رمال الإخوان المتحركة
السبت, 24-نوفمبر-2012
كريمة كمال -

«حنمرر الدستور.. واللى عاجبه عاجبه».. تصريح أخير لمحمد البلتاجى، «المنسحبين من التأسيسية كفرة وأنجاس وصليبيين ورقاصين ومطبلاتية».. كان هذا تصريح الداعية الإسلامى وجدى غنيم.

قبلها بساعات، علق الدكتور «يونس مخيون»، عضو الجمعية التأسيسية عن حزب النور، منتقداً انسحاب الكنائس بقوله: «فى حال استمرار الكنيسة على الاعتراض على المادة الثانية، فإن السلفيين سيطالبون بإلغاء المادة الثالثة.

هل يمكن أن يدعى أحد بعد هذا أن «التأسيسية» تمثل كل الشعب المصرى وليس الإخوان والسلفيين فقط؟ أو أن الدستور لا يتم اختطافه من فصيل واحد دون باقى الوطن؟

ما الذى يعنيه أن يعاقب سلفيو التأسيسية الأقباط وكنائسهم بحذف المادة الخاصة بالاحتكام إلى شرائعهم رداً على انسحابهم إلا أن ذلك يعنى أن التأسيسية تأسيسيتنا، والمواد موادنا ومن يجرؤ على الانسحاب سيدفع الثمن الغريب أن يجد أعضاء التأسيسية، من الإخوان والسلفيين القدرة على الخروج للتحدث، ليس فقط عن التوافق، بل عن ادعاء أن التأسيسية تمثل كل الطوائف وتضم كل ممثلى الشعب المصرى.. والأغرب ألا يدركوا أن تصريحاتهم تتناقض مع ما يدّعونه من الدفاع عن مواد الدستور.

يبدو الإخوان وكأنما يغوصون فى رمال متحركة، أى حركة تجتذبهم إلى الأسفل، لكن هذا الانجذاب لا يقتصر عليهم وحدهم، بل يجذب معه الرئيس، والأسوأ الدولة ذاتها، فالإخوان يتصرفون كمدافعين عن الرئيس، وهذا الدفاع يتم ليس بإدراج الحجة بل بالتطاول على كل من ينتقدهم..

كل ما يأتى عنهم يرسخ لفكرة الجماعة ولا ينتقل إلى أداء الدولة والسلطة السياسية التى تدير الدولة.. كل تصريح يرد على لسان قيادة من قياداتهم يرسخ أكثر لعزلتهم وتمركزهم داخل الجماعة، وإحساسهم بهذا الانعزال لا يدفعهم إلى التوقف للتساؤل عن أسبابه، بل إلى الاتجاه المعاكس ألا وهو الإغراق فى الانعزال والتطاول والعداء لكل الآخرين الذين يستهدفونهم كما يتصورون، والحقيقة هى استهداف ما حصلوا عليه، ويدافعون عنه بكل الطرق.

استغرق مبارك ثلاثين عاماً لكى يصل إلى الانعزال عن الشعب واستغرق الإخوان ثلاثة أشهر فقط ليصلوا إلى نفس النتيجة.

عندما تكتب عزة الجرف واصفة الشباب الذى يستشهد ويموت فى «محمد محمود» بـ«الكلاب»، فلا يعنى هذا فقط شراسة الإخوان للدفاع عن مكتسباتهم، لكن يعنى أن الرمال التى يغوصون فيها تزداد عمقاً

نقلاً عن صحيفة "المصري اليوم المصرية"