عبد الفتاح السيسي الجنرال الصاعد الذي أنقذ مصر من الأخونة
الجمعة, 26-يوليو-2013
الميثاق إنفو -

يستجيب اليوم الجمعة ملايين المصريين لدعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي للنزول في مظاهرات لمنحه تفويضا بالتعامل مع العنف والإرهاب المحتمل في البلاد. في ظل الاضطرابات الأمنية وأعمال العنف التي تشهدها الساحة المصرية، من بينها الهجوم صباح الأربعاء الماضي على قسم للشرطة في مدينة المنصورة بدلتا النيل، ومقتل متظاهريْن إثنيْن من مؤيدي الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي في إطلاق نار بالعاصمة القاهرة. الجنرال الصاعد أمامه جملة من التحديات لكن كل من عرفه يؤكد أن لديه رغبة قوية في الحفاظ على أمن مصر ومصالح شعبها، وأن همه الأساسي منذ توليه منصبه كوزير للدفاع في أغسطس الماضي كان الإصرار على رد الاعتبار للجيش المصري بعد الإهانات التي لحقته زمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم البلاد عقب سقوط مبارك. وقد تمكن في فترة ما بعد المشير حسين طنطاوي من المساهمة فعلا في إعادة بناء صورة الجيش المصري التي اهتزت بعض الشيء. رجل مصر القوي كما ينعته البعض أبَان عن انحياز في كل مواقفه لإرادة الشعب وعن شخصية عسكرية محايدة وقد قال عنه ستيف جراس الكولونيل المتقاعد بالجيش الأميركي والذي قام بتدريس السيسي بأنه طالب جاد ومسلم منفتح على الولايات المتحدة ومتحمس بالنسبة لمستقبل مصر. ولكل ما أثارته شخصية السيسي من جدل بعد الدور الذي لعبه في إسقاط الحكم الإخواني عدنا هنا لمعرفة مزيد من التفاصيل عن حياته ومواقفه.

"القوات المسلحة على وعي كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلي دون المشاركة أو التدخل لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام وولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم ."بهذا الكلام يلخص الفريق أول عبد الفتاح السيسي دور الجيش ووعيه بما يدور في الساحة السياسية المصرية وأن التدخل الذي قام به جاء انطلاقا من ذلك الولاء والحب والتقدير لشعب مصر الذي يمر بفترة تجاذب سياسي قد تقوض أمنه كليا. ومن خلال هذا الموقف عبر السيسي عن شخصية قوية لا تخضع للولاءات مما يدفعنا لمعرفة البدايات التي ساهمت في تكوينها وتأطيرها فمن هو عبد الفتاح السيسي؟

الفريق أول عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع الرابع والأربعين منذ ثورة يوليو 1952.

تخرج في الكلية الحربية عام 1977، وعمل في سلاح المشاة، ثم عين قائدا للمنطقة الشمالية العسكرية، وتولى منصب مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. وهو من مواليد القاهرة عام 1954، ومن أشد المعجبين بجمال عبد الناصر. في 12 أغسطس 2012، أصدر الرئيس محمد مرسي قرارا بترقيته من رتبة لواء إلى رتبة فريق أول وبتعيينه وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة، خلفا للمشير محمد حسين طنطاوي، وكان قبلها يشغل منصب رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع. وفي حقبته أرجع المجلس العسكري من الساحة السياسية ورجع الجيش إلى مهمته الأصلية.

وساهم عبد الفتاح السيسي في إعادة بناء صورة الجيش المصري، التي تمت إثارة الكثير من الجدل حولها بسبب قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم البلاد عقب سقوط مبارك.

ومن المهام التي اضطلع بها الرجل القوي لمصر سابقا رئيسا لفرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، قائد كتيبة مشاة ميكانيكي وملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية وقائد لواء مشاة ميكانيكي وقائد فرقة مشاة ميكانيكي ورئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية وقائد المنطقة الشمالية العسكرية ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع .

وبعد تدهور العلاقات بين الرئيس مرسي والجيش بعد التجمع الذي عقد في الــ15 من حزيران حيث تجاوز مرسي الخط الأحمر، أكد الجيش أن مهمته تقتصر على حماية البلاد، كما حذر اللواء السيسي من دخول البلاد في نفق مظلم من الصراع والحروب مما يهدد مؤسسات الدولة.

