الإصلاح :من استهداف الجيش والأمن إلى تبرير أعمال الإرهاب
الأحد, 25-يناير-2009
الميثاق إنفو - تقرير/ عبدالملك الفهيدي عقب الحملات الإعلامية المتكررة التي استهدفت-ولا تزال- المؤسستين العسكرية والأمنية من قبل أحزاب المشترك والتي يتزعمها حزب الإصلاح "الإخوان المسلمين في اليمن " وقيادته ضمن توجه سياسي وإعلامي ممنهج،دشن إعلام الإصلاح حملة جديدة تهدف إلى تبرير أعمال الإرهاب التي تشهدها اليمن في توجه سياسي يثير الكثير من المخاوف على الصعيد السياسي والأمني.
وبدأت حملة التبرير لأعمال الإرهاب من قبل حزب الإصلاح بتقرير نشرته صحيفة الحزب " الصحوة" وموقعها على الانترنت مطلع الشهر الجاري حول التفجيرات التي تعرضت لها أنابيب النفط في اليمن منذ العام 1995م .
وتؤكد المزاعم التي أوردها التقرير عن تواطوء مسئولي أمن في تلك الأعمال ،بان هذه الحملة تأتي امتدادا لذات الحملات السياسية والإعلامية التي تستهدف القوات المسلحة والأمن ،إلا أن مخاطر هذا التوجه لا تقتصر على استهداف المؤسسة الأمنية فحسب ،بل تمتد خطورتها لتشمل الأمن العام للمجتمع والوطن عموماً.
في المقابل فان التوجه السياسي والإعلامي لحزب الإصلاح في تبرير أعمال الإرهاب وان جاء امتدادا لحملات استهداف واستعداء الجيش والأمن ،إلا انه يرتبط بشكل مباشر بالخلفية الفكرية والتنظيمية للإصلاح كفرع لحركة الإخوان المسلمين في اليمن .
البداية ..ثقافة العنف الاخواني
وتثير المواقف السياسية والإعلامية التي يتبناها التجمع اليمني للإصلاح " من الحوادث الإرهابية التي يتعرض لها اليمن الكثير من الشكوك حول مدى قدرة الإصلاح كفرع لحركة الإخوان المسلمين في تجاوز مفاهيم اللجوء إلى العنف وهو المفهوم الذي ظل يحكم عمل حركة الإخوان المسلمين وفقاً للمبادئ التي وضعتها قيادة الحركة عقب فترة من نشأتها في مصر والتي تضمنت رؤية تكفيرية للحكومات وفتاوى توجب الجهاد ضدها وهي الرؤية التي تسببت في معظم أعمال العنف التي شهدتها البلدان العربية والتي وقفت خلفها التنظيمات ذات الطابع الحركي الإسلامي.
ومع أن بعض الحركات الإسلامية سواء تلك التي تمثل امتداداً لحركة الإخوان المسلمين أو التي انشقت عنها ولجأت إلى مناهج المراجعات الفكرية التي انتهت بالتخلص من فكر العنف لتحقيق أهدافها ،إلا أن معظم هذه الحركات ظلت تجتر مفاهيم الثقافة الماضوية بأشكال وطرق تختلف من مكان إلى أخر ومن مرحلة زمنية إلى أخرى.
وعلى الرغم من محاولة حزب التجمع اليمني للإصلاح كحركة تمثل امتداداً تنظيمياً وسياسياً وفكرياً لحركة الإخوان المسلمين السعي -إلى حد ما -في تجاوز بعض المفاهيم الخاصة باستخدام القوة واللجوء إلى العنف منذ الإعلان عن نفسه حزباً سياسياً وانخراطه في العملية التعددية في اليمن وخوضه لمعظم المحطات الانتخابية إلا أنه فشل في تجاوز كثير من تلك المفاهيم المرتبطة بثقافة الحركة الإسلامية ذات النهج التكفيري والأسلوب المعتمد على اللجوء إلى القوة والعنف للوصول الى السلطة وتحقيق مشروع الخلافة الإسلامية او اسلمة الدولة .
