حسب تقرير حديث ل”ستاندرد تشارترد” 3.4% النمو المتوقع للاقتصاد العالمي في 2015
الأربعاء, 10-ديسمبر-2014
الميثاق إنفو -
توقع تقرير "غلوبال فوكس 2015"(2015 Global Focus) الصادر عن قسم الأبحاث الاقتصادية في "بنك ستاندرد تشارترد" بأن يشهدَ العام 2015 تحسناً ملحوظاً على صعيد النمو العالمي الذي من المتوقع أن يصل إلى 4 .3% مقارنةً ب9 .2% في العام ،2014 مشيراً إلى أنّ الثقة لدى المستثمرين تمثل العامل الحاسم والأهم، لذا فإنّ تعزيز معدلات تلك الثقة يتطلّب أكثرمن مجرّد وجود مؤشرات اقتصادية إيجابية . ونحن نعتقد أن العالم يفتقر اليوم إلى ما أشار إليه الخبير الاقتصادي البارز جون مينارد كينز في أن الإنفاق الاستثماري يتأثر في جزء منه ب"الغرائز البدائية" للمستثمرين والتي وصفها بأنها تحفيز عفوي على العمل بدلاً من التراخي . على الرغم من التحسّن الملحوظ الذي يشهده الاقتصاد العالمي عموماً، إلا أنّ هناك تباطؤاً في الزخم وضعفاً في "السلوكات والغرائز البدائية" للمستثمرين، وخاصة في الغرب . وتقود المعطيات الراهنة إلى ظهور مشكلتين رئيسيتين . أولاهما دور الصدمات غير المتوقعة (سواء الجيوسياسية أو غيرها)، وما يمكن أن ينجم عنها من تأثيرات كبيرة لو حدثت ضمن اقتصاد عالمي أقوى . وثانياً، الدور المزدوج للسياسات في تحسين ديناميكيات النمو من جهة، وكونها مصدراً رئيساً للمخاطر من جهة أخرى . ويمكن القول إنّ منهجية السياسات الداعمة لعجلة النمو تتخذ إلى الآن شكل التسهيل النقدي، وهو توجه من المحتمل أن يتواصل خلال العام 2015 . وقال ماريوس ماراثيفتيس الرئيس العالمي لوحدة الأبحاث الاقتصادية في بنك "ستاندرد تشارترد": "من المحتمل أن يشهد العام 2015 تحسناً ملحوظاً في النمو وانخفاضاً ملموساً في التضخم، ما سينعكس بصورة إيجابية على الأسواق المالية . ويتوقع أن يوفر النمو القوي في الولايات المتحدة والمرونة المتزايدة ضمن الأسواق الناشئة في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط دعماً كبيراً للاقتصاد العالمي، إلاّ أنّ غياب تأثير "السلوكات والغرائز البدائية" للمستثمرين لا يزال يشكل السمة السائدة . وبالمقابل، فهناك حاجة ماسة إلى زيادة الثقة من أجل تعزيز الانتعاش واكتساب المزيد من الزخم بالإضافة إلى التركيز على دعم السياسات في سبيل بناء هذه الثقة . لذا فإنّ خطر حدوث خطأ في السياسة سيشكل مصدر قلق رئيسياً خلال العام المقبل" . وتوقع التقرير أن يشهد "البنك المركزي الأوروبي" (ECB) و"بنك الصين الشعبي" (PBoC) المزيد من التسهيل، في الوقت الذي يواصل فيه "بنك اليابان" تطبيق برنامج التسهيل الكمي . وعلى الرغم من فوائد برنامج التسهيل النقدي، إلاّ أنه يقف في الوقت ذاته عند حدود لا يمكن تجاوزها، لا سيّما في الدول التي تكون فيها معدلات الفائدة تقارب الصفر . ومن المرجح أن يُعيد "البنك الفيدرالي الأمريكي" (FED) السياسات إلى المستوى الطبيعي خلال العام ،2015 وذلك من خلال رفع أسعار الفائدة . ويتطلب نجاح هذه العملية دقة عالية في التوقيت والإدارة . وعلى الرغم من التوقعات بأنّ يحقق الاقتصاد الأمريكي نمواً متسارعاً، إلا أنّ مرحلة الانتعاش جاءت بعد فترة طويلة من الانتظار . وقد يتسبب التشديد السابق لأوانه للسياسات النقدية في عرقلة عجلة الانتعاش في الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيّما أنه لا يوجد في الوقت الراهن أي علامة من علامات التضخّم . وبلغ متوسط النمو في الولايات المتحدة معدلاً منخفضاً للغاية عند حد 3 .2% فقط منذ منتصف العام ،2009 بالنظر إلى أنّ الاقتصاد الأمريكي كان يحاول الخروج من أزمة مالية وركود حاد بدأت ملامحه بالظهور في نهاية العام 2007 . ومن المتوقع أن ينطلق الاقتصاد الأمريكي نحو مرحلة جديدة من الانتعاش خلال العام ،2015 وسط تقديرات بأن يحقق نمواً بمعدل 8 .2% .
منطقة اليورو
وتفيد التوقعات بأنّ يشهد اقتصاد منطقة اليورو تحسناً خلال العام 2015 مقارنةً بالعام 2014 . ولكي نضع هذا التصور في السياق الصحيح علينا أن نتطرق إلى النمو الذي حققه أكبر أحد عشر اقتصاداً في منطقة اليورو خلال فترة "الكساد الكبير" (Great Depression) في الفترة بين عامي 1929 و،1936 والذي بلغ 3 .0%، ويعد هذا مستوىً أفضل من المعدل الذي سُجّل خلال مرحلة الانكماش الاقتصادي في الفترة بين عامي 2007 و،2014 والذي بلغ 2 .0% . وتشير الأرقام الحالية إلى أنّ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد الواحد في منطقة اليورو وصل في الوقت الراهن إلى المستويات ذاتها التي حققها في العام 2006 . وفي مثل هذه الحالات، يجب أن تقوم السياسات المالية بدور أكبر . وفي حال غياب دور "الغرائز البدائية" للمستثمرين، ستتباطأ استثمارات الشركات وسيتوقف المستهلكون عن الإنفاق على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة، لتقع بذلك مسؤولية شراء السلع والخدمات على الحكومات . ولا يتوقع التقريرتحولاً جذرياً في السياسات المالية لمنطقة اليورو، في الوقت الذي من المحتمل أن يشهد حالة مالية متوازنة بعد سنوات من التقشّف .
التحول الصيني
وتواجه الصين تحوّلاً هيكلياً وسط التقلبات الدورية، إذ تعمل على إحداث تغيير حقيقي على صعيد النموذج الاقتصادي المحلي . واعتمد النموذج القديم، الذي ساهم في جعل الصين دولة متوسطة الدخل، على الاستثمار والتصنيع والتصدير . ولكن في حال أرادت الصين تجنّب "فخ الدخل المتوسط"، لا بدّ لها من الاعتماد على نموذج جديد تتزايد فيه أهمية الاستهلاك المحلي والخدمات . ومن المحتمل أن يؤدي هذا التحوّل المستمر إلى انخفاض في معدلات النمو، الأمر الذي يشير إلى أنّ السلطات المحلية هي على استعداد لتحمله . ويتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 1 .7% في العام ،2015 ولكن من المحتمل أن يبدو أبطأ نسبياً .
تحسن المؤشرات
تمثل الهند استثناءً عن باقي الاقتصادات العالمية على صعيد ضعف "الغرائز البدائية" للمستثمرين، وهو ما يعزز توقعات "غلوبال فوكس 2015" بتحسن مؤشرات النمو، وبالتالي تحقيق مفاجأة إيجابية في العام 2015 . والأهم من ذلك، هو تزايد زخم الشعور الإيجابي للمستهلكين في شبة القارة وذلك كنتيجة للتغييرات التي قامت بها الحكومة الجديدة للتخفيف من حدة الروتين وتشجيع الاستثمار . وساعد تزايد مصداقية البنك المركزي إلى حدّ كبير في الحد من التضخم . ومن المتوقع أنّ تحقق الهند نموّاً قوياً وانخفاضاً ملموساً في مستويات التضخم خلال السنوات القليلة القادمة . ولم يشهد الشرق الأوسط أي تراجع في "الغرائز البدائية" للمستثمرين، لا سيّما في دول الخليج العربي الغنية بالنفط . وحققت هذه الاقتصادات انتعاشاً لافتاً خلال العام 2014 على خلفية ارتفاع معدلات الإنفاق على مشاريع البنية التحتية . وعلى الرغم من الخطوات الفاعلة التي تتخذها الاقتصادات الخليجية في سبيل إنجاح خطط التنويع الاقتصادي، إلاّ أنّ الإيرادات الحكومية لا تزال معتمدة بشكل كبير على عائدات قطاع النفط والغاز .
أسعار النفط
يطرح الانخفاض في أسعار النفط خلال العام 2014 تساؤلات عدة حول قدرة الحكومات في منطقة الخليج العربي على مواصلة رفع معدلات الإنفاق الحكومي عاماً بعد عام دون مواجهة أي ضغوط مالية . ولعل الجواب الأمثل لتلك التساؤلات هو الإقرار بعدم قدرة تلك الحكومات في الاستمرار في هذا التوجه، وهو ما يحتم إعادة تقييم السياسات المالية المتبعة في الوقت الراهن . ويتوقع "غلوبال فوكس 2015" أن تعاود أسعار النفط الارتفاع خلال العام 2015 . وتشير نتائج الاستطلاع الذي شمل عملاء "ستاندرد تشارترد" في الخليج العربي إلى تفاؤل واضح بالآفاق المتاحة للمنطقة خلال العام 2015 . وفي ظل ارتفاع مستوى "الغرائز البدائية" للمستثمرين وبالتالي وجود بيئة محفزة للاستثمار، فمن المتوقع أن تحقق الدول الخليجية معدلات نمو عالية للغاية ولكن بوتيرة أبطأ نسبياً من السابق .
المعدل في إفريقيا
أظهرت إفريقيا أيضاً مستويات عالية من "الغرائز البدائية" للمستثمرين، وهو ما يعزز التوقعات بمواصلة عجلة النمو على صعيد الناتج المحلي الإجمالي في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال العام 2015 . ومن المحتمل أن يستمر الزخم القوي الذي تحقق على مدى السنوات القليلة الماضية، في الوقت الذي ستمثل فيه المصانع المحلية أحد أبرز العوامل الدافعة للنشاط الاقتصادي المحلي . وتشير توقعات "غلوبال فوكس 2015" إلى أنّ إفريقيا ستكون قادرة على التعامل بفعالية مع ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية بالتزامن مع مواصلة وتيرة النمو القوي . ويمكن أن تشكل الانتخابات في نيجيريا وساحل العاج وزامبيا وتنزانيا دفعة قوية لتعزيز مستويات الثقة ودعم النشاط الاقتصادي في المرحلة المقبلة .
*. صحيفة الخليج الاقتصادية
|