أكاديميون يتحدثون حول أسباب ومبررات التعديلات الدستورية وأهميتها
الثلاثاء, 25-يناير-2011
الميثاق إنفو -
لم ولن يتوقف الجدل القائم حول مشروع التعديلات الدستورية، المنظورة حاليا للمناقشة والدراسة. "السياسية"، وبالتزامن مع هذه الفعاليات، استطلعت آراء عدد من الأكاديميين حول أسباب ومبررات التعديلات الدستورية وأهميتها وما يتعلق بالوضع الراهن... وخرجت بالحصيلة التالية:
في البدء تحدث نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية الدكتور أحمد الكبسي قائلا: "المعروف أن دستور الجمهورية اليمنية حديث، وتوجد الكثير من المتغيرات والتطورات التي أسفرت عنها الممارسة السياسية أو التجربة وبينت أهمية التعديلات الدستورية وتتطلب إعادة النظر في بعض مواد الدستور أهمها إضافة مادة من شأنها حماية المال العام تتمثل بإنشاء جهاز مركزي للرقابة والمحاسبة يتبع مجلس النواب كأداة رقابية، كون المجلس لا يمتلك أداة رقابية وإنما يعتمد على أداء وملاحظات أعضائه فمن الأهمية بمكان وجود هذا الجهاز والذي سيعمل أيضا على تطوير عمل المجلس وهذا هو أحد أسباب ومبررات التعديلات". وأضاف: "الشيء الآخر يتعلق بالمشاركة السياسية لنصف المجتمع (المرأة)، فأعتقد أن المبادرة بتخصيص "كوتا نسائية" غاية في الأهمية دعما للمشاركة السياسية للمرأة، أما بخصوص وجود غرفتين تشريعيتين ممثلتين بمجلسي النواب والشورى وإيجاد مجلس وسياق جديد يسمى (مجلس الأمة)، هو نوع من أنواع تطوير السلطة التشريعية، وبالمثل فيما يتعلق بتطوير السلطة المحلية كما وردت في مشروع التعديلات، وكذا مقترح إعادة النظر في فترة مجلس النواب من ست إلى أربع سنوات وفترة رئيس الجمهورية من سبع إلى خمس سنوات، خصوصا وأنه كان من الخطأ سابقا إجراء التعديل الدستوري الماضي بهذا الخصوص، كون تمديد الفترة تضعف الرقابة ما بينهما والناخبين". ويرى الكبسي أنه بالنظر جملة إلى مشروع التعديلات الدستورية فإنها تمثل نقلة نوعية في النظام السياسي اليمني كون النظام متطور والتعديلات مطلوبة، مشيرا إلى أن بعض المواد الواردة في التعديلات الدستورية بحاجة إلى أخذ وقتها من النقاش. وقال: "من الضروري إعادة النظر في شروط التشرح لعضوية مجلس النواب فمن العيب أن يستمر شرط (إجادة القراءة والكتابة)، باعتبار أن مجلس النواب يقوم بوظائف الرقابة والتخطيط والوظائف المالية من مناقشة الحساب الختامي والميزانية العامة للدولة، ويجب أن نوضح كيفية الربط بين مجلسي النواب والشورى والنص على عدم المساس بالثوابت الوطنية اطلاقا في أي تعديل وتثبيتها والمتمثلة بالنظام الجمهوري والتعددية الديمقراطية والسياسية والحزبية والحقوق والحريات والمواطنة المتساوية لكل أبناء الوطن".
دستور جامد من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري: "عند اللجوء للتعديلات الدستورية ينبغي أن تكون هناك مبررات وأسباب منطقية، مثلا إما أن بعض مواد الدستور لم تف بضرورة مجتمعية وسياسية أو لأن الواقع أثبت من خلال التطبيق أنها لم تعد صالحة، لكن الإشكالية أن غالبية مواد الدستور في النظام السياسي اليمني لم تطبق حتى يتم تعديلها ونجزم بأن دستورنا أقرب إلى الدستور الجامد تم تعديله مرتان عام 94 وعام 2001 وحاليا يتم التحضير لتعديل ثالث، ولكن ليس لإحتياج سياسي أو اجتماعي". وتساءل الظاهري عن النقاش الدائر حول السلطة التشريعية وتطويرها والتي قال إن لها مبرراتها متى نلجأ للمجلسين، ومتى نلجأ للمجلس؟"، وقال: "من وجهة نظري اليمن أقرب للمجلس الواحد ولذلك نحن لم نفعل مجلس النواب حتى ننتقل إلى نظام المجلسين وينبغي أن يفعل مجلس النواب وأن يتم إصلاح النظام الانتخابي والبيئة السياسية والاجتماعية".
