الاقتصاد العالمي يتجه لفك الاقتران بين الأسواق
الثلاثاء, 25-مارس-2014
عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب -
راهن كثير من المستثمرين بدرجة هائلة على أن الأسواق الناشئة يمكن أن تخرج الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية، لكنها أخفقت في تحقيق ذلك! بينما كان راهن آخرون على فك هذا الاقتران وهذا الارتباط الذي انصب على الأسواق الناشئة بقيادة الصين والتعويل على استمرار نمو الاقتصاد الصيني بوتيرة عالية بغض النظر عن أي ركود في الغرب.
الرهان على فك الاقتران لا يقتصر على النشاط الاقتصادي، بل يمتد بين أسوق الأسهم والسلع الأساسية، فأسعار الأسهم تعطي أداء أفضل على المدى الطويل في الفترات التي تتجه فيها أسعار السلع الأساسية إلى الأسفل، في حين أن أسعار السلع لا يكون لها تأثير كبير بالضرورة على أسعار الأسهم في حالات كثيرة لأنها تمثل إيرادات لبعض الشركات ونفقات لشركات أخرى.
رهان المستثمرين على ما يمتلكونه من معادن وخصوصا النحاس، أدى إلى رفع أسعار الأسهم لفترة طويلة امتدت من 2005 إلى 2011 وحقق مكاسب كبيرة لمؤشر مورغن ستانلي المركب للأسهم العالمية وكذلك مؤشر داو جونز – يو بي أس للمعادن الصناعية، لكن هذا الاقتران انفك بعد ذلك، وأدى قبل نحو عامين الى خسائر كبيرة بعد نجاحه لفترة طويلة.
ذلك الاقتران المتطرف حقق مكاسب كبيرة للشركات الأميركية والأوربية من طفرة أسعار النحاس والنمو في الأسواق الناشئة، وساهم في نمو الأسواق المتقدمة في منتصف العقد الماضي.
بعد اندلاع الأزمة المالية، انخفضت الأسهم في الأسواق الناشئة، جنبا إلى جنب مع السلع الأساسية، وكبدت الدول المتقدمة التي اندلعت فيها الأزمة المالية خسائر كبيرة، عندما هرع المستثمرون لتصفية استثماراتهم أينما استطاعوا.
تراجع النحاس بنسبة 69 في المئة خلال ستة أشهر، لكنه ارتفع بعد الأزمة المالية بنسبة 270 في المئة خلال ما يزيد قليلا على عامين، بسبب الطلب على النحاس في الصين من أجل تلبية الطفرة في مجال البنية التحتية.
لكن الصين اتجهت مؤخرا إلى تفكيك سوق الائتمان، لتقف وراء سقوط النحاس المدوي، فالديون المستحقة في الصين في القطاعين الخاص والحكومي بلغت نحو 230 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما لم يكن ذلك الدين في عام 2002 يتجاوز 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب بنك ساكسو.
وبالتالي فإن طفرة الائتمان في الصين التي دفعت أسعار النحاس عاليا، عادت لتدفعه إلى الأسفل، لأن المستثمرين يستخدمون النحاس كرهان في العديد من المعاملات المالية داخل الصين، ويقبض الدائنون النحاس كضمان عندما تسوء الديون المعدومة، ويدفع ضغط البيع أسعار النحاس إلى الانخفاض.
هكذا فشل رهان المستثمرين الذي لم يدم طويلا على أن الأسواق الناشئة يمكن أن الاقتصاد العالمي من الأزمة، وها هم يعودون للأساسيات التي لا تكذب.
وتبدو الصين اليوم متجهة نحو التركيز على رهان تهدئة الاقتصاد الجامح دون الإضرار بآفاق الشركات والنمو الاقتصادي في الصين وفي بلدان أخرى ناشئة لاستعادة التوازن الاقتصادي.
أستاذ بجامعة أم القرى بمكة عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.
|