إخوان ضد الشعب والثورة والإسلام
الأحد, 29-ديسمبر-2013
جلال عارف -


كنت أتمنى أن يتم الاحتفال هذا العام بعيد انتصار مصر في "بورسعيد 56" كما ينبغي، خاصة في ظل موقف المدينة الباسلة من حكم "الإخوان" وكيف كان تحديها لحظر التجوال الذي فرضه المعزول مرسي أول قرار شعبي بسقوط هذا الحكم، وأيضاً مع عودة القرار الوطني المستقل الذي أصبحت مصر (بعد 30 يونيو) تؤكد من خلاله أن مستقبلها لا يقرره إلا شعبها وحده، وهو ما يعيد إلى الأذهان ذكرى أيام مجيدة كان قرار تأميم قناة السويس أحد عناوينها البارزة.

بسبب الظروف التي تمر بها مصر الآن لم يتم الاحتفال كما تمنينا، لم تذهب الحكومة إلى المدينة التاريخية كما كان مأمولاً، لكن قائد الجيش الثاني المسؤول عن الحرب ضد الإرهاب في سيناء وأيضاً عن تأمين قناة السويس ذهب إلى هناك ليؤكد رفقة الدم التي تجمع بين جيش مصر وشعبها.. خاصة هؤلاء الذين كانوا على الدوام خط الدفاع الأول عن تراب مصر.

لم يكن سراً أن جماعات الإرهاب بقيادة "الإخوان" تحاول منذ فترة الاقتراب من الممر المائي لقناة السويس، وكانت الترتيبات، الأمنية في المنطقة شديدة، فقد تلقت عصابات الإرهاب ضربات موجعة في سيناء وهي تحاول أن تقول إنها ما زالت موجودة، بالإضافة إلى اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور من ناحية، وإلى أن بعض هذه الجماعات تعودت في السنوات الماضية أن تقوم ببعض عملياتها الكبيرة (مثل طابا وغيرها من مناطق سيناء السياحية) بالتزامن مع الأعياد القومية مثل أعياد ثورة يوليو.

مع نهاية اليوم كان الإرهاب يضرب بعيداً عن سيناء التي يتم تطهيرها منه الآن، وبعيداً عن مدن قناة السويس، الإرهاب ضرب هذه المرة في مدينة المنصورة، والهدف كان مبنى مديرية الأمن هناك، والضحايا بينهم ضباط شرطة كبار وجنود بالإضافة إلى المدنيين العاملين في المديرية أو الذين ساقتهم الظروف إلى موقع الجريمة المنحطة في توقيت الانفجار الرهيب الذي هز المدينة كلها.

قد تكون مدينة "المنصورة" مستهدفة لذاتها بسبب موقفها الرافض لحكم الإخوان ووقوفها في طليعة محافظات مصر التي خرجت تأييداً لثورة 30 يونيو، لكن القضية في النهاية أبعد من ذلك، فالإرهاب الذي يجري سحقه في سيناء يتسلل إلى الوادي، وجماعات الإرهاب بقيادة الإخوان حسمت أمرها منذ زمن، إما أن نحكم أو نقتل ونحرق وندمر وطناً لم ننتمِ إليه لأن انتماءنا الوحيد كان للجماعة ولإرهابها الذي لم ينقطع يوماً منذ نشأتها!

اقتراب موعد الاستفتاء على الدستور أفقد "الإخوان" ما تبقى لديهم من عقل، وفشل الرهان على التدخل الأجنبي يدفعهم للجنون، ونجاح الجيش في ضرب معظم بؤر الإرهاب في سيناء يجعل الإخوان وحلفاءهم يعودون إلى ما تعودوا عليه منذ أن ساروا في طريق التكفير والإرهاب، وتحولوا إلى أدوات في يد أجهزة المخابرات الأجنبية تطعن بها شعوباً لم تطمح إلا في الحرية والعدل والكرامة.

منذ أن نشأت جماعة "الإخوان" وهي تسير في هذا الطريق، تتاجر في الدين وتعبث بعقول الناس وتمد أيديها لأعداء الوطن، ثم حين تصل إلى الطريق المسدود تبدأ في الانتحار بإرهاب تتصور أنه قادر على كسر إرادة الناس فإذا به يزيدهم صلابة على مواجهة الخوارج والتمسك بصحيح الإسلام وباستقلال الوطن وحرية أبنائه.

الجماعة الإرهابية المتحالفة مع الإخوان والخارجة أصلاً من عباءتها افتقدت الطريق من البداية، تحالف الإرهاب من "الإخوان" وباقي جماعات "المجاهدين الجدد" كما يسميهم البعض تكاتل لمعركة النهاية، كانت قد تصورت أن حكم الإخوان لمصر قد فتح لها الباب لتحكم الأمة العربية ثم الإسلامية بحد السيف وبفكر الإرهاب وبتأييد الغرب الكافر، الذي لم يكن يرى فيهم إلا أدوات لتنفيذ مخططاته في الهيمنة على المنطقة وفي تحويلها إلى ساحة للقتال الطائفي.

سيخرج الملايين في منتصف يناير ليقولوا "نعم" للدستور وهم يعرفون أنها تعني "لا" بأكبر حجم ممكن للإرهاب المنحط الذي يمارسه الإخوان وحلفاؤهم، ويعني أن مصر تسير في طريقها لبناء النظام الجديد وتحقيق الاستقرار وبدء التعامل الجاد مع التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وتحقيق أهداف الثورة التي حاول الإخوان سرقتها فاستعادها الشعب في 30 يونيو.

وسيخرج الملايين في منتصف يناير لترد على كل عمليات الإرهاب والترويج التي يقوم بها الإخوان وحلفاؤهم، وعلى كل الضغوط الأجنبية من قوى كانت تدعي محاربة الإرهاب، فإذا بها تحاول - بفشل عظيم - معاقبة شعب مصر لأنه تخلص من حكم فاشٍ وتصدى لإرهاب منحط، وصمم على السير في طريقه لبناء النظام الجديد الذي يحقق الديمقراطية والعدالة ويؤكد استقلال الإرادة المصرية..

هذا الاستقلال الذي يؤرق الكثيرين فيجعلهم يفعلون المستحيل لمنعه، يحركون الإرهاب، ويحولون مسار الثورة، ويستحثون العملاء في الداخل والخارج لمنع مصر من أن تحقق ذاتها. ربما لهذا اختاروا لعملياتهم الحقيرة الأخيرة أن تجرى بالتزامن مع ذكرى 23 ديسمبر، أرادوا من جديد اغتيال الذكرى فتأكد المعنى الذي دفعنا فيه من قبل أرواح آلاف الشهداء، لا كرامة ولا حرية ولا عدالة إلا بالاستقلال الكامل للإرادة الوطنية.

بعد كتابة المقال أصدرت الحكومة المصرية قرارها بإعلان الإخوان جماعة إرهابية، انحازت الحكومة للحقيقة ولإرادة الشعب، ليس من جديد إلا أن كل محاولات الإخوان للهرب من القانون قد فشلت، هم الآن تحت طائلة القانون "الطبيعي" الذي تحايلوا طويلاً عليه. منذ البداية وحتى اليوم، لم يتغير شيء في جماعة أرادت استغلال الدين للوثوب للسلطة، عندما تصورت بعد ثمانين عاماً أنها نجحت، كان شعب مصر يقرر أنها نهايتها، لم تفعل حكومة مصر إلا أنها نفذت إرادة الشعب التي أسقطت الإخوان في 30 يونيو، فليتعلم الجميع مرة أخرى أن إرادة الشعب هي الحكم، وأن مصر لن تسمح لأحد مهما كان بأن يقهر إرادتها.

*نقلا عن "البيان" الإماراتية