أما الحدث الأهم فكان إنذاره، في الأول من تموز يوليو، الذي وقعه ولم يقرأه. ويشار في الختام، إلى أنه عندما عينه محمد مرسي وزيرا للدفاع العام الماضي، سرت شائعات وتكهنات بأنه "إسلامي الهوى" ولكنة أكد أنه مثل الغالبية العظمى من المصريين رجل متدين وقومي النزعة وهو معجب مثل الكثيرين من أبناء المؤسسة العسكرية بشخصية جمال عبد الناصر. كما إن السيسي عسكري محترف صعد إلى قيادة الجيش بعد أن لعب أدوارا قيادية في قيادة المخابرات الحربية والعمل كملحق عسكري في الرياض.

الانتصار للشعب

من خلال جل تصريحاته يبدو السيسي محبا لشعبه وبلده رجلا يعرف ما يقول وملتزم بمصلحة مصر العليا، لذلك انتصر لشعبه ولبى نداء الواجب حتى تخرج مصر من أزمتها وتبني مشهدها السياسي على أسس واضحة المعالم.

كما يؤكد الجنرال عبد الفتاح السيسي أن علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر ويخطئ من يعتقد بأنه بأي حال من الأحوال يستطيع الالتفاف حول هذه العلاقة وأن إرادة الشعب المصري هي التي تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة… ونحن مسؤولين مسؤولية كاملة عن حمايتها ولا يمكن أن نسمح بالتعدي على إرادة الشعب.

وهذا الموقف جعل السيسي يندفع بكل قوة نحو ما يمليه عليه ضميره دون خوف من أي سلطة كانت حتى وإن كانت سلطة الإخوان القابضة على الحكم وقتها والتي سعت إلى إسكاته وتحييده وإلزامه الصمت، لكنه لم يرضخ للضغوط ومطالب التحييد وأن يلزم العسكر ثكناته في حين الشعب المصري يعاني من الانقسامات ومن بوادر حرب أهلية قد تعصف باستقراره وآماله بمستقبل أفضل. فقالها صراحة: ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين والموت أشرف لنا من أن يمس أحدا من شعب مصر في وجود جيشه. الصمت بالنسبة للسيسي كان يعني خيانة هذا الشعب الذي استنجد به ليحميه من تغول إخواني مخيف بدأ في بسط نفوذه ليمهد السبيل إلى التمكين والسيطرة والكبس على أنفاس المصريين.

الانتصار للشعب لم يكن ليحدث عن طريق الصمت ومراقبة الساحة السياسية من بعيد وترك الإخوان يمرحون كما يشاؤون، بل تتطلب تلك الرغبة خطوة جريئة كالتي قام بها السيسي وإن عدها البعض مغامرة غير محمودة العواقب فإنها كانت ضرورية كي يقع إنقاذ مصر من أزمة سياسية قد تدخلها في غياهب المجهول، لذلك كانت دعوته واضحة لعدم ترك البلاد تنزلق نحو النفق المظلم الذي لا مخرج منه. كما برهن السيسي عن حبه لمصر ولشعب مصر من خلال تأكيده أن مسؤولية القوات المسلحة منع انزلاق مصر إلى الاقتتال الداخلي. وقال: "القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في معترك السياسة إلا أن مسؤوليتها الوطنية والتاريخية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق البلاد إلى نفق مظلم من الصراع والاقتتال الداخلي أو التخوين أو التجريم أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة".

وكان موقف قائد الجيش المصري واضحا من تأكيده أن القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتواصل ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها.

وكان السيسي من المحذرين من أن استمرار حالة الانقسام التي يشهدها المجتمع المصري تشكل خطرا على الدولة، داعيا إلى ضرورة التوافق بين الجميع. كما أشار أكثر من مرة أن القوات المسلحة لن تقف صامتة بعد الآن أمام أي إساءة توجه للجيش راجيا أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري.

وصرح في وقت سابق أنه يخطئ من يعتقد أننا في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية ولن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه.وكل ذلك من أجل حماية الشعب المصري وخوفه على أمنه وما قد تسببه له حالة الانقسام التي خلقها الحكم الإخواني برئاسة مرسي.

مواقفه ونظرته للمستقبل السياسي

بإصراره على المضي قدما في التغيير وإكمال خارطة الطريق التي تبناها مع النخب السياسية المعارضة لسطوة الإخوان، أبان عبد الفتاح السيسي على رغبة حقيقية في إرساء دعائم للاستقرار السياسي في مصر.

وقد كانت مواقفه كلها تصب في ذلك الاتجاه، مصلحة مصر أولا والتي يعتبرها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو التغاظي عمن يريد ذلك. وبدت مواقف الرجل تحركها تلك المصلحة الوطنية ولا تؤمن بالولاءات الحزبية الضيقة التي من شأنها أن تثير الخلافات والاحتقان.

وكان السيسي يدافع عن قناعاته ومبادئه وجل المواقف التي يتبناها ودعوته الشعب المصري إلى النزول إلى الشارع تندرج تحت تلك القناعات وتلك المبادئ. فلا يمكن له وانطلاقا من احترامه لشعبه أن يتصرف في المسائل الحيوية والمصيرية دون تفويض شعبي. فقد استجاب لشعبه في إزالة حكم الإخوان وهاهو اليوم يطلب تفويضا منه للقضاء على الخطر الإخواني الذي بدأ يتهدد أمن المصريين ومستقبلهم.

وقد نفى السيسي كل الاتهامات التي وجهت له بأنه خدع الرئيس المعزول محمد مرسي وتعهد بالالتزام بخارطة الطريق السياسية التي رسمت سبيلا لإصلاح الدستور وإجراء انتخابات جديدة في غضون ستة أشهر. وذلك يبين عن إصراره على الخروج بمصر من المأزق الذي وضعها فيه الإخوان ونزعتهم للسيطرة والتمكين دون مراعاة مصالح الوطن ومصالح المصريين.

يقول السيسي: "أبلغنا جميع المؤسسات والأطراف الدولية أننا بصدد إجراء انتخابات وإذا كان التيار الإسلامي يتمتع بالمصداقية في الشارع فليثبت ذلك في الانتخابات القادمة".

ويوضح السيسي أنه كان يحاول العمل مع مرسي ضمن مقاربة تعمل لصالح كل المصريين إذ يقول في ذاك الشأن:

"لقد قدمنا للرئيس السابق ثلاث مرات تقديرات استراتيجية ورؤيتنا لتطور الأحداث واقتراحات حل الأزمة ونصحناه بأن يكون رئيسا لكل المصريين".

كما يرفض الجيش المصري الاتهامات الموجهة إليه بأن عزله للرئيس مرسي كان انقلابا عسكريا ويرى أنه جاء استجابة لمطالب المحتجين.

وكان الجيش قد عزل مرسي في الثالث من الشهر الجاري واحتجزه في مكان غير معلوم، بعد احتجاجات شعبية. كما وضع "خارطة مستقبل" تولى بمقتضاها رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد، وأوقف العمل بالدستور حتى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. ومن المواقف والأفكار التي يدافع عنها السيسي أن القيادة العامة للقوات المسلحة الحالية منذ توليها المسؤولية في آب (أغسطس) الماضي أصرت أن تبتعد بقواتها عن الشأن السياسي وتفرغت لرفع الكفاءة القتالية لأفرادها ومعداتها. وما تم من إنجازات في هذا الشأن خلال الثماني أشهر السابقة يمثل قفزة هائلة .وأن هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع واستمرارها خطر على الدولة المصرية ولابد من التوافق بين الجميع ويخطئ من يعتقد أن هذه الحالة في صالح المجتمع ولكنها تضر به وتهدد الأمن القومي المصري .كما يخطئ من يعتقد أننا في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية ولن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه .

ويرى السيسي أن الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هى إساءة للوطنية المصرية والشعب المصري بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه ولن تقف القوات المسلحة صامته بعد الآن على أي إساءة قادمة تُوجه للجيش… كما يرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري.

فالجيش المصري حسب السيسي كتلة واحدة، صلبة ومتماسكة، وعلى قلب رجل واحد، يثق فى قيادته وقدرتها.