جوهر الخلاف وأكد الظاهري أن مربط الفرس في مشروع التعديلات الدستورية هي المادة 112، التي تمدد السقف الزمني لرئاسة الدولة، بمعنى أن يغدوا النظام السياسي دون تداول وأن يستمر الحاكم دون تحديد سقف زمني، وهي جوهر ومحل الخلاف القائم، باعتبار أن الحاكم سيظل فيما نسميه بـ"التأبيد". وأضاف: "هذه المادة النافذة من أهم المواد التي كنا نتباهى بها في محاضراتنا في الجامعات وغيرها وفي وندواتنا ومؤتمراتنا داخل وخارج اليمن؛ لأن النظام السياسي اليمني بموجبها هو الوحيد الذي يتفرد على جميع الأنظمة السياسية العربية في أنه حدد سقفا زمنيا للبقاء في السلطة (رئاسة الدولة) بفترتين زمنيتين، ولكنها حاليا تتعرض للاغتيال، وبالتالي لدينا تمديد وليس تداول للسلطة، والتعديلات الدستورية في هذا الظرف وخاصة المادة 112 حق يراد بها باطل". ولا يرى الظاهري أن هناك ضرورة للتعديلات الأخرى فيما يتعلق بالكوتا النسائية وإعطاء النساء 44 مقعدا في مجلس النواب، باعتبار أن المرأة مازالت توظف سياسيا، وأنه من الضروري أن تؤدي الأحزاب السياسية وعلى رأسها الحاكم والمعارضة دورا تثقيفيا سياسيا واجتماعيا كي نصل إلى مرحلة مشاركة المرأة.
قلع الاستقرار السياسي وقال الظاهري: "حقيقة نحن نريد تعديل بعض مواد الدستور وأنا مع التعديلات كي يتكيف مع المتغيرات الجديدة، منها تعديل النظام الانتخابي من الفردي إلى النسبي (القائمة النسبية)، أو النظام الخليط ولكن لأن النظام السياسي اليمني يفتقر للمؤسسية الفعالة، فالعين هنا على المادة 112، لذا فالأهم أن ترى مواد الدستور الحالي النور، خاصة في الباب الثاني من المادة 41 إلى المادة 61، وتحديدا الحقوق والحريات والتي لم تفعل، والتعديل هو في إطار إما الواجبات التي يتحملها المواطن اليمني أو أنها تعديل لصالح السلطة التنفيذية وتحديدا لصالح قمة السلطة التنفيذية. ونوه إلى أن المقولة الفرنسية "أنا الدولة والدولة أنا" ما تزال لسان حال جميع النظم السياسية العربية، موضحا أن دستور الجمهورية اليمنية فيه ميزات كثيرة وتشوبه عيوب كثيرة، وينبغي سحب بعض الصلاحيات المبالغ فيها من السلطة التنفيذية للسلطتين التشريعية والقضائية، وبالتحديد لتحقيق استقلالية القضاء".
المرأة الكفؤة من جهتها ترى رئيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان رجاء المصعبي أن هناك ضرورة ملحة لإجراء التعديلات الدستورية، لعدة أسباب أبرزها تمكين المرأة من الوصول إلى قبة البرلمان، موضحة أن مشروع التعديلات مهم في هذه المرحلة التي ترفض فيها غالبية الأحزاب عدى الحزب الحاكم ترشيح النساء للبرلمان دون مبرر سوى أنهن غير مؤهلات –(حد قول تلك الأحزاب)- وأن الشعب غير واعي ولا يمكن أن يرشح امرأة لمجلس النواب، في حين الأمر عكس ذلك خاصة وأن شروط الترشح لمجلس النواب سواء في الدستور النافذ أو قانون الانتخابات "إجادة القراء والكتابة"، والشعب واعي تماما بأهمية ترشيح المرأة الكفؤة وغالبيتهم يؤمنون بقدرات النساء في إحداث تنمية حقيقة وتنفيذ وعودهن". وأضافت المصعبي: "المسألة ليست بهذه المبررات فهذه الأحزاب لها حسابات أخرى مفادها إقصاء النساء من المشاركة في السلطة التشريعية لذلك نؤيد فكرت الكوتا النسائية ومنح نسبة 15 بالمائة من مقاعد مجلس النواب للمرأة اليمنية، أي 45 مقعدا وليس 44 مقعد كما وردت في مشروع التعديلات كما يجب إشراك كافة الأطياف السياسية في مناقشة التعديلات حتى تؤخذ جميع الملاحظات بعين الاعتبار".