وعلى مدى الأعوام الثمانية عشر من التعددية السياسية برزت العديد من الشواهد التي تثير الكثير من التساؤلات حول موقف الإصلاح من مفاهيم الإرهاب و العنف واستخدام القوة ابتداءً من رفضه لدستور دولة الوحدة لمبررات تتعلق بأسلمة الدستور مروراً بفتاوى التكفير والتحريض على قتل الخصوم السياسيين في الأحزاب الأخرى وفي مقدمتها الأحزاب ذات الأيدلوجية الشيوعية "الاشتراكي اليمني" المتباينة مع فكره الإسلاموي ،وصولاً إلى مواقفه من الأحداث الإرهابية التي يشهدها البلد .
وتجاوزاً للخوض في تفسير مواقف الإصلاح خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي على اعتبار أن تلك الفترة شهدت مشاركة الإصلاح في السلطة عبر حكومتي الائتلاف الثلاثية إلى جانب المؤتمر والاشتراكي والثنائية مع المؤتمر الشعبي العام حتى ابريل من العام 1997م باعتبار ان جميع مواقف الإصلاح ظلت محكومة بكونه حزباً مشاركاً في الحكم ،إلا أن استقراء مواقفه منذ ما بعد انتخابات 97م وهو التاريخ الذي شهد خروج الإصلاح من السلطة نتيجة فشلة في الانتخابات تشير إلى فشل الإصلاح في تجاوز الخلفية الثقافية والتنظيمية بل وحتى السياسية له كحركة إسلامية حيث اتسمت مواقفه من الأحداث ذات الطابع الإرهابي بالتذبذب حيناً،وعدم الإدانة حيناً أخر،وصولاً إلى محاولة تبرير بعض تلك الأحداث وإضفاء طابع سياسي عليها بشكل يعيد إلى الأذهان حقيقة اجتراره لثقافة الحركات الإسلامية التي تميل إلى استخدام العنف أو مباركته أو عدم إدانته في أفضل الحالات.
تفجيرات النفط..نموذج لتبرير الإصلاح لإرهاب القاعدة
وفي توجه يثير الكثير من المخاوف ويضع عديد تساؤلات حول حقيقة الموقف الذي يتعاطى به حزب الإصلاح مع القضايا الإرهابية عمدت صحيفة الحزب " الصحوة" وموقعها على الانترنت إلى نشر تقرير مطول مطلع الشهر الجاري حول التفجيرات التي تعرضت لها أنابيب النفط في اليمن منذ العام 1995.
التقرير حاول جاهداً تبرير تلك الإعمال التخريبية والإرهابية بمبررات وأسباب تصور تلك الإعمال وكأنها حوادث أو جرائم جنائية.
وأعاد تقرير إعلام الإصلاح الذي رصد 43 حادثة تفجير لأنابيب النفط في اليمن منذ العام 1995 وحتى أواخر ديسمبر الفائت أعاد أسباب كل تلك التفجيرات إلى ما سماها العوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية نافياً عنها أية مبررات إرهابية أو تخريبية .
واعتماداً على ما زعمه التقرير تصريحات منسوبة لجهات أمنية لم يسمها أو يكشف عن هويتها بالإضافة إلى ما قال أنه تحقيق ميداني فسر الإصلاح وإعلامه تلك الحوادث التخريبية والإرهابية بأنها نتاج للأوضاع السيئة وارتفاع الأسعار وحاول إبرار تفسيرات عديد في إطار تبريره تلك الإعمال.
ويمكن دحض التبرير الإصلاحي لأعمال الإرهاب المتمثلة في تفجير أنابيب النفط بالإشارة إلى أن جميع تلك التفجيرات ذات خلفية فكرية إرهابية وتخريبية وهو ما يؤكده إعلان تنظيم القاعدة أو بعض التنظيمات ذات الصلة به مسئوليتها عن تلك الأعمال ، فضلاً عن اعترافات عدد كبير من المتهمين المنفذين أو المخططين لتلك الأعمال بانتمائهم لتلك التنظيمات خلال المحاكمات .
وعلى النقيض من محاولة الإصلاح تبرير تلك الأحداث بأسباب بعيدة عن الخلفية الإرهابية لها فقد قدمت السلطات الحكومية العشرات من المتهمين بتفجير أنابيب النفط إلى المحاكمة وصدرت بحقهم العديد من الأحكام القضائية كان أخرها تأييد الشعبة الجزائية الاستئنافية مطلع نوفمبر الماضي للأحكام التي تدين (33) متهماً بمحاولة تفجير منشآت نفطية في مأرب وحضرموت .
ويرى مراقبون أن موقف الإصلاح الأخير ومحاولته تبرير تفجيرات أنابيب النفط التي شهدتها اليمن على مدى أكثر من (13) عاماً ونزع صفة الإرهاب عنها لا تكمن خطورتها في اتساقها الثقافي مع فكر الإصلاح كحركة إسلامية إخوانية فحسب بل في كونه يبرر أعمال الإرهاب ويشجع على تكرار أعمال مماثلة ويظهر الإصلاح يظهر كحزب يتبنى ويشجع ويبرر أعمال الإرهاب .
ويدلل المراقبون على مثل هذه التفسيرات بالمواقف السياسية والإعلامية للحزب تجاه العمليات الإرهابية التي تشهدها البلد وخصوصاً منها العمليات الخاصة بتفجيرات أنابيب النفط حيث اتسم موقف الإصلاح السياسي بعدم إدانة تلك الأعمال غالباً أو إدانتها بصفتها أعمال جنائية،وهو موقف كرره حزب الإصلاح في إدانة مختلف الأحداث الإرهابية التي وقعت في مناطق متفرقة في اليمن وآخرها حادثة الهجوم الإرهابي على السفارة الأمريكية بصنعاء العام الماضي حيث اكتفت البيانات المعبرة عن موقف الإصلاح أو المشترك تجاه تلك الأحداث باستخدام عبارات من قبيل ( الاعتداءات الآثمة ) أو ( الحادث الإجرامي الجبان ) .
ويمثل الموقف الإصلاحي الأخير المبرر لعمليات الإرهاب المتمثلة في التفجيرات لأنابيب النفط امتداداً للمواقف المتكررة للحزب تجاه العمليات الإرهابية التي شهدها البلد على مدى السنوات العشر الماضية ،وهي مواقف تثير شكوكاً عديدة لدى المراقبين سيما وأن حزب الإصلاح دأب على المسارعة في إصدار بيانات الإدانة للعمليات الإرهابية التي تشهدها دول أخرى .
من وثائق الإصلاح إلى رفضه القانون.. من هنا يبدأ تبرير الإرهاب
ويرى مراقبون أن موقف الإصلاح في تبرير الأعمال الإرهابية –خاصة المتعلقة بتفجيرات أنابيب النفط- يرتبط بموقف الإصلاح المبدئي من قضية التعاطي مع مفهوم الإرهاب وهو ما يتجسد في خلو وثائقه الفكرية والسياسية واجتماعات هيئاته التنظيمية من التعاطي مع قضية الإرهاب بشكل مثير للشكوك والريبة . ويدلل المراقبون على ذلك بموقف الإصلاح الذي عبرت عنه أخر دورة اعتيادية عقدها مجلس شورى الحزب أواخر أكتوبر المنصرم والتي خلت وثائقها سواء أكان على مستوى تقرير الأمين العام للإصلاح عبد الوهاب الانسي المقدم إلى الدورة أو على مستوى البيان الختامي المطول الصادر في ختام الدورة والذي تناول موقف الإصلاح من مختلف القضايا المحلية والدولية دون أن تذكر فيه حتى مجرد لفظة الإرهاب .
وينسجم هذا الموقف الإصلاحي على المستوى الفكري والتنظيمي مع موقف أكثر صراحة تجسد من خلال رفض إصلاحي صريح للقوانين الهادفة إلى مكافحة الإرهاب والجريمة ،أهمها قانون تنظيم حمل وحيازة السلاح ،وقانون مشروع قانون مكافحة الإرهاب المنظور حالياً لدى البرلمان ، ناهيك عن مواقفه المنتقدة للأعمال التي تعري الإرهاب وهو ما برز من خلال هجومه على فيلم الرهان الخاسر .
ولعب موقف الإصلاح الرافض لقانون تنظيم حمل السلاح دوراً في إفشال إقرار البرلمان لمشروع القانون الجديد المقدم من الحكومة وهو موقف ربطه البعض بالخلفية الفكرية والتنظيمية للإصلاح فالتجمع اليمني للإصلاح وهو فرع لحركة الإخوان المسلمين في اليمن لا يختلف في نشأته وأيدلوجيته الفكرية عن بقية الأحزاب الإسلامية في العالم العربي والإسلامي التي استمدت من مفاهيم الجهاد وبناء الميليشيات المسلحة وسائل في مساعيها للاستيلاء على السلطة . ويتعزز هذا التفسير بالإشارة إلى العدائية المفرطة التي ينتهجها الإصلاح وخطابه السياسي والإعلامي تجاه المؤسسة العسكرية والأمنية ،فضلاً عن كون معظم -إن لم تكن جميع قيادات الإصلاح العليا - ذات تاريخ أمني وعسكري .
وامتداداً لذات النهج أعلن نواب الإصلاح رفضهم لمشروع قانون مكافحة الإرهاب-الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان ،خلال الجلسة المنعقدة في الثالث من أغسطس الماضي واعتبروا مثل هذه القوانين مكيدة غربية.
وجاء هذا الموقف الرافض الإصلاحي الرافض لمشروع قانون لمكافحة الإرهاب ليزيد من المخاوف حيال نهج الإصلاح تجاه الإرهاب خصوصاً وانه موقف تناقض تماماً مع تأييد شعبي كبير لتوجهات الحكومة في قوننة مكافحة الإرهاب ،وهو التأييد الذي أظهرته نتائج استطلاع للرأي العام نفذه المركز اليمني لقياس الرأي العام في سبع محافظات هي أمانة العاصمة وعدن وتعز وحضرموت ومأرب وصعده والضالع. واظهر الاستطلاع تأييد غالبية اليمنيين لقانون لمكافحة الإرهاب ،وقال( 94% )من المبحوثين إنهم يؤيدون وجود قانون خاص لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى (75%) عبروا عن قلقهم على اليمن من الإرهاب.
وأيد غالبية المبحوثين تعريفات الإرهاب التي تضمنها القانون المقدم للبرلمان مثل مهاجمة أو تنفيذ تفجيرات أو إشعال الحرائق في المنشآت والمرافق العامة أو أماكن فيها سكن العمال ومهاجمة و استهداف السفارات أو السياح أو المصالح الأجنبية ومكاتب الشركات والمشاريع الاستثمارية اليمنية و استخدام المواد الجرثومية أو الكيمائية أو غيرها من المواد المميته ضد الناس، أو الاعتداء على وسائل النقل الجوية والبحرية والبرية.
واعتبر(72.5%) من المبحوثين محاولة توزيع الأسلحة على طائفة من السكان أو دعوتهم إلى حمله لإثارة حرب أو استخدامه ضد طائفة أخرى عملا إرهابيا ، يساندهم بالتأييد إلى حد ما قرابة( 17 في المائة).
ويمتد موقف الإصلاح الرافض للقوانين الهادفة إلى مكافحة الإرهاب والجريمة إلى رفضه للجهود الهادفة إلى تعرية الإرهاب حيث انتقد الإصلاح فيلم الرهان الخاسر عقب عرضه على شاشة فضائية اليمن خلال إجازة عيد الأضحى المبارك . وانتقد( حزب الإصلاح ) فيلم الرهان الخاسر الذي يتطرق إلى ظاهرة الإرهاب واصفاً الفيلم بـ"السفيه" وأبطاله بـ"السفهاء العلمانيين". وبالإضافة إلى حملة شنها عدد من خطباء المساجد التابعين لحزب الإصلاح انتقدوا فيها الفيلم ،ذكرت مصادر إعلامية أن بيانا داخليًّا وزع على قواعد جماعة الإخوان تضمن اتهام الحكومة اليمنية بأنها مولت إنتاج الفيلم ،وبالتحريض على الدين الإسلامي وإهدار المال العام بتخصيصها 18 مليون ريال (نحو 90 ألف دولار) لإنتاج الفيلم .
المؤتمر نت
|