كيف ولماذا تشتري كتاباً؟
الأحد, 11-نوفمبر-2012
يوسف أبو لوز -

أولاً كيف تشتري كتاباً؟ فهذا عائد أخيراً إلى ميزانية بيت العائلة، خصوصاً إذا كانت عائلة كبيرة، وأحياناً بل كثيراً قروش رغيف خبز أهم من قروش كتاب، والخبز يملأ المعدة، ولكن ماذا تقول لقارئ يرى أن ملء العقل أهم من ملء البطن .

القارئ كالأرنب يأكل كل شيء أخضر أمامه، والكتب خضراء كالعشب، كأن القارئ المحترف كائن نباتي بطبعه، ولا عجب في هذا، فأوراق الكتب صُنعت من أوراق الأشجار، بل، كأن المزارعين الأوائل هم أول من اخترع الورق . . ثم القراءة في الليل، بعد عودتهم من الغابات والحقول لكي يسردوا الحكايات ويقولوا الشعر الذي تحفظه الآن كل هذه الكتب في هذا العالم الكبير الذي انبنى وتأسس على كتب ثلاثة .

ما أجمل الكتب حتى لو كانت في الصين .

اللغات التي لا نعرفها نقلها المترجمون إلى لساننا العربي، تقرأ بالانجليزية والفرنسية والألمانية وأنت لم تذهب في حياتك إلى مدرسة أجنبية، وإذاً، شكراً للمترجم . . هذا الناقل والوسيط والصديق، ثم، وإذاً، كيف لا أشتري كتاباً؟ . . أشتريه قبل الخبز أحياناً إذا كان كتاباً ينقلني إلى ثقافة لا أعرفها وإلى إنسان لا أعرفه . . كيف أشتري كتاباً؟

أشتريه لكي أرتدي ثياباً جديدة، وأستحم بمياه من بحار وأنهار ومحيطات بعيدة لم يتح لي أن أزورها في طائرة أو عربة أو قطار . . فزرتها بالكتب .

القارئ الأرنب يشتري كتاباً قبل أن يشتري قميصاً، القميص يستر الجسد، ولكن الكتاب . . يستر العقل والقلب والروح . ثانياً . . لماذا تشتري هذا الذي قال عنه المتنبي خير جليس في الزمان .

= لأنه ذاكرتك .

= لأنه حنينك .

= لأنه صورتك الأولى التي لا تريد لها أن تتبعثر وتتبدّد .

= لأنه الكتاب .

= لأنه الكتاب الذي لمست ورقه في الصف الأول الابتدائي، وعدت بعد الظهر إلى بيت العائلة لكي تكمل الواجب المدرسي، أيامها كنت تفك الحروف . “يُقال في ثقافتنا الشعبية يفك الحروف”. . القارئ فكاك الحروف .

= لأنه البيت والحارة ثم المدينة، ثم العالم . . الكتاب عالم .

= لأنه الكشف والسر والغواية .

= لأنه السفر . كل كتاب هو سفر . رحيل من القلب وصولاً إلى القلب . انتقال من الإنسان إلى مثالية الإنسان ونموذجه الطاهر النظيف .

= لماذا أشتري كتاباً . . يسأل القارئ ويجيب:

= أنا جسد ولست حديداً، والكتاب إلى جواري لكي لا أصدأ .



*. نقلاً عن صحيفة  الخليج الإماراتية