الإخوان المتأسلمون وفرفرة المذبوح
الثلاثاء, 26-نوفمبر-2013
د. سالم حميد -



بدأت تداعيات سقوط الإخوان المتأسلمين في مصر تتضح من خلال تخبّطهم في التحرك هنا وهناك، في وضع أشبه بتحرّك اليائس الذي يبحث عن أية قشّة تنجيه من الغرق.

ففي مصر، ورغم ضعف قدرتهم على حشد الميادين بأعداد مليونية غفيرة، إلا أنهم لا زالوا يحشدون ما تبقّى من أتباعهم والمخدوعين بهم، وكذلك المدفوع لهم، وفي ذات الوقت تحاول وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها جاهدة تكذيب الحقيقة، وطرح واقع خيالي تهدف من خلاله إلى إيهام الرأي العام، وتغيير شيء من صورته الذهنية المهتزة عن الجماعة.

ومع هذه التحركات، إضافة لتحركات الوسطاء، بدأ منتسبو التنظيم يتحركون في الغرب، علّهم يجدون الدعم الكافي لبقائهم على قيد الحياة، ونجاتهم من هذه الفترة «الاحتضارية» بخداع الرأي العام الغربي من خلال تمثيلهم لدور الضحية.

هذه التحركات المحمومة كشفتها جريدة «الإمارات اليوم» الإماراتية، نقلاً عن صحيفة (الديلي تلغراف) البريطانية، التي تحدثت عن الندوتين اللتيْن أقامهما ما يُسمى بــ«مركز الإمارات لحقوق الإنسان»، هذا المركز الذي اتّخذ العاصمة البريطانية مقراً له، وهو مسجل باسم «ملاذ شاكر» المديرة السابق لمؤسسة قرطبة الإسلامية، التي قال عنها ديفيد كاميرون أنها واجهة سياسية للإخوان المتأسلمين، وهي زوجة أنس التكريتي الرئيس التنفيذي الحالي لمؤسسة قرطبة.

ويؤكد المراقبون أن العلاقة بين ما يسمى بمركز الإمارات لحقوق الإنسان، ومؤسسة قرطبة الإسلامية، ليس مجرد علاقة زواج تربط مديرة المؤسسة الأولى، بالرئيس التنفيذي للمؤسسة الثانية، ولكنه زواج فكري شمل حتى برامج المركزين، ووحدهما تحت سقف واحد، هو الدفاع عن الإخوان المتأسلمين وحركة حماس، والعديد من الحركات والفصائل المنضوية تحت عباءة الإخوان. المستغرب في الندوتين اللتين كشفت عنهما صحيفة «الديلي تلغراف»، أنهما أقيمتا في مجلسي البرلمان البريطاني، ما جعل الصحيفة تفرد عنوانا للتناول هو (مجموعة مرتبطة بالإرهاب تجتمع في البرلمان). وكان العنوان الخادع للندوتين، أنهما ستناقشان مواضيع الإساءة لحقوق الإنسان في الخليج، غير أن الأجندة العامة لمسيرة الندوتين فضحت حقيقة وجوهر الموضوع، فجزء من تلك الأجندة كان مبنياً على توقعات واهمة بنهاية الأنظمة الحاكمة في المنطقة، وزاد الأمر تأكيداً، أن المتحدث الرئيسي في الندوة كان المدعو كريستوفر ديفيدسون مؤلّف كتاب (الإنهيار القادم عن ممالك الخليج). وتدل أجندة الندوتين على مدى اليأس الذي وصلته الجماعة بعدما تعاملت معهم الإمارات وبعض دول الخليج بحزم شديد، واقتلعت تنظيماتهم من الجذور. ومن الغريب أن من تصدّر واجهة ما يُسمى بـ «مركز الإمارات لحقوق الإنسان» هو شاب بريطاني أبيض البشرة اسمه رودي دوناغي.

ودرجت «مؤسسة قرطبة» في تاريخها على العمل مع جماعة الإخوان للدرجة التي ذهب فيها بعض المراقبين للاعتقاد بأنها واحدة من أذرعهم الخفية التي يحاولون عبرها إثارة الرأي العام الغربي ضد الدول، وتسهيل عمليات استهدافها بما يمكّن التنظيم الإخواني من الاستيلاء على مقاليد السلطة، وهي أيضاً تعمل مع الجماعات البريطانية المتطرفة التي ترفع شعارات وهم إقامة دكتاتورية إخوانية، أو دولة الخلافة كما يسمونها. تحركات التنظيم الإخواني المتأسلم في الغرب، تأتي على خلفية صناعته العديد من الواجهات الحقوقية ومؤسسات الضغط الشعبي في الماضي، والتي يستطيع تحريكها بالتعاون مع بعض الجهات الاستخباراتية التي تسرّب في غير ما موقع صلة أجندتها بهذا التنظيم الفاشل، الذي حاول تمزيق المنطقة وتشتيت مجتمعاتها ولا يزال.


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية