هل تسير أمريكا على خطى أوروبا في 2013؟
السبت, 19-يناير-2013
فلويد نوريس -
قبل عام كانت الأسواق ترقب عن كثب التطورات في أوروبا ووراء ذلك هاجس متنام . وفي العام 2012 توقع البعض أن تتخلص منطقة اليورو من أعبائها . ومن جانبها لم تبد ألمانيا أية رغبة في المشاركة في الصندوق المالي الأوروبي المخصص لإنقاذ البلدان الأوروبية المتعثرة ما لم توافق هذه الدول على اتخاذ تدابير تقشف قاسية بصورة ترقى إلى التسليم بالسيادة الوطنية، وتلك أيضا أفكار كانت أقطار أخرى تأنف أن تنفذها .
وما تبع ذلك خلال العام 2012 انعقاد سلسلة من اللقاءات التي بدت غالبا أشبه بالنشاط الفندقي الذي شهدته سلسلة من العواصم الأوروبية أكثر منه محاولة لإيجاد حل لمشكلة الديون . وأعلنت نتيجة لتلك الاجتماعات اتفاقات مبدئية وهذا ما جعل الحياة تدب في الأسواق ولكنها لم تلبث أن تتهاوى ثانية عندما تتعثر عملية تطبيق التفاصيل .
وما نسيه الرافضون هو أن هناك في حقيقة الأمر التزامات مشتركة لإنقاذ اليورو، وفي كل الأحوال كل ما على الساسة والمصارف المركزية عمله هو اتخاذ ما يلزم لاجتناب الكارثة . وأخيرا، وفي شهر يوليو/تموز الماضي، جاء المصرف المركزي الأوروبي بخطة تضمن نطاق مصارف اليورو والحكومات المضطربة بأن هذه البنوك مسموح لها بالوصول إلى المال ولكن بنسب معقولة . وتابعت أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية نهجها فأغضبت بعض زملائها الألمان الذين كان يدور في خلدهم أن ميركل تصرفت بشطط وبصورة تخالف المبادئ الرئيسة .
إذاً فإن الحل يكمن في مبنى الكابيتول حيث يوجد نشاط أعضاء الكونغرس . وبقي أعضاء الكونغرس الذين بدأوا يودعون ولاياتهم، يعملون حتى اللحظات الأخيرة، وسط الكثير من الهرج والمرج الذي ساد المحافل السياسية قبل التوصل إلى اتفاق لتجنب “الهاوية المالية” ولا شك في أن هناك أسبابا للتذمر حول التفاصيل والمواعيد النهائية التي بقيت مترصدة في الكونغرس الجديد . لكن
النقطة الجوهرية كانت سماح البيت الجمهوري بالتوصل إلى التوقيع على وثيقة مهرها الأغلبية التي كانت تعارضها .
ولربما يلجأ بعض الجمهوريين إلى التهديد بمنع البلد من دفع فواتيره لإنجاز شيء قد لا يتيح التصويت لإنجازه . ولكن في حال نجحت السابقة الأوروبية فإن النتيجة النهائية ستؤدي على الأقل إلى تجنب كارثة .
ويحذر البعض من احتمال تحول الولايات المتحدة إلى يونان أخرى . والحقيقة فإن عجز الميزانية الحالي يعكس إلى حد كبير أمرين: انخفاض في العائدات الحكومية على نحو استثنائي واستمرار المشكلات التي تسببها الأزمة
المالية والركود الذي تبع انفجار فقاعة العقارات . إن إعادة الدخل الضريبي إلى مستوياته التاريخية، ونمو العائدات وتقليص الإنفاق الذي سيقود تلقائيا إلى تحسين الاقتصاد، وسيؤدي ذلك دون شك إلى حدوث تحولات كبيرة مختلفة.
وهناك أيضا قضايا لا بد من معالجتها في ما يتعلق بتكاليف العناية الصحية وحقيقة أن هناك نسبة أقل من العمال لكل متقاعد في الوقت الذي يتقاعد فيه الآباء الجدد . أما أولئك الذين يثيرون المخاوف من أزمة مطابقة للوضع في اليونان ينبغي أن يسألوا أنفسهم عن الأسباب التي تحدو بالحكومة على الاستدانة بأسعار فائدة تبقى منخفضة على نحو خارق للعادة . والواقع أن ثقة العالم بقدرة العم سام على دفع ديونه لا تزال كبيرة.
*نقلاً عن صحيفة "الخليج" الإماراتية.
|