حكومة الالتباسات والرسوم الدموية
الخميس, 27-ديسمبر-2012
جميل الجعـدبي -

لاهي نجحت في حماية ضباط الأمن والجيش من الاغتيالات المتكررة، ولاهي حزمت أمرها وسدت منابع تغذية العنف القادم إلى بلادنا داخل علب البسكويت ، ولاهي امتلكت رؤية سياسية واضحة لفهم طبيعة دورها في هذه المرحلة .. ولا هي قرأت قوانين البلاد والتزمت بواجبها الوظيفي في إدارة شئون هذا الشعب بموجب الأحكام والقوانين السارية وبس ..!

هكذا يبدو حال ( حكومة الوفاق الوطني ) اليوم وهي تقرر ( عدم خضوع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية المستوردة من قبل وزارتي الدفاع والداخلية لأغراض عسكرية للضرائب والجمارك )، فما الذي تريد أن تقوله حكومة المبادرة الخليجية بالضبط بمثل هذا القرار؟! هل هو الإفلاس والشعور بالإخفاق يدفعها لإقرار أي حاجة تعتقد فيها انجاز سوف يحسب لها .؟
أم انها الارتجالية والعشوائية وغياب الرؤية وانعدام الخطط والبرامج للاولويات ؟ أم هو شره الظهور الاعلامي الدعائي والطاغي على اداء الحكومة كما وصفها الدكتور يحيى الشعيبي عند استقالته من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟!.

لم يأت مجلس الوزراء في اجتماعه وقراره أمس بشأن القرار "المشبوه" بجديد يذكر غير ايقاع الحكومة برئيسها وكافة اعضائها من وزراء المؤتمر والمشترك في موقع الشبهة ، واظهارهم في مثل هذا اليوم تحديدا بمظهر المستهترين والمسترخصين لدماء اليمنيين ..!

قلت ان قرار مجلس الوزراء امس ، لم يأت بجديد يذكر ، فالفصل الثالث ، المادة 166 من ( قانون الجمارك ) في بلادنا(اليمن) يقول :( يعفى من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم والضرائب ما يستورد للجيش وقوى الأمن الداخلي " شرطة، أمن عام، ضابطة جمركية" من ذخائر وأسلحة وألبسة عسكرية وأية تجهيزات عسكرية أخرى ..!

فالمسئولية الوطنية والأخلاقية تقتضي ونحن نمر بمرحلة هيكلة الجيش وإعادة ترتيب وبناء المؤسسة العسكرية والأمنية ، وفي ظل الاوضاع الامنية المتدهورة ، وفي ظل جرائم الاغتيالات شبه اليومية التي تستهدف خيرة ضباط الجيش والأمن، ومع تزايد جرائم تهريب الأسلحة إلى بلادنا، وكذلك انفلات الأوضاع في مخازن الاسلحة في بعض المعسكرات والوحدات العسكرية (الفرقة نموذجاً ) ..كل هذه الأوضاع يفترض أنها كافية لاستشعار الحكومة مسئوليتها وإصدار قرار يوقف حتى استيراد الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية لوزارتي الدفاع والداخلية -بدلا من تذكير تجار الحروب بالمدخل القانوني لتكثيف انشطتهم- .. فحماية أبناء القوات المسلحة والأمن أولى بكثير من استيراد الأسلحة والعنصر البشري أغلى من المعدات ..!

فما الذي تريد أن تقوله حكومة (بيانات النعي) من توضيحها اليوم لما قالت أنه اللبس في تفسير نصوص ( القانون رقم 19 لسنة 2001م ) وتعديلاته بشأن الضرائب على المبيعات والتي أخضعت الذخائر والأسلحة المستوردة للضرائب بنسبة 90% ) وقولها أن المشرع قصد بذلك (الأسلحة والذخائر المستوردة من قبل أشخاص أو جهات أخرى ) فمن هم الأشخاص والجهات الأخرى يا حكومة الألغاز وتبرير الأخطاء..؟! وهل تلقت هيئة الاستثمار طلبات لمستثمرين في مجال استيراد الأسلحة ؟ حتى تعلنوا لهم مقدار الرسوم الضريبية ..! مالكمش حق الصراحة المبلغ كبير (90%) وعليكم تشجيع الاستثمار وتخفيض المبلغ .!

مؤسف جدا ان لايخرج خبر اجتماع مجلس الوزراء بما يترجم معاناة الناس وينسجم مع توجهات رئاسة الجمهورية .. وتأملوا في أبعاد الصورة امس الثلاثاء فقط (رئيس الجمهورية يكرم نقطة امنية ضبطت شحنة اسلحة مهربة – استشهاد واصابة ضباط في الجيش في اماكن متفرقة – مجلس الوزراء يقرر اعفاء وزارتي الدفاع والداخلية من رسوم الجمارك والضرائب على الاسلحة ) بمعنى ان الحكومة ليست معنية بحماية ارواح ضباط وافراد الجيش والامن، وليست معنية بتكريم نقطة امنية ضبطت شحنة اسلحة ، فهي معنية فقط بفتح باب جديد لجباية رسوم جديدة حتى لو كان ثمن هذه الرسوم دماء وأرواح ضباط وافراد الجيش والامن .!

فهل هناك ضغوط على الحكومة ؟- لماذا تتعامل مع القضايا والقوانين بانتقائية ؟ ومن هي الجهات المقصودة في توضيح الحكومة ؟ وهل هذه الجهات ينطبق عليها نص المادة 233 الفصل السادس من القرار الجمهوري رقم 14 لسنة 1990م بشأن قانون الجمارك والذي تنص على ان " تحكم المحكمة المختصة بالنفاذ المعجل إذا كانت البضاعة المهربة مخدرات أو أسلحة حربية أو ذخائر " مهما بلغت قيمتها".. أفتونا ياحكومة الالتباسات .؟! 

نقلاً عن المؤتمر نت