تفعيل واستقلالية ولا تتفق المصعبي مع ما ورد في مشروع التعديلات فيما يخص حماية المال العام على أن يتم إنشاء هيئة وطنية للرقابة والمحاسبة كون ذلك يتطلب تكاليف جديدة وميزانية، موضحة أنه من غير المعقول بين الحين والآخر يتم إنشاء هيئة جديدة لمكافحة الفساد، والتي قالت إنه في حال عدم توفر الرغبة لإصلاح الفساد لن تتمكن 600 هيئة مكافحة الفساد من إصلاحه، وأن مكافحة الفساد تأتي من الداخل وليس من الخارج. واقترحت تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة القائم حاليا وضمان استقلاليته وإعطاءه صلاحيات أوسع أهمها المحاسبة بدءا بالوزير قبل المدير، لما له من أهمية في حماية المال العام".
أقدس وثيقة وفي سياق متصل قال أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة صنعاء الدكتور عدنان المقطري: "قبل الحديث عن التعديلات الدستورية ينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن الدستور وثيقة تتسم بالسمو والصدارة على غيرها من الوثائق والقواعد القانونية فهو أقدس وثيقة لتنظيم شؤون البلد ولذا فإنه يجب أن يكون التساؤل الرئيسي ما هي ضرورة أية تعديلات يتم إجراؤها وبقدر أهمية الدستور فإنه يقتضي إجراء التعديلات وفقا للمتغيرات والظروف، فالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي يتصف بالحركة والتغير". وأكد المقطري ضرورة أن تكون التعديلات الحالية نهائية "حتى نحتفظ بمكانة الدستور ونضمن الاستقرار الدستوري".
نظام برلماني إلى ذلك يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور فؤاد الصلاحي: "التعديلات المطروحة حاليا للنقاش ليست تلك التي تم الاتفاق عليها سابقا بين الحزب الحاكم والمعارضة والتي شملت بعض البنود الخاصة بمدة الرئاسة إلى خمس سنوات وسلطتين تشريعيتن -وهذا جيد- وتطوير قانون الانتخابات وتعديله لكن لم يتضمن اتفاق الطرفان عدم تحديد فترة الرئاسة كما ورد في مشروع التعديلات وهذه مسألة لا تدخل حتى ضمن السياق الديمقراطي فأي بلد ديمقراطي في العالم أجمع يحدد فترة الرئاسة بفترتين ولا يمكن وضع نص مفتوح إلى الأبد فمن سمات الديمقراطية تحديد سقف زمني". ويرى الصلاحي أن أبرز القضايا المهمة هي تلك المتعلقة بقانون الانتخابات والسلطة المحلية والتي كان من الممكن أن تعتمد حكم محلي واسع الصلاحيات أو كما طرحتها بعض الأحزاب وضع فيدرالي في البلد وعليه سلطة مركزية بين إقليمين، مؤكدا ضرورة وحاجة البلد إلى تطوير النظام السياسي. وقال: "كنت ومازلت من الذين يدعون إلى تعديل هيكلي في بنية النظام السياسي من خلال بناء نظام سياسي برلماني تكون السلطة السياسية بيد رئيس البرلمان المنتخب من الشعب وتعطى رئاسة الجمهورية صلاحيات محدودة، فالمعروف أننا تاريخيا عرفنا وشهدنا النظام الرئاسي ولم نجرب النظام البرلماني والذي أتصور أن فيه الكثير من التجاوز للأزمات القائمة وحل لبعض الاشكالات المرتبطة بتكثيف السلطة الخاصة بيد الرئيس"، مشيرا إلى أن وجود تعديل في قانون الانتخابات يعتمد القائمة النسبية سيمكن الأحزاب من الظهور بقوة في البرلمان، "كما أنه ومع وجود السلطة التنفيذية بيد رئيس الحكومة ستتمكن منظمات المجتمع المدني والمجتمع بشكل عام من أن يكون له صوت مقرر في وضع السياسات العامة في البلد".
إجماع وطني وأضاف الصلاحي: "عندما أدعوا إلى تطوير النظام السياسي من خلال المؤسسات فالدستور هو احد الاليات الأساسية في بناء نظام سياسي ولكن الدستور لا يجوز بأي حال من الأحوال ان ينفرد طرف سياسي واحد بتعديله أو بناء نصوصه ولا يجوز حتى للسلطة والمعارضة مجتمعين والذين يمثلون في الأخير 20 بالمائة من السكان بالكثير، وإنما يتطلب هذا إجماع وطني بعد أن تراجع الحكومة والبرلمان والأحزاب نصوصه التي تتطلب التعديل يقدم للإستفاء العام للشعب مادة، مادة، كونه هوية البلد بكاملها ولا يخص حزب أو طرف معين حصل على الأغلبية سواء بالتزوير أو غيره، فالدستور مراد له أن يحدد طبيعة النظام السياسي في البلد بالكامل"، متسائلا: "لماذا يغيب البلد!".
يدعو إلى القلق في المقابل يرى الصلاحي أن هناك ضرورة لإجراء التعديلات الدستورية كون الانتخابات وفق القائمة الفردية أمر غير مجدي على الإطلاق. وقال: "القائمة الفردية احتكار لمراكز قوى تقليدية وحديثة وأصبحت معروفة في الساحة، ومن ثم تغيير القانون مهم وبالنسبة للتعديلات الدستورية ينبغي أن لا نجعل من الدستور ألعوبة". وأشار إلى أن الدساتير في العالم أجمع لها حرمة ولا يتم تغييرها كل سنة أو سنتين، منوها إلى أنها -الدساتير- تضع خطوطا عامة لهوية البلد والنظام السياسي ثم تأتي القوانين لتفسرها. وقال: "دستور الجمهورية اليمنية نمضي به حاليا إلى التعديل الثالث خلال عشرون عاما، وهذا أمر يدعو إلى القلق مع العلم أننا لم نعش حياة دستورية برغم أن اليمن عرفت الدساتير منذ سنوات سابقة في الشطرين، بدليل أنه حتى الخلافات السياسية بين المعارضة والسلطة يتم حلها بصفقات حزبية خارج الدستور والقانون. وأضاف: "من هنا ما زلنا كدولة ديمقراطية ناشئة بعيدين عن الاحتكام للدستور، بمعنى آخر العملية السياسية في البلد لا تحتكم للدستور ولكنه يستخدم مكسبا للتذرع به من هذا الطرف أو ذاك وهو ما ينبغي معالجته".
مرحلة مأزومة ويؤكد الصلاحي أنه طالما غابت أحزاب المعارضة فمن حق الحزب الحاكم أن يجري انتخابات منفردا مع بعض الأحزاب الصغرى الموجودة في الساحة، كما حصل في جمهورية مصر العربية وكثير من دول العالم، لافتا إلى أن هذا الإجراء تعميق للأزمة ولن يحل الاشكاليات القائمة. وقال: "الأفضل إجراء حوار مفتوح بمشاركة شاملة من كل القوى السياسية في البلد, كوننا نمر في مرحلة مأزومة". وانتقد الصلاحي تكثيف الحديث عن الانتخابات وكأنها المفتاح السري لحل كافة الأزمات القائمة، موضحا أن هناك أزمات تحتاج إلى حلول أخرى بعيدا عن الانتخابات، كأزمة صعدة، والحراك، والقاعدة، والأزمة الاقتصادية، "وهي أزمات تتطلب تغيير في السياسيات التي تعتمدها الحكومة والنخب التي يوكل إليها صنع السياسات داخل السلطة التنفيذية". وقال الصلاحي: "ومن هنا على الرئيس إذا أراد أن يخطو خطوة جادة أن يعمل على تغيير الطاقم الحكومي برمته، فالحكومة وكثير من المستشاريين لم يعد لديهم فاعلية حقيقية، والأحداث التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا، وتحديدا تونس تؤيد الحاجة إلى ما أقوله". وأضاف: "لا بد من أن تكون السياسات الاقتصادية والعامة في البلد وعلاقة الحكومة بالمواطنين علاقة تعتمد على القانون والدستور وليس على السياسات الارتجالية، فالمجتمع أصبح متعكر المزاج الفردي والجمعي"، مؤكدا أن السائد حاليا "مزيدا من تعكير المزاج وتنفير المواطنين سيدفع بالناس إلى تفجير الموقف". واختتم الصلاح حديثه قائلا: "إذا ما كان هناك رؤية عقلانية من السلطة -والرئيس بالذات- لتغيير الحكومة والسياسات الاقتصادية والنزول إلى حاجة المواطنين بحكم محلي حقيقي وانتخابات جادة وفق آلية جديدة، من شأن كل ذلك زحزحة الأزمات القائمة وإخراج اليمن من بؤرة الأزمات ووضعها على الطريق الصحيح السليم الذي يمكن الدفع به بشكل متقدم نحو الحلول السليمة".
إهانة المجتمع من جانبه قال أستاذ القانون العام المساعد بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء الدكتور محمد الغابري: "المبررات الواردة في المذكرة الخاصة بالتعديلات الدستورية، أمور منها لامست الواقع ومنها ما يمكن القول إنه لا يتطلب هذه المبررات وخاصة ما يتعلق بالمادة 112 الخاصة بفترة رئاسة الدولة". وأشار إلى أن "المبررات التي أوردها مقترحي التعديل تقول بأننا قفزنا على الواقع بدءا من عام 94 وأن المجتمع غير مهيأ، وهذا من وجهة نظري لأفراد المجتمع، كونه لا يعقل أن الناس تتقدم إلى الأفضل ونحن نتقهقر في المنظومة السياسية إلى الوراء، فالمجتمع اليمني استوعب العملية السياسية وبدأ يتطور شيئا فشيئا"، داعيا أعضاء البرلمان الاعتذار للشعب عن التبرير. ولفت إلى أن المجتمع الأميركي -على سبيل المثال- لم يلغ هذه المادة برغم أنه شهد حروب وظروف ومحاولة انفصال لكنه لم يتجرأ لتغيير هذه المادة التي تحدد فترة رئاسة الجمهورية بولايتين. وقال: "المادة 112 بوضعها النافذ تعد من عوامل إنجاح الديمقراطيات الناشئة، كون ذلك سيساعد على اهتمام وانخراط كافة القوى السياسية وأفراد المجتمع في الاهتمام وتأهيل القيادات القادرة للمنافسة، كما سيساهم في الاستقرار والتغيير المتوالي فيما يتعلق بالحياة السياسية في هذا المنصب والذي كان في السابق -أي قبل الوحدة- لا يمكن الاقتراب منه, وبالتالي ينبغي أن يترك هذا النص كما هو, وأعتقد أن البرلمان بدأ يتراجع عن ذلك وهو تراجع إلى الحق". ورأى ضرورة إلغاء الألفاظ الواردة في شأن الحكم المحلي، (واسع أو كامل الصلاحيات)، كون الحكم المحلي إذا طبق له شروط ومحددات، في إطار الدولة الموحدة وإدارة الشؤون المحلية تحت إشراف السلطة المركزية والتي تساعدها على رسم الخطط وتطوير البرامج وإعداد السياسية والتنمية المتسارعة لهذه الأقاليم أو المحافظات، منوها بأن الشرطة المحلية كما طرحت في مشروع التعديلات ربما تكون انعكاس سلبي وليس إيجابي في تطوير بنية النظام السياسي اليمني، وأنه لا يتفق مع إنشاء سلطة محلية؛ كونها في إطار الوضع اليمني الراهن ستساعد على عملية انكفاء كل محافظة على ذاتها وربما يؤدي إلى تهديد وإيجاد نوع من التفكيك في إطار المحافظات اليمنية وانضواء كل محافظة على ذاتها. وطالب الغابري بضرورة توضيح ما يتعلق بشغر المقاعد المخصصة للنساء باعتبار أنها ما زالت غامضة في مشروع التعديلات وتركت للقانون ليحدد ذلك. وقال: "ربما أن واضعي المقترحات ليس لديهم الصورة الكافية لهذا الجانب وربما وضع باستعجال لتغطية شأن سياسي معين وهذا قد يؤدي فيما بعد إلى إشكالات سياسية ودستورية". وأكد الغابري أن اليمن ليس بحاجة إلى نظام المجلسين كون ذلك مكلف اقتصاديا وتكرار للصلاحيات والإجراءات المتعلقة بالتشريع، وأنه لا ينبغي الاستعجال في هذا الجانب، موضحا أنه في حال أقر هذا الاقتراح يجب تحديد مهام واختصاص المجلسين بشكل واضح ليؤدي إلى إخراج نص تشريعي أقرب لتنظيم الاحتياج الذي يحتاجه المجتمع.
لا تتوافق مع التزامات المؤتمر أخيرا، قال رئيس دائرة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالمؤتمر الشعبي العام - مستشار رئيس الوزراء، الدكتور محمد عبد المجيد القباطي، إن التعديلات الدستورية المقترحة لا تتوافق مع ما جاء في التزامات حزب المؤتمر الشعبي العام، مشيرا إلى أن هذا التعديلات لم تشر إلى قانون حكم محلي كامل الصلاحيات كما لم تشر إلى نظام قانون انتخابي نصفي بالنسبة حسب ما التزم به المؤتمر. وأكد ضرورة أن تأخذ التعديلات في الاعتبار ما التزمت به حكومة المؤتمر الشعبي وما التزم به المؤتمر الشعبي حتى يقبل بها الناس، لافتا إلى أن التعديلات الحالية لا تستجيب لمثل هذه الالتزامات.
نقلا عن صحيفة السياسية
|