حدود تأثير اللوبي الإسرائيلي في واشنطن
الاثنين, 22-مارس-2010
الميثاق إنفو - بمناسبة توتر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، يعي تقرير واشنطن نشر حديثة مع العديد من الشخصيات البارزة في عالم السياسية والصحافة والمجال الأكاديمي بالولايات المتحدة حول الجدل الدائر حول تأثير اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة
ماذا قال ستيفن والت؟ في ظل كل هذه الانتقادات بتضخم تأثير اللوبي الإسرائيلي ذهبنا إلى صاحب الأمر، ستيفن والت. وردا على منتقديه قال والت لتقرير واشنطن في مكالمة تليفونية "أنا وميرشيمر لم نزعم أن اللوبي الإسرائيلي هو العنصر الوحيد الذي جعل الولايات المتحدة تخوض الحرب في العراق. اللوبي كان عنصرا ضروريا لبداية الحرب، رغم أنه في حد ذاته شرط غير كاف. اللوبي ليس باستطاعته أن يبدأ الحرب وحده، ولكن بدون جهوده الحرب كانت ستكون أقل احتمالا. اللوبي لم يقد الطريق للحرب وحده، ولكنه جزء هام من قصة الحرب بالعراق." وأوضح والت أن الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني لم يؤيدا خيار الحرب على العراق، إلا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكن في الخلفية السياسية كثف اللوبي جهوده لدعم فكرة الحرب سواء قبل أو بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001.
ومن أكبر المؤيدين لموقف والت وميرشيمر، يوجين بيرد، الذي عمل بالخارجية الأمريكية بين عامي 1952-1975. ووصف بيرد الدراسة بأنها مجهود رائع وأن كان هناك حاجة ملحة لمثل هذه الدراسة حيث "أن المجتمع الأمريكي لا يزال مقتنع بمقولة أن إسرائيل ضعيفة للغاية، ومحاطة بقوات عربية هائلة." وأشار بيرد، وهو رئيس مجلس المصلحة العامةCouncil for National Interest الذي يهدف لتغير مسار سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، أن اللوبي الإسرائيلي له الحق في التنظيم السياسي لأنه حق مشروع قانونيا ودستوريا، ولكن ليس من حقه أن يستخدم أسلوب التخويف ضد المحررين والإعلاميين على حد تعبيره.
مناقشة اللوبي الإسرائيلي: لماذا الآن؟؟؟ والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذه المناظرة الهامة هو لماذا قرر المجتمع السياسي الأمريكي تناول مسألة اللوبي الإسرائيلي وطبيعة تأثيره على السياسة الخارجية الأمريكية؟ فدور اللوبي الإسرائيلي في واشنطن هو عبارة عن "معلومات عامة داخل العاصمة الأمريكية" مثلما أشار ستيفن والت في حواره مع تقرير واشنطن. وهذه ليست أول محاولة لمفكر أمريكي لتناول هذه القضية المهمة، فعلى سبيل المثال، فقد نشر بول فيندلي عضو سابق في مجلس النواب منذ أكثر من عشرين عاما، كتاب "هم تجرئوا على الكلام" They Dare to Speak Out الذي يتحدث عن دور اللوبي الإسرائيلي في الحملة المعادية التي أدت إلى الإطاحة به من منصبه أثر هزيمته في الانتخابات البرلمانية عام 1982.
وأبدى فيندلي رأيه لتقرير واشنطن بأن الولايات المتحدة تواجه موقفا لا تحسد عليه في العالم. "نحن في حالة حرب حرجة تسببت في إهدار دماء الكثير من المواطنين الأمريكيين، والثمن الذي ندفعه بدمائنا لهذه الحرب جعلت الكثير من الصحف تتكلم عن موضوع اللوبي الإسرائيلي." وقال فيندلي إن العالم العربي عليه أن يعلم أن "هناك العديد من الأمريكيين مستعدون للتغلب على كل المعوقات ليتكلموا من أجل إظهار الحق."
ومن ناحيته، يعتقد السفير ديفيد ماك أن تداعيات تورط اللوبي الإسرائيلي في التخطيط للحرب ضد العراق أعطت الجدل الدائر حول اللوبي وتأثيره اهتماما أكبر. كما قال إن وسائل الإعلام الأمريكي التي عادة ما تتسم بـ "الإهمال" في تغطية اللوبي الإسرائيلي، وضعت في موقف حرج عندما غطى الإعلام العالمي عواقب نشر دراسة والت وميرشيمر، في حين تجاهل الإعلام الأمريكي الخبر، ولذا شعرت وسائل الإعلام الأمريكية بالقلق، وقررت تغطية القضية بأسلوب أكثر صراحة لم نتعود عليه في الماضي.
وفي تصريحات غلين فرانكيل لتقرير واشنطن (وهو كاتب مقالة الوشنطن بوست الحديثة عن اللوبي الإسرائيلي) قال إن هذا الموضوع كاد أن يشابه "الفيل الكبير في الحجرة والذي يتجاهله الجميع." وقال إن لا شك أن الحرب في العراق دفعت العديد من الناس بالمجتمع الأمريكي للتساؤل: "ما الذي دفع بنا لهذه الحرب؟ من هم الأفراد وراء هذا القرار؟ ما طبيعة المعلومات التي كانت بحوزتنا قبل بداية الحرب؟" ورغم أنه يعتقد أن اللوبي ليس العامل الذي دفع الولايات المتحدة للحرب، يقول لنا فرانكيل إن كل هذه التساؤلات، أعطت نتائج بحث والت وميرشيمر مكانة كبيرة في النقاش الأمريكي العام. ولكن من أهم العوامل التي لفتت انتباه العديد من الناس، هي أن مؤلفي الدراسة يتمتعون بمكانة مرموقة بالمجتمع الأكاديمي ولذا أصبح موضوع الدراسة "شيء لا يمكن تجاهله". واتفق غوز مع هذا الرأي موضحا أن والت وميرشيمر "لم يكونا مرشحين متوقعين لكتابه دراسة مثل هذه، فهما ليسا معروفين بأي ميول سياسية مؤيدة للعرب. وهما يحظيان باحترام كبير في مجال دراسات العلاقات الدولية، لهذا استمع الناس إليهم بالرغم من أن دراستهم كانت مجرد إعادة صياغة لما قاله آخرون من قبل لسنوات عديدة."
ومن ناحيته أجاب والت: "في الحقيقة بدأنا البحث الخاص بهذه الدراسة في خريف عام 2002 [قبل بداية الحرب في العراق، عندما دعتنا مجلة أتلانتك مانثلي Atlantic Monthly لكتابة موضوع عن هذه القضية، وإن أنتيهما من هذه الدراسة بعد بداية الحرب." وأضاف والت أن بعدما أفادتهما المجلة أنها لن تنشر الموضوع، قررا أن يتقدما بهذه الدراسة لجهة أخرى بهدف نشرها، ولم تسفر هذه الجهود عن أي نتائج حتى ربيع هذا العام!. و قال والت لتقرير واشنطن إن الأهمية التي أعطتها وسائل الإعلام الأمريكي لهذه الدراسة تتمثل في سببين أساسيين: أولا: هناك اعتقاد سائد أن الولايات المتحدة تواجه مشاكل عميقة بالعالم العربي والإسلامي. وهذا واضح في تطورات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، الموقف الجاري بالعراق والمواجهة الراهنة مع إيران، ومشكلة الإرهاب الجهادي. ومن الواضح أن هناك خطأ كبيرا في وضعنا الحالي في هذه المنطقة. ولذا يتساءل العديد من الواعيين بتلك الحقائق ’ما السبب في كل هذا؟‘ " ثانيا: الاهتمام ليس بالأشياء التي ذكرتها أنا وميرشيمر في الدراسة، السبب في الاهتمام هو أن هذه الحقائق المعروفة رددها أثنان من أكثر الشخصيات الأكاديمية احتراما من جامعتين كبيرتين، وغير معروفين بآراء يسارية، أو أي ميول منحازة للموقف العربي أو الفلسطيني، ويتمتعون بخلفية ومعتقدات لا توحي بأي قدر من المعاداة للسامية."
مسألة اللوبي الإسرائيلي ومستقبل الخطاب السياسي الأمريكي وسأل تقرير واشنطن الخبراء إذا كانوا يظنون أن صعود موضوع اللوبي الإسرائيلي على الساحة الإعلامية الأمريكية سيغير من آراء المجتمع الأمريكي عن سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط، وبالأخص الصراع العربي-الإسرائيلي. وإن كان هناك تفاؤل حذر من وجهة نظر بعض الأشخاص، فأجمعت معظم الآراء أن تغيير نظرة الفرد الأمريكي وصناع القرار تجاه سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سيتطلب مجهودا كبيرا.
يعتقد غريغوري غوز أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ليس سياسة المحافظين الجدد وحدهم، فهي مبنية أيضا على الفكر الليبرالي اليساري الذي يعتقد "أن دعم النظم الديمقراطية يجب أن يكون عاملا أساسيا في صناعة السياسة الأمريكية، وذلك يتناقض مع تفكير "الواقعية" Realism الذي يحث على أن السياسة الأمريكية يجب أن تتماشي مع مبدأ المصلحة الوطنية، وذلك هو المبدأ الذي يتبناه والت وغيره.
" كما قال إن من المترقب أن تواجه الولايات المتحدة علاقات متوترة مع العالم العربي-الإسلامي مما يقوي من الرأي أن "إسرائيل بلد ديمقراطي ويجب أن نقف بجانبها."
ويقول صحفي الواشنطن بوست، غلين فرانكيل "هناك إحساس سائد في الولايات المتحدة أن إسرائيل تواجه الإرهاب وعلينا أن نقف بجانبها. بالطبع هناك قلق حول قتل المدنيين العرب [أثر العمليات الإسرائيلية العسكرية] ولكن علينا أن نتساءل من هم أعداء إسرائيل؟ حزب الله وحماس. وهذه المنظمات لا تتمتع بلوبي بالولايات المتحدة، ولذلك هناك إجماع في الكونغرس حول أهمية العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بصرف النظر عن إذ كانت هذه السياسية صائبة أم خاطئة."
وأشار فرانكيل أن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 "الدعم لإسرائيل أصبح أكثر صلابة حيث أن إسرائيل نجحت في خلق دور هام لنفسها في الحرب ضد الإرهاب، ولا أتوقع أن تلك الظاهرة ستتغير، وبالتالي لا أتوقع تغيرا جادا في النقاش حول العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية."
أما عن بول فيندلي فقال إن اللوبي الإسرائيلي لا يزال يتمتع بنفوذ هائل وكبير. "ورغم كل هذا النقاش أعتقد أن اللوبي لم يسقط قتيلا في هذه المواجهة."
وفي وجهة نظر روزنبيرغ رئيس التحرير السابق لتقرير "نير إييست" Near East Report الصادر عن أيباك بأن قوة منظمة أيباك اليوم تفوق قوتها في عهد الثمانينات. "في الماضي إيباك لم تكن حريصة على لعب دور نشط لاستخراج التشريعات الداعمة لإسرائيل من الكونغرس. كانت المنظمة تنتظر حتى وقت التصويت بالكونغرس على تشريعات أو قرارات معنية بإسرائيل، وحينئذ كانت تضغط أعضاء الهيئة التشريعية للتصويت لصالح أهدافها. ولكن اليوم الأمر يختلف. أيباك أصبحت أكثر نشاطا لدرجة أنها تكتب بعض قرارات الكونغرس. فعلى سبيل المثل، إذا فازت حركة حماس بالانتخابات الفلسطينية تعد أيباك النسخة الأولية لمشروع قرار الكونغرس حول هذا الموضوع وتعطيه لأحد الأعضاء ليقترحه في الجلسة الرسمية."
وأوضح روزنبيرغ أن علاقة أيباك بالإدارة الأمريكية أصبحت أكثر صلابة خلال العهد الماضي. "فبعد فوز إسحاق رابين بالانتخابات الإسرائيلية في بداية التسعينيات، تقابل رئيس الوزراء الرحل مع إيباك، وقال لهم إنه يعزم أن يتعامل مع الحكومة الأمريكية بشكل مباشر لا من خلال إيباك." والسبب في ذلك أن "رابين لم يكن راض عن بعض عناصر إيباك التي في رأيه كانت معارضة لعملية السلام ومنهم ستيفين روزن [المتهم في قضية تجسس في الوقت الحالي]. ولقد أمر رابين بفصل روزن من إيباك ولكن المنظمة رفضت." وأشار روزنبيرغ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو كان أكثر اعتمادا على إيباك في إطار إدارة علاقته بالولايات المتحدة. "نتنياهوا عين لمنصب نائب رئيس البعثة الإسرائيلية بالولايات المتحدة ليني بن داود الذي عمل بإيباك لمدة 25 سنة قبل خدمته بالسفارة." ويرى أن وضع إيباك اليوم أقوى بكثير عما كانت عليه من قبل حيث أن المنظمة "أصبحت أكثر ميلا للحزب الجمهوري الحاكم حاليا."
وأما عن والت فأنهى حواره مع تقرير واشنطن بالإعراب عن أمنيته لأن نشاهد سياسة أمريكية خارجية أكثر تماشيا مع المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط، وذكر "لا أعتقد أن ذلك سيحدث بين ليلة وضحاها."
نقلاً تقرير واشنطن- هشام سلام
|