مصر تتمرد لإسقاط حكم الإخوان
الخميس, 27-يونيو-2013
أحمد عثمان أحمد -

لا يستطيع مراقب للأحداث التي تمر بها مصر إلا أن يدرك أن نظام الإخوان قد قارب نهايته. فرغم تحذير وزير الدفاع من أن الدولة المصرية مهددة بالانهيار، لم يحاول الرئيس مرسي اتخاذ أية خطوة لتحقيق المصالحة الوطنية.

صدّق المصريون وعود الإخوان المسلمين بإقامة حياة ديمقراطية، والمشاركة مع باقي المواطنين في بناء دولة الحرية والعدالة ولهذا قرروا التصويت لهم في انتخابات البرلمان. لكنهم سرعان ما غيروا موقفهم عندما اكتشفوا خداع الجماعة، وظهور أهدافها في السيطرة على حكم البلاد وإقامة حكم شمولي جديد.

ومما لا شك فيه أن العام الذي انقضى منذ وصول مرسي إلى الرئاسة، كان من أسوأ الأعوام التي شهدتها مصر في تاريخها الحديث، حيث تفاقمت الأزمة الاقتصادية إلى حد كبير. وبينما ضاع حلم المصريين في مستقبل تسوده الحرية والرخاء، توغلت جماعة الإخوان المسلمين، لتسيطر على كافة سلطات الدولة، تهدد الشرفاء في الإعلام والقضاء والأزهر الشريف. ولذلك دعا شباب تمرد المصريين للتظاهر يوم 30 يونيو.

لم يحقق الرئيس مرسي أيا من الوعود التي قطعها على نفسه عند انتخابه، ولم ينفذ أيا من مطالب الثورة التي جاءت به إلى السلطة. وبدلا من تنفيذ المشروعات التي تحقق الرخاء والحرية لشعبه، كرس الرئيس عمله من أجل فرض جماعة الإخوان على أجهزة الدولة. ورغم إعلان مرسي أنه ليس من حق أي فصيل فرض رأيه على الجميع، فقد اعتبر جماعته وحلفاءها من التنظيمات الإسلامية التي شاركت في مظاهرة ميدان رابعة العدوية، تمثل الغالبية الشعبية، بينما رأى أن حركات التمرد ومعها جبهة الإنقاذ، يمثلون فصيلا واحدا.

ولم يعد خافيا على أحد أن مؤيدي الرئيس مرسي قد تضاءل عددهم بشكل كبير. فرغم قدرتها التنظيمية على تجميع أنصارها من المحافظات، لم تتمكن جماعة الإخوان من حشد سوى حوالي نصف مليون شخص لتأييد الرئيس في مظاهرة رابعة العدوية. وقال الإخوان إن الجماعة لم تشارك بسوى 30 بالمئة فقط من قدرتها على الحشد، مبررين هذا بضيق المساحة أمام مسجد رابعة العدوية، كما أن أعدادا كبيرة تولت حماية مقار الجماعة في المحافظات.

وبدلا من الاستجابة لمطالب الجماهير، قال الإخوان إن مرسي هو الرئيس الشرعي الذي حصل على الأغلبية في الانتخابات، ولا يمكن إجباره على ترك منصبة قبل انقضاء مدته بعد أربع سنوات.

واتفقت جماعات الإسلام السياسي- بدون حزب النور السلفي- على أن يعتصم شباب الإخوان عند قصر الرئاسة، لمنع المتظاهرين من اقتحامه، كما تقوم ميليشات الإخوان بحماية المنشآت الحكومية، حتى لا تعطي الفرصة للجيش للنزول إلى الشارع. وهدد الإخوان كل من ينزل في مظاهرات 30 يونيو بدماء تسيل وشهداء يسقطون، وأفتوا بحرمة من يطالب بإسقاط الرئيس مرسي شرعا. وبعد أن رفض شيخ الأزهر فتاوى تكفير المتظاهرين، رد يوسف القرضاوي مهاجما المطالبين بإسقاط الرئيس، وقال إن مرسي هو ولي الأمر، لهذا فطاعته واجبة والخروج عليه حرام.

كل الدلالات تشير إلى أن مصر مقبلة على مرحلة دموية، حيث لا ينوي الإخوان التنازل عن السلطة سلميا، وهم يستعدون الآن- ليس لمواجهة الجماهير الغاضبة في الشارع فقط- بل لمواجهة القوات المسلحة في حال قررت النزول إلى الشارع تلبية لنداءات الجماهير. فالإخوان يهددون باستجلاب مقاتلي حماس من غزة، واستخدام جماعات الجهاد التي سمحوا لها بالتمركز في سيناء. لكن المشكلة كما يراها البعيدون عن مركز إرشاد الجماعة، هو أن الإخوان مهما كانت قوتهم لن يتمكنوا من هزيمة شعب مصر خاصة إذا قرر الجيش النزول إلى الشارع لحمايتهم. لهذا قد يضطر الإخوان للقيام بمناورة عن طريق التخلي عن هشام قنديل والنائب العام لحماية الرئيس مرسي. لكن شعب مصر أصبح مدركا لمناورات الإخوان، ولن يتراجع عن المطالبة بإسقاط الرئيس.


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية.