الاستقلال.. مسئوليات قائمة
الثلاثاء, 02-ديسمبر-2008
كلمة صحيفة الثورة - يتوج شعبنا احتفاءه بثورته المباركة باحتفالات العيد الواحد والأربعين للاستقلال في تأكيد سنوي على ارتباطه الذي لا يقبل الانفصام بمبادئها التحررية ومكاسبها الوطنية.
وتزيد تداعيات الأوضاع السياسية والاقتصادية على المستوى العالمي، وكذا ضرورات إنجاح أهداف التنمية المستدامة وتحقيق النهضة الشاملة الأهمية الوطنية التي تمثلها مسألة الاستقلال بروزاً، وأن مهمة الدفاع عنها والنضال من أجل تأمينها لا تتوقف.
والحقيقة أن مسئولية الاستقلال الوطني تبدأ من أوان التوصل إليه، إذ أن ما يحدث هو الانتقال من الكفاح التحرري من أجل إحرازه إلى الجهاد الأكبر في سبيل الحفاظ عليه، واستكمال إقامة قواعده البنائية وتجسيد شواهده الواقعية المعاشة.
ولن يكون ذلك بدون بناء اقتصاد وطني قوي، وتعزيز عوامل التمكن السيادي من القرار المستقل، والتوافر على أوضاع الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي في الإطار المتماسك للجبهة الداخلية التي تتزود من الهوية اليمنية وثقافة التسامح والوئام بقيم التلاحم الإنساني وتمنح للمصلحة الوطنية مكانة الاعتبار الأول.
وليت من يسعون إلى تأزيم الواقع السياسي وما يعملون على إثارته من نوازع الفتنة وزوابع الشغب والصراع بتأثيراته السلبية الضارة بفرص الاستثمار وإمكانيات التنمية ويعمدون للاستقواء بالخارج يدركون أنهم إنما يقعون في الاتجاه المعاكس إن لم يكن المعادي لمعاني الاستقلال الوطني.
وليس بالمستغرب أن يتورط في هذه الجريمة أصحاب السوابق، الذين عملوا من موقع التسلط على المحافظات الجنوبية على تفريغ منجز الاستقلال من محتواه التحرري والوطني، بإحلال طراز جديد من حالة الاستتباع وتوفير الغطاء الفكري التبريري لحدوثه.
والى جانب ما تعرض له الاستقلال من التفاف وعملية إجهاض من داخله، فقد كان أن اعترضت الصعوبات ومؤامرات الضرب والإسقاط الثورة السبتمبرية من خارجها.
وهناك فرق بين الحالتين لثورة التف الشعب حولها وانتصر لنظامها، واستقلال التف عليه من قاموا بتأميم وتجيير أرصدته النضالية لغاياتهم السلطوية.
والحقيقة أن الشعب والوطن اليمني كان الخاسر الأول والأكبر من الصراعات التي رافقت بدايات الثورة وتخللت مسيرتها في أزمنة التشطير، حيث التهمت الكثير والهام من المقدرات المادية والطاقات البشرية التي كان شأنها الإنمائي الهائل مؤكداً ومحققاً لولا نزيف الاستعداء والتصارع المتبادل، ما أغرق البلاد أيضاً في وهدة الاحتياج لمصادر العون الخارجي، وتداخلاته مع الشأن الوطني والرضوخ له في حالات عديدة بحكم الاضطرار إليه، والمضطر يركب الصعب كما يقال.
والحقيقة العظمى أيضاً أن الثورة اليمنية لم تستكمل معاني ومعالم الاستقلالية السياسية إلاّ مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وإحلال نظامها السياسي الديمقراطي بقرار وطني حر.
لقد جربنا الصراعات بأشكالها المختلفة وعانينا من قسوتها، ومارسنا الشمولية بأفكارها وتوجهاتها المتعددة، وتجرعنا مرارات انعكاساتها وآثارها المأساوية، وخبرنا كيف أنها فرقت بين أبناء الوطن الواحد وكانت الحاجة إلى لحمتهم أولى وأحق بالاتباع حينها.
وحدثت بعدها انتقالتنا التاريخية نحو حاضر أجمل ووضعنا أقدامنا عند نقطة الانطلاقة باتجاه الأفق المستقبلي المشرق بالأفضل من شواهد الازدهار، بإعادة تحقيق وحدتنا وإقامة نظامنا الديمقراطي.
وتصب المقارنة، إن كان هناك وجه للمقارنة، لصالح التحرر من استجرار الماضي بما يمثله الاستجرار من وظيفة لاتمت إلى الطبيعة البشرية.
وتؤكد المقارنة بشكل قاطع على ضرورة الالتفاف الكامل حول وحدتنا وديمقراطيتنا .. ولا كرامة لليمن بدون وحدته.


الثورة نت