من يصنع أذرع داعش الإعلامية
الأحد, 19-أكتوبر-2014
الميثاق إنفو -
تحول الإعلام إلى سلاح قوي سعت التنظيمات الإرهابية إلى امتلاكه وتوظيفه في حروبها الشرسة، وأصبح لا يقل أهمية لديها عن المتفجرات والقاذفات الصاروخية، حيث يستهدف العقول، باعتبارها الهدف الرئيسي لتلك التنظيمات الساعية، لاستقطاب المزيد من الأنصار.
ويتنوع ما يمكن تسميته بـ”إعلام التكفير” أو “الأذرع الإعلامية للتنظيمات الجهادية” بحسب ما تصف نفسها، بين مواقع إلكترونية، تتخطى الـ50 موقعا تخاطب من خلالها جمهورها من الشباب، وتبث عبرها بياناتها وموادها السمعية والمرئية.
مراقبون في مصر يرون أن إعلام تنظيم “داعش” فاق إعلام بقية التنظيمات الجهادية، لاعتماده على سياسات إعلامية عالية التقنية والحرفية، قد تنافس أقوى وسائل الإعلام الغربية وتلاحق أحدث ما وصلت إليه من تطور، ما دفع قناة “سي أن أن” الأميركية للتساؤل في تقرير لها، عن فيلم أنتجته مؤسسة يقين للإنتاج الإعلامي التابعة لداعش بعنوان “صليل الصوارم 4″، عن سر تلك التقنية الحديثة التي تضاهي أفلام هوليوود ومصادر تمويلها.
الواضح أن تنظيم داعش، يعوّل كثيرا على الإعلام في معركته، ويكثّف من حملاته الإعلامية الموجهة لأوروبا، وتفوّق على غيره من التنظيمات الجهادية في هذا المجال، بتنوع وسائل إعلامه وكفاءة منتجها. داعش أصدر مجلة عالية الحرفية
ففي الوقت الذي لم يتخط فيه إعلام تنظيم القاعدة وجبهة النصرة البيانات المكتوبة، وبث فيديوهات قصيرة لرسائل القادة مثل بن لادن والظواهري، وفيديوهات مشوشة تصور عمليات قتل في أغلب الأحيان، أصدر تنظيم داعش مجلة عالية الحرفية من حيث التقنيات الحديثة والإخراج وتوظيف الصور وجودتها، أطلق عليها اسم “دابق” وصدرت باللغتين العربية والإنكليزية، وتزع نسخها المطبوعة، التي صدرت مؤخرا نسختها الرابعة، في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، في سوريا والعراق، فيما أرسلت نسخا منها عبر الإيميلات، وأعاد نشرها عدد من المواقع الداعم للتنظيم.
ووصف كولن كلارك، الخبير في مؤسسة راند الاميركية للأبحاث، مجلة “دابق” بأنها “متجر يتوقف فيه الزبون مرة واحدة للعثور على كل ما له علاقة بالتنظيم”. ويشير اسم المجلة إلى بلدة دابق السورية قرب حلب، حيث تنبأ الرسول بهزيمة الروم. وتكرس المجلة موادها لمحاربة الغرب وريث الروم، مستخدمةً احدث ما تستخدمه مجلات اميركية فاخرة من ورق صقيل وصور ذات ألوان جذابة.
لم يكتف داعش بإصدار مطبوعة، تحاكي في تقنياتها الفنية كبريات المجلات العالمية، بل أصدر سلسلة من الأفلام أشبه بالوثائقية، تصور عمليات التنظيم أطلقت عليها سلسلة “صليل الصوارم”، آخرها الجزء الرابع الذي بلغت مدته ساعة كاملة، يصور عمليات التنظيم بجودة عالية تعكس حرفية في التصوير، واستخدام أحدث أجيال الكاميرات. أيضا أنتج داعش لعبة إلكترونية قتالية تحاكي استراتيجية التنظيم في عمليات القتال، ومشاهد كرتونية تحاكي عملياته التي صدّرها في فيلمه “صليل الصوارم 4.
وقد أعلن الذراع الإعلامي لجماعة داعش أن “هناك إصدارات لألعاب إلكترونية أخرى بهدف رفع معنويات (المجاهدين)، وإلقاء الرعب في نفوس المعارضين لهم، وأن المحتوى يضم كل التكتيكات العسكرية للجماعة ضد أعدائها” على حد تعبيره. وتبدأ اللعبة بتحذير الولايات المتحدة من ضرب معاقلها والحرب عليها. إعلام داعش يقف خلفه تمويلا قويا
ليلي عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، قالت لـ”العرب” في تعليق على امتلاك “داعش” لذراع إعلامي بتقنيات حديثة: “إن داعش وغيره من التنظيمات التكفيرية، ليست بعيدة عن أجهزة مخابرات دولية وهي في الغالب صنيعة جهات أجنبية تستهدف المنطقة العربية، وتقدّم لها الخبرات ومصادر التمويل. أيضا هناك جانب آخر يتمثل في قدرة التنظيم على استقطاب خبرات أجنبية من معتنقي الفكر الجهادي في أوروبا وبينهم خبرات علمية، ولا نستبعد أن يكون بينهم خبراء في مجال التصوير والإعلام وهذا يتطلب أن تنشغل المراكز البحثية في دراسة تلك المشكلة، ومحاولة الإجابة عن السؤال الهام، ما الذي يدفع شبابا عاش في الغرب وتعلم في أرقى المدارس وبعضه متفوق في أدق التخصصات العلمية أن يترك كل هذا وينضم لتنظيمات تكفيرية؟”.
من جانبه، قال فاروق أبو زيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، لـ”العرب”: “إن إعلام التنظيمات الإرهابية ليس قويا، بل على العكس هو إعلام ضعيف التأثير، كونه يقدم رسائل ذات مضمون مرفوض من الرأي العام العالمي، غير أن ما يدعمه هو التمويل القوي، فداعش والقاعدة يخصصان أموالا ضخمة للإنفاق على إعلامهما، فهذه التنظيمات تبالغ في تقديم مضمون يمثل جرائم فادحة للفت النظر إليها”.
وأكد أبو زيد أن هناك وسائل إعلام غربية تقف خلفها أجهزة مخابراتية تلتقط هذه الرسائل الغبية التي يقدمها إعلام داعش الغبي، مثل قطع الرؤوس، ويتم تضخيمها، وإلصاق تلك الأعمال الإجرامية التي تقوم بها فئة منحرفة، بالدين الإسلامي ككل ، لتحقيق هدف آخر هو تشويه الإسلام.
وقال إن المواجهة يجب أن تكون عبر إعلام عربي واع، ينقل الحقائق مجردة دون انحياز لسلطة أو تضخيم لرسائل المتطرفين، ثم توعية المواطنين بخطورة الفكر المتطرف والأحداث الإرهابية على مستقبل الوطن وأثرها المباشر على قوته اليومي، مع تقديم جرعات دينية متوازنة لتحصين الشباب ضد الاستقطاب.
*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.
|