التي تعد الأعلى على الإطلاق بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عند مستوى 35 في المائة).
ويقترح الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي جمع 1.5 تريليون دولار في هيئة ضرائب أعلى على مدى الأعوام العشرة المقبلة ـــ فضلاً عن 600 مليار دولار تم الاتفاق عليها في أوائل كانون الثاني (يناير) ، و100 مليار دولار (ضعف ما اقترحه الديمقراطيون في مجلس النواب) في هيئة إنفاق تحفيزي جديد، وخفض الإنفاق بشكل أكثر اعتدالاً ولأمد أطول. وتعني نسختهم من الإصلاح الضريبي خفض الاستقطاعات للأثرياء والشركات، مع عدم خفض المعدل.
لكن ما التكاليف والفوائد المحتملة التي قد تترتب على الحوافز في مقابل تقليص العجز والديون؟ وما أفضل مزيج من خفض الإنفاق وزيادة الضرائب؟
لا شك في أن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن زيادة الإنفاق الحكومي قد تكون فاعلة في رفع الناتج ومستويات تشغيل العمالة بشكل مؤقت أثناء الركود العميق الطويل عندما يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة القصيرة الأجل إلى الصفر. ولكن الأبحاث نفسها تشير إلى أن مضاعف الإنفاق الحكومي من المرجح أن يكون صغيراً أو حتى سلبياً في مجموعة متنوعة من الظروف، وأنه سيتقلص بسرعة في كل الأحوال.
وتشمل هذه الظروف أولا، ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مع تسبب ارتفاع أسعار الفائدة في تعويق النمو. وعلى نحو مماثل، من المرجح أن تعمل زيادة الإنفاق الحكومي أثناء فترات التوسع على مزاحمة الإنفاق الخاص. والإنفاق على مدفوعات التحويل و/أو المشتريات غير العسكرية ــ التي من الممكن أن تصبح راسخة أو يصبح تدبيرها ممكناً بسعر أرخص من الخارج (على سبيل المثال، الألواح الشمسية وتوربينات الرياح على التوالي، في الحوافز المالية التي اعتمدت في أمريكا عام 2009) ــ من المرجح أيضاً ألا يعود بأكثر من مضاعف صغير. وعندما يتمتع أي اقتصاد بأسعار صرف مرنة، فإذا تسبب الإنفاق الحكومي في رفع أسعار الفائدة، فإن العملة تصبح أقوى، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تراجع الاستثمار وصافي الصادرات. وأخيرا، قد تهدر التأثيرات المترتبة على الإنفاق الحكومي الإضافي بسبب توقع الناس لرفع الضرائب بمجرد خروج البنك المركزي من قيد الصفر الأدنى على أسعار الفائدة (الأمر الذي يجعلهم يحدون من إنفاقهم الآن).
وتنطبق هذه الاعتبارات على الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية اليوم. فإلى جانب التصميم الرديء، فإنها تفسر السبب الذي جعل التحفيز الأمريكي في عام 2009 يكلف مئات عدة من آلاف الدولارات عن كل وظيفة يتم إنشاؤها.
لا شك في أن الحذر واجب من أجل تجنب الإفراط في تقدير الفوائد المترتبة على تقليص العجز والديون في الأجل القصير. ذلك أن الاقتصادين الأمريكي والأوروبي يختلفان اليوم إلى حد كبير عن الحال في مرحلة ما بعد الحرب ــ الحجم، وتقليص العجز والديون في الوقت نفسه في عديد من الدول، وأسعار الفائدة المنخفضة بالفعل، ووضع الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية الرئيسة.
*نقلا عن صحيفة الاقتصادية
|