أمنيات بعام مختلف
السبت, 12-يناير-2013
د. عبد العزيز المقالح -
لم يكن في العام المنصرم من الإنجازات التي تستحق الوقوف إزاءها، فما تزال الأعوام تمر من حول العرب فلا تحركهم ولا يفكرون - مجرد التفكير- في أن يشاركوا في تحريكها، وهي مافتئت تتحرك ضدهم محققة أقصى ما تتوقعه من نجاح، وقد حدث ذلك لا بسبب عجزهم عن مجاراتها في السرعة ولا بسبب ضعف في إمكاناتهم أو قدراتهم، وإنما لأن رؤيتهم القاصرة إلى الزمن والنظر إليه بوصفه أياماً تتشابه وأعواماً تتكرر .

ولهذا فلم يكن في العام المنصرم ما يمكن احتسابه لمصلحة العرب أو إضافته إلى مكاسبهم، ربما كان الضوء الوحيد الذي لمع في سماء الوطن العربي هو قبول فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة . وهو إنجاز كان له أن يتحقق منذ سنوات لولا تردد القيادة الفلسطينية وتمسكها باتفاقيات أوسلو التي طال عليها الأمد ولم تغير في الواقع الفلسطيني شيئاً يذكر . وباستثناء ذلك النجاح المحدود فلا شيء على المستوى العربي يستحق أن تنظر إليه بعين الرضا، وربما كان العام 2011م بما حمله من أحداث وصاحبه من تغييرات وأحلام بالصعود نحو الأفضل، هو من أهم الأعوام الأخيرة التي مرت بالعرب منذ عقود طويلة، فقد حاول استنهاض الإنسان العربي والخروج به من حالة الركود والاستسلام للواقع الذي كان بكل تناقضاته وفساده . واللافت أن حلم التغيير لم يتوقف فحسب؛ وإنما حل محله شعور بالقلق وحالة من الصراع غير المتوقع بين رفاق الأحلام وأخوة الميدان، ليس في مصر وحدها وإنما في سائر الأقطار العربية التي شهدت انتفاضات التغيير وحلمت بالزمن الجديد، الزمن الذي يسود فيه العدل والحق، وتعلو فيه راية الكرامة والاستقرار .

ولعل أسوأ ما شهده العام المنصرم في الوطن العربي استمرار الاقتتال في سوريا الذي كان ومايزال وقوده من الأبرياء، والبنى التحتية، الأمر الذي جعل العيون شاخصة إلى هناك ليس عيون العرب وحدهم، وإنما عيون العالم حيث يتساقط المئات من ضحايا الاقتتال ويتزايد يوماً بعد يوم نظراً إلى غياب العقل وانتصار شهوة الموت وعشق الدماء، وغياب منطق الاحتجاج السلمي الذي فعل في تونس ومصر وإلى حدٍ ما في بلادنا اليمن ما لم يفعله الاقتتال الشرس والعبث بالأرواح والإمكانات، وتدمير كل ما أنجزه الشعب العربي في سوريا من بُنى ومرافق تحت شعار التغيير .

إنه عام بائس وكئيب ولن يترتب عليه سوى المزيد من البؤس والكآبة، وأخشى ما يخشاه العقلاء أن يكون العام المقبل امتداداً له ودوراناً في فلكه المرعب . ورغم هذه الاستنتاجات القاتمة، فإن الأمل يبقى أكبر من حصاد الواقع، وربما تمكن العقلاء أو من تبقى منهم على ظهر هذه الأرض من التأثير في الشارع الحائر والمستفزّ والذي كان قد بدأ يعرف دوره في مواجهة أساليب القمع بالطرق الحضارية وبالاعتصامات السلمية وعدم السماح للطائشين والمنفعلين يتجاوز الخطوط الحمراء والاندفاع غير المسؤول في التعبير عن المطالب التي كانت وماتزال ضرورية .



*. نقلاً عن صحيفة الخليج الاماراتية