منجز بين منجزين.. ثورة اكتوبر وذكريات مناضلين
الأربعاء, 21-أكتوبر-2009
الميثاق إنفو - لم تأت ولم يكن لها أن تأتي ثورة الـ14 من أكتوبر 1963 ضد الاستعمار البريطاني الجاثم لولا مراحل النضال المرير لأولئك الأبطال الذين تخلوا عن الأنانية وحب الذات وروو بدمائهم الزكية الطاهرة شجرة الثورتين "سبتمبر وأكتوبر" لينعم بثمارها الطيبة الأجيال اليمنية من بعدهم, ذلك ما قاله عبدالحليم محمد عبدالله ـ رئيس إتحاد الطلاب بمحافظة تعز ابتداء من عام 1963 وحتى نهاية عام 1966.
** بداية نضالات الشعب في استطلاع بمناسبة العيد الـ46 لثورة 14 أكتوبر أجرته "السياسية" أشار عبد الحليم إلى أن هذه الكوكبة المضيئة من الرجال الأوفياء الذين أضاءوا لشعبنا طريق الثورة حتى النصر جدير بنا ونحن ننعم بخيرات الثورتين كأقل تقدير عرفاناه ووفاء لهم أن نتذكرهم ونتذكر نضالاتهم وأغلى ماقدموه للشعب والوطن متمثلا في دمائهم الزكية الطاهرة التي سالت على تراب الوطن وأن نترحم عليهم. يقول عبدالحليم البالغ من العمر حوالي61 عاما: "أما من خانتنا الذاكرة عن ذكر أسمائهم سواء كانوا شهداء أو أحياء يرزقون فهم في قلوبنا وحدقات أعيننا ولسنا هنا بصدد أن نسطر التاريخ ونضعه بحيثيات الأحداث فذلك شأن مؤرخي الثورتين ومراحل نضالات الشعب على مر التاريخ لكنني سأحاول تسليط الضوء على مراحل من ثورتي 26سبتمبر و14 أكتوبر بقدر الإمكان, فكما هو معروف أن نضالات شعبنا بدأت بتكوين حزب الأحرار الذي خاض نضالا مريرا ضد الإمامه وحكمها الكهنوتي عشرات السنين وقدم الشهيد تلو الشهيد, وأنشأت الإمامة سجن "حجة" ليكون معقلا للأحرار وتقدم للشهادة حينها الكثير من المناضلين (اللقية, العلفي, الهندوانة, والقردعي وغيرهم) ووثق بالسلاسل والأغلال كل من الشهيد محمد محمود الزبيري والمقالح والكثيرون غيرهم, وقام الأحرار بالعديد من المحاولات والثورات لإنهاء الإمامة الذي ظل العنوان البارز لسلوكها وممارساتها في حكم الشعب على مئات السنين (الجهل والفقر والمرض)".
** أروع أمثلة الوفاء والإخلاص وزاد: من أبرز تلك الثورات والمحاولات ثورة 48 ومحاولة قتل الإمام الطاغية في الحديدة وعلى أثر ذلك أنشأ تنظيم الظباط الأحرار الذي جاء صدى قوي وامتداد طبيعي لثورة ثلاثة وعشرين يوليو 1956 معبرا عن نضالاته المريرة بالأهداف الستة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر وتتويجا لنضالات الأحرار تمت الانطلاقة الكبرى لثورة 26 سبتمبر 1962 لتقضي على أعتى نظام كهنوتي رجعي عرفته البشرية راسمة بأهدافها الستة طريق الثورة وتحقيق المنجزات المطلوبة على الصعيدين الداخلي والخارجي للوطن, وضرب شهداء الثورة باستشهادهم أروع أمثلة الوفاء والإخلاص للشعب والوطن وتقدمهم بذلك كل من الشهيد علي عبدالمغني وعبدالرحمن المحبشي والشراعي وغيرهم, وسار على طريقهم علي عبدالله السلال ورفقائه وأيضا حمود الجائفي وحسين الدفعي وعبدالله جزيلان وغيرهم".
