الارتزاق السياسي
الخميس, 11-أكتوبر-2012
يحي علي نوري -

يحلو للبعض من الذين يعانون من نزيف حاد في مسؤوليتهم الوطنية الحديث بنوع من الفخر والتباهي عن الارتزاق السياسي من الخارج والتعامل مع ذلك كقضية عادية مسلَّم بها..

هؤلاء يستفزون بحديثهم هذا مشاعر واحاسيس اليمنيين التي تنظر دائماً وأبداً للارتزاق السياسي كواحدة من الكوارث والمصائب التي يعاني منها وطنهم وبسببها تراجعت مسيرته وتوارى بعيداً عن دائرة الفعل الحضاري واصبح مرتعاً تعبث فيه كل سيناريوهات التآمر التي تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً..

ولكون الحديث عن الارتزاق السياسي مازال يمثل استفزازاً صارخاً لمشاعر اليمنيين فإنه حريّ على اليمنيين اليوم وبمختلف قواهم الفاعلة العمل الجاد والمسؤول لوضع حد لحالة الانحطاط في المسؤولية الوطنية باعتبارها تمثل القضية المحورية التي يقاس من خلالها معيار الوطنية.. والولاء الوطني «كمبدأ شريف لا ينسجم بأية حال من الأحوال مع التبعية أياً كان شكلها أو نوعها»، باعتبارها منفذاً خطيراً وسيناريو من سيناريوهات التآمر تتسلل من خلاله لتضفي المزيد من القتامة والاحباط في المشهد اليمني وإبعاده تماماً عن دائرة الفعل الحضاري الذي قدم الشعب من أجلها الكثير من التضحيات الجسام ومن امكاناته المادية والبشرية.

ولكون التوقيت الراهن وما يمثله من أهمية بالغة تعيش اليمن خلالها تحديات ومخاضات جعلها أمام مفترق طرق إما أن تكون أو لا تكون، فإن الحري بنا- ونحن كقوى وطنية وفعاليات مختلفة نتجه نحو حوار وطني شامل- ان نضع قضية الارتزاق السياسي من الخارج من أبرز موضوعات الحوار الوطني الشامل.. وحتى يتم وضع حد لهذا الارتزاق وتأثيراته وتداعياته وبالصورة التي تعبر عن الارادة الشعبية اليمنية المنتصرة دوماً للقرار اليمني المعبر عن عظمة السيادة الوطنية وعظمة شعبنا وتاريخه وموروثه الحضاