إقتصادات الدفاع في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
الأحد, 22-مارس-2009
موسى القلاب - يعتبر الانفاق العسكري احد اهم جوانب الاقتصادات الدفاعية في العالم، وقد تراوحت نسب النفقات الدفاعية لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما بين 5.26 % و 7.73 % من اجمالي الناتج المحلي خلال السنوات العشرة الممتدة ما بين عام 1997 حتى عام 2006 ؛ وذلك حسب الاحصائيات المنشورة في عدد من المراجع الدفاعية العالمية المعتمدة في هذا المجال. وقد كان أقصى ارتفاع للنفقات الدفاعية لتلك الدول قد تحقق خلال عام 1997 في حين وصلت الى ادنى مستوى لها في عام 2006.
ومن الجدير بالذكر أن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ؛ تشمل – حسب تصنيفات المراجع الدفاعية العالمية بالاضافة الى الدول العربية ؛ كلاً من اسرائيل وايران. وقد كان لارتفاع اسعار النفط خلال عامي 2007 و 2008 بعض التأثيرات المباشرة على اقتصادات الدفاع ؛ حيث وفرت الزيادات في اجمالي الناتج المحلي مساحةً من الحرية الحكومية لبعض الدول للتوسع النسبي في الشؤون الدفاعية و مشاريع تطوير القوات المسلحة من حيث التسليح والتجهيز والاعداد والتدريب، ما زاد من وتيرة النفقات الدفاعية وتعزيز الميزانيات الدفاعية السنوية المخصصة للقوات المسلحة والاجهزة الامنية ؛ ومن بينها بطبيعة الحال القوات شبه العسكرية، والتي يُطلق عليها أحياناً قوات الشرطة والامن العام والدرك ؛ والاجهزة الامنية وكل ما يتبع لوزارات الدفاع والداخلية من وحدات وتشكيلات مسلحة.في حين بقيت بعض الدول غير النفطية تعاني من وطأة المديونية، او تلقي برامج المساعدات العسكرية الاجنبية، من اجل تعزيز قدراتها الدفاعية والعسكرية والامنية، سواءً للمحافظة على امنها الوطني من اية اخطار خارجية لاسيما في ظل وجود بؤر توتر اقليمية ؛ خاصةً مع دول الجوار والإقليم، أو ضد الاخطار الامنية الداخلية التي اخذت بالتفاقم خلال السنوات العشرة الاخيرة، بوجود نسب بطالة عالية داخل القوى العاملة ممن هم في سن الشباب، مع تزايد كبير في اعداد السكان، وما يرافق ذلك من تحديات خطرة على الساحة الداخلية.
وتُعد نسب الانفاق العسكري مرتفعة في بعض الدول غير النفطية كون ناتجها الاجمالي المحلي يعاني من صعوبات جمة ؛ في حين تكون النسب منخفضة في بعض الدول النفطية لأن ناتجها الاجمالي مرتفع؛ خاصة مع الطفرة التي حصلت على اسعار النفط خلال السنوات الماضية، وعلى وجه التحديد السنوات الخمسة الاخيرة، مع ان الانفاق الدفاعي الفعلي يكون مرتفعاً بسبب صفقات السلاح ومشاريع التسليح وبرامج التطوير الكبيرة ؛ التي غالباً ما تغطى من موازنات خاصة. وعلى الرغم من أن بعض الدول اكدت على ان نفقاتها الدفاعية تتناسب و سياسة الانفاق العام الداخلي للدولة ؛ ولا تؤثر سلبياً على مشاريع البنى التحتية التي تهدف الى تحسين مستويات المعيشة لمواطنيها وتطوير التعليم والخدمات الصحية والاسكانية ؛ وغيرها من برامج التنمية الوطنية؛ وفي مقدمتها تخفيض مستوى البطالة وتوفير فرص العمل؛ نسبةً الى تزايد عدد السكان ومؤشرات التضخم المالي السنوي العالية، الا ان تأثير الانفاق الدفاعي يبقى سلبياً في عموم الاحوال ؛ على مختلف برامج التنمية الوطنية كالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، كونه يستنزف مبالغ ضخمة من موارد الدول ؛ سواءً كانت نفطية ام غير نفطية. الجدير بالذكر ان هنالك فارقاً كبيراً في المفهوم بين ما يسمى بالنفقات الدفاعية؛ وبين ما يسمى بالميزانيات الدفاعية السنوية، ويكثر الخلط بينهما من قبل الكثير ممن يتناولون هذين الموضوعين بالبحث والتحليل.اذْ ان النفقات العسكرية تحسب بناء على ما دفعته الدولة ثمناً لكل ما يتعلق بشؤون الدفاع ؛ كصفقات السلاح والتصنيع العسكري ومشاريع التطوير والتحديث العسكرية ؛ على مدى عدة سنوات قد تتراوح من 3-5 سنوات، ثم يجري حساب المعدل العام للانفاق الدفاعي السنوي. بينما تعني ميزانية الدفاع السنوية المبالغ المالية المرصودة سنوياً بصورة مسبقة، بحيث تغطي متطلبات القوات المسلحة السنوية لأغراض العمليات والتدريب والشؤون الادارية والصحية واللوجستية، بما في ذلك قطع الغيار اللازمة للأسلحة والمعدات والآليات والوقود والذخائر، وكذلك الرواتب واللوازم كاللباس والطعام وغيرها. ولا تشمل ميزانيات الدفاع السنوية بطبيعة الحال مشتريات الأسلحة الجديدة وبرامج تطويرها وتصنيعها.
وإزاء المبالغة بالنفقات والميزانيات الدفاعية ؛بوجود مصاعب وتحديدات مالية مؤثرة على مختلف انواع برامج التنمية ؛ تكمن اهمية دور المواطن في دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ؛ للتعبير عن رأيه بحرية ؛ من خلال المؤسسات الدستورية والديمقراطية والمنابر الاعلامية المسؤولة؛ حول مدى استنزاف الموارد الوطنية في مشاريع تسليحية كبرى ؛ قد لا تفيد في نهاية المطاف سوى بعض اللوبيات ومراكز الضغط المحلية شركات تصنيع السلاح العالمية الكبرى في الولايات المتحدة واوروبا وروسيا والصين؛ وبعض الدول الاخرى الموردة للسلاح على الساحة العالمية. وما يزيد الأمر سوءاً ان الانفاقات الدفاعية الكبيرة؛ تجري معظم الأحيان بعيداً عن الرقابة والسيطرة المدنية على شؤون الدفاع في معظم الدول العربية ؛ مقارنة بالرقابة والسيطرة المدنية على شؤون الدفاع التي يجري ممارستها في معظم الدول ذات المؤسسات المدنية الديمقراطية.
مصدر المقال: مشروع منبر الحرية.
|