** مرحلة جديدة من النضال مشيرا إلى أن النضال والصمود بعد ذلك تحول إلى نضال ضد التآمر الذي كان يهدف إلى القضاء على الثورة والنظام الجمهوري بمختلف الطرق والوسائل وقتلهما في المهد ومن أبرزها تجنيد المرتزقة من خارج وداخل الوطن والقيام بالتفجيرات المتتالية داخل المدن من أجل إثارة نقمة وغضب شعبي على الثورة والنظام الجمهوري وإقامة مؤتمرات من أجل الدعوة إلى قيام الدولة الإسلامية والنصف ملكية ومنها مؤتمرات (خمر ـ عمران ـ أركويت في السودان ـ الجند) وأن هذه الحروب والتآمرات الملكية والرجعية ضد الثورة تمخض عنها حصار السبعين يوما. لافتا إلى أن كل الشرفاء والأحرار من أبناء الوطن كحتمية ضرورية تحولوا بنضالهم إلى مرحلة جديدة وهي الوقوف والنضال بلا هوادة ضد تلك المؤتمرات والمؤامرات الرجعية الملكية ونضالا شرسا بمستوى شراسة العدو عنوانه (الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري ومكاسبهما). وأضاف: "أعلن حينها الاستنفار والتعبئة العامة لكافة الطاقات والإمكانات الإبداعية والخلاقة على كافة المستويات (عسكريا وشعبيا) وتشكلت طلائع الحرس الجمهوري من كافة أبناء الشعب دون استثناء شماله وجنوبه وأنطلق أبناء الكلية الحربية من الضباط الأشاوس بمختلف أنواع الأسلحة ليسطروا وبدمائهم أسمى أيات التضحية والنضال في جبال اليمن ووديانها كما تشكلت الاتحادات العمالية والشبابية والطلابية والمقاومة الشعبية بقيادة كوكبة مضيئة من المناضلين الشرفاء أمثال: (عبدالقادر سعيد, عبد الرحمن شجاع الدين, عبد الغني مطهر, علي قاسم سيف, عبدالله أحمد ثابت, عبد الرحمن محمد سعيد, عبد الباقي محمد سعيد, أحمد محمد الحربي, سعيد الجناح, عبدالله أحمد نعمان, محمد عبدالله المساح, عبده سعيد طشان, عمر محمد عبد الصمد, عبدالله شمسان, وغيرهم) وانتصروا على تلك المؤامرات". موضحا أنه حضر مؤتمر الجند كممثل لإتحاد الطلاب وكانت كلمته دفاعا عن الثورة ونظامها الجمهوري كما هي كلمة ممثل اتحاد الشباب وإتحاد العمال. منوها إلى أنه إذا كان هناك ما يمكن أن يقدم له جزيل الشكر والعرفان فإن ما يستحق أن نقف إجلالا وإكبارا له هو دعم جمهورية مصر العربية بقيادة البطل التاريخي جمال عبدالناصر قائد ثورة 23 يوليو والتي لم تبخل بدعمها المادي والمعنوي إلى جانب شعبنا من أجل انتصار الثورة حيث توج هذا الدعم اللامحدود بقرابة خمسين ألف شهيد وفي مقدمتهم الشهيدين المناضلين عبدالمنعم سند, ونبيل الوقاد. من هنا بدأت ثورة 14 أكتوبر وأكد عبد الحليم المتقاعد منذ حوالي ثلاثة أعوام أنه خلال مرحلة الدفاع عن الثورة الذي شارك فيه أبناء شعبنا اليمني من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ظل الشغل الشاغل لعقول كل اليمنيين شمالا وجنوبا ضرورة طرد الاستعمار البريطاني من الجنوب اليمني المحتل ولم يكن باستطاعته ولا بإمكان ثورة سبتمبر الأم أن تترك أو تتخلى عن ابنها الجنوب وهو مختطف من قبل الاستعمار البريطاني منذ قرابة 100عام. ونظرا للزخم الثوري الذي أتسمت به ثورة سبتمبر الأم فقد بدأت بمد جذورها لتشعل نار الثورة ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب. وعلى أثر ذلك ـ حد قوله ـ تم البدء بتكوين الأحزاب السياسية السرية والتنظيمات النقابية المناوئة للإستعمار البريطاني وتبني الدخول بمرحلة النضال المسلح بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وتم نشر فدائي الجبهة القومية في مختلف مدن ومناطق الجنوب المحتل بدءا بمدينة عدن وانتهاء بجبال ردفان وفتحت مدينة تعز وظلت مدينة مفتوحة ليستريح فيها مناضلو الثورة والفدائيون القادمين من مختلف مناطق الجنوب بعد عودتهم من تنفيذ مهامهم النضالية ومن ثم يتم تزويدهم بكافة الإمكانات من الأسلحة والمؤن التي تعينهم على تنفيذ المراحل المختلفة ضد الاستعمار.
** جرس اعلان للمناضلين وأوضح عبد الحليم أن الجزء الشمالي من الوطن لم يظل المصدر الذي لا ينضب لتزويد مناضلي الجزء الجنوبي بالمال والسلاح فقط وإنما ظلت مدينة تعز نبراسا مضيئا لنشر وتعميم فكر ومبادئ الثورة المسلحة على كل المدن والمناطق الجنوبية وأنه من أجل ذلك تم إنشاء مكتب الجبهة القومية لتحرير الجنوب الذي ظل منذ بداية الثورة المسلحة حتى انتصارها مصدرا لإنجاز الوثائق والمطبوعات والمنشورات الداعمة للنضال المسلح وأن إتحاد الطلاب بتعز لم يكن بعيدا عن ذلك فقد قام بنضالات من أجل الدفاع عن الثورة الأم 26سبتمبر وثورة 14 أكتوبر في الجنوب من خلال المظاهرات والإضرابات تأييدا للثورة والنظام الجمهوري وتوزيع المنشورات ودعم النظال المسلح في الجنوب والمساهمة في تشكيل التنظيم الشعبي ضد مؤتمر حرض الملكي وغيرها، لافتا إلى أنه بعد الاستعداد التام لبدء الثورة المسلحة من إذاعة عدن أنطلقت الأنشودة المعبرة عن بدأ النضال المسلح وعلى مسمع من الاستعمار البريطاني وعملائه والتي كانت بمثابة جرس إعلان لكل الفدائيين والمناضلين ببدء الثورة والتي للأسف لم يفهمها عملاء الاستعمار ليترجموها لأسيادهم, تلك هي أنشودة: ياشاكي الســـــــلاح ضوء الفجر لاح حط يدك على المدفع زمان الذل راح والله والنبي طرد الأجني عزي ومطلبي ويضيف: "على أثرها وصبيحة الرابع عشر من أكتوبر 1963 أنطلقت أول رصاصة ضد الوجود البريطاني من يد المناضل الشهيد راجح بن غالب لبوزة, انطلقت بعدها الثورة المسلحة من كل شبر من أرض جنوبنا المحتل ويتقدم فريق من المناضلين الشرفاء حاملين أرواحهم بأيديهم لقيادة النضال المسلح في كل أرجاء الجنوب ومنهم: علي أحمد ناصر عنتر, محمد علي هيثم, سيف الضالعي، محمد البيشي, عبدالله مطلق, عبد الفتاح إسماعيل, علي السلامي, سالم زين, عبد النبي مدرم وغيرهم". أما على المستوى الجماهيري "سطر الأدباء والكتاب من شمال اليمن وجنوبه مسار الثورة المسلحة بأحرف من نور فلا أدق ولا أعمق وأكبر بلاغة ممّا عبر عنه شهيد الشعب والوطن عبدالله البردوني حيث لخص وحدة اليمن أرضا وشعبا من خلال بيتين من قصائده الشعرية وهاتين البيتين يمكن التعبير عنهما بعشرات الملجدات نثرا, وهما: يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن جنوبيون في صنعاء شماليون في عدن كما تجلى حب الوطن والتضحية من أجله في قول الشهيد محمد محمود الزبيري معبرا عن ذلك في البيت الشعري: بحثت عن هبة أحبوك ياوطني فلم أجد لك إلا قلبي الدامي" ولفت عبد الحليم أنه على مدى مسار الثورة المسلحة وإمتدادها قدم شعبنا بشطريه آلاف الشهداء الأبرار (عسكريين ومدنيين) لتتوج نضالاته وتضحياته بجلاء أخر جندي بريطاني من أرض الجنوب في الـ 30 من نوفمبر 1967 وأن الثورتين حد وصفه مرت وأعقبتها عدد من المسيرات والمراحل والتغيرت وكانت الوحدة اليمنية أيضا الشغل الشاغل لمناضلي الثورتين من خلال اللقاءات والاتفاقيات الوحدوية التي توجت أخيرا بإعادة تحقيق وحدة الشطرين أرضا وشعبا بقيادة ابن اليمن البار باني نهضة اليمن الحديث علي عبدالله صالح -رئيس الجمهورية- في الـ22 من مايو 1990.
** ضرب وقتل وسرقة الأموال من جهته أشار عبد الله مقبل صالح 78 عاما، إلى أن أبرز منجز تحقق لليمن عقب ثورة الـ26 من سبتمبر 1962 هو قيام ثورة 14 أكتوبر 1963 في جنوب اليمن، وأنه لولا ثورة الـ26 سبتمبر لما تحقق لليمن الإنجازات الملموسة اليوم ولا منجز التحرر من الاستعمار البريطاني، موضحا أن لهذا الأخير سلبيات كثيرة إبان احتلاله لجنوب اليمن (عدن) منها احتكار الميناء والخدمات والشركات وعدم إتاحة الفرصة وبناء مصانع وأن التجارة كانت محتكرة في ذلك الوقت من قبل "الخواجة" فقط. ورصد صالح عدة مشاهد مارسها عساكر الإنجليز ضد اليمنيين في عدن إبان الاحتلال البريطاني تتمثل في الضرب والقتل وسرقة الأموال التي بحوزتهم وهو ما حدث لأحد زملائه ومجموعة من أصدقائه ذات مرة أمام عينيه حينما احتجزهم عساكر الإنجليز المتمركزين في باب عدن (مدخل مدينة كريتر) أثناء محاولتهم الدخول إلى كريتر وأخذوا منه (زميله) ما كان بحوزته من مال لعدد من التجار في الشمال كان يعمل مندوبا لهم حيث يشتري لهم بضائع من عدن يتاجرون بها في الشمال موضحا أنه أثناء سحب المال منه كان يصرخ بالقول) فلوسي فلوسي) وهي كلمة تعني بالإنجليزية (جبهة التحرير) فأوسعوه ضربا مبرحا؛ لأن جبهة التحرير عدو للإنجليز وكانوا يعتقدون أنه يقصد بأنه عضو في جبهة التحرير ولولا تدخل بعض الضباط الذين أفرجوا عن جميع من تم إحتجازهم وأعادوا للبعض أموالهم لقتلوه حد وصفه.
** أمنيات ختاما يعترف عدد من المواطنين بما تحقق لليمن عقب الثورتين وبالأخص تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الـ22من مايو90 وما أعقبها من تطورات في مختلف المجالات لكنهم يتمنون من حكومتنا الموقرة توفير حياة أفضل ممّا هي عليه اليوم للمواطن اليمني من خلال تخفيض الأسعار وتوفير فرص العمل واجتثاث الفساد وإشاعة مبدأ العدل والمساواة بين الناس.
سبـأنت : غمدان الدقيمي صحيفة السياسية
|