هذه المواقف والأفكار جعلت الفريق أول الجنرال الصاعد يحظى بتقدير واحترام عدة أطراف سياسية والتي رأت فيه الشخص المنقذ لمصر والمنتصر الدائم لشعبها.

وكان السيسي واضحا في ذلك إذ أعلن أنه مع رغبات الشعب وسيقف في وجه كل من يحاول أن يجر البلاد إلى العنف والاقتتال، فمصر في نظره بحاجة إلى توافق سياسي حتى تخرج من أزمتها وتؤسس لمصالحة وطنية حقيقية.

ومنطق الإقصاء الذي اعتمده الرئيس الإخواني المعزول أسس إلى الفرقة وجعل المصريين ينقسمون إلى مع مرسي أو ضده في حين الأجدر أن يلتف المصريون حول مشروع وطني هو معيار الانتماء والولاء.

لقد ساهم الإخوان في تقسيم المجتمع المصري إلى طائفتين وبثوا فيه مظاهر خلاف وفرقة كانت ستؤدي حتما إلى حرب أهلية لولا أن رأى السيسي أن مصلحة مصر والواجب الوطني يقتضي منه التدخل ووضع حد لسياسة إخوانية كانت ستجر البلاد إلى الهلاك والفتنة. إن ما قام به عبد الفتاح السيسي هو بمثابة الإنقاذ لمصر ولشعبها وقطع الطريق أمام جموح إخواني كان يخطط لأخونة الدولة ومؤسساتها ومحاولة السيطرة على المصريين وحرياتهم. لقد أفلح السيسي في الموقف الذي اتخذه والذي انطلق فيه من حبه لمصر ولا من أي سبب آخر ذلك أنه لم يتردد في حسم الأمر لأن خطر الإخوان بدأ يصل إلى مناطق حساسة تمس من أمن الدولة المصرية.

وكل المؤشرات تقول إن الواقع المصري كان بحاجة لمثل ما قام به السيسي، لكن برغم ذلك فإن هناك خطرا إخوانيا مازال جاثما على صدور المصريين فهل يقدر السيسي على القضاء عليه وإخراج مصر من أزمتها؟
مقتطفات من خطاب السيسي

* الجيش لن يسمح لأي طرف بأن يقود البلاد إلى نفق مظلم وسيواجه بمنتهى الحزم والعنف أي محاولات للإرهاب .

* أي محاولات لبث الشقاق والفرقة بين صفوف الجيش لن يكون مصيرها إلا الفشل وأن الجيش المصري بخير وعلى قلب رجل واحد .

* لن يتم التراجع أبدا عن خريطة الطريق التي تم الإعلان عنها عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي وأنه سيتم تنفيذها بدقة وأن البلاد في مرحلة فارقة .

* ما قام به الجيش في 30 يونيو الماضي كان استجابة للإرادة الشعبية وجيش مصر يؤمر من الشعب وعليه أن يستجيب .

* الجيش لم يخن أو يتآمر وكنت أمينا في إعطاء النصيحة للرئيس السابق لمرات عديدة و أكدت له أن الأمن القومي لمصر في خطر وأن عليه أن يوقف المشروع الذي يسعى هو وجماعته إلى تطبيقه لأن حجم رفض المصريين لهذا المشروع أكبر بكثير مما تخيلوا .

* نصحت الرئيس السابق بضرورة ترك منصبه لأن المصريين يرفضونه أوعلى الأقل تجديد ثقة الشعب عبر استفتاء شعبي يدعو إليه بنفسه إلا أن مرسي رفض كل هذه الآراء .

* الشرعية التى تحدث عنها الرئيس السابق هي شرعية الشعب وهي ليست أبدية لأن الشعب مثلما يمنحها فإنه قادر أيضا على سحبها .

* جلست مع الرئيس لمدة ساعتين كاملتين لمناقشته في أبرز النقاط التي يجب عليه طرحها خلال خطابه الأخير في قاعة المؤتمرات من أجل حلحلة الأزمة، إلا أني فوجئت بأن الخطاب جاء مخالفا تماما لما تم الاتفاق عليه بل كان مواجهة جديدة مع مختلف الأطراف .

* نصحت التيار الديني أكثر من مرة بالانتباه لفكرة الدولة والوطن وأن مصر لا يمكن أن تدار بالطريقة التي كانت تدار بها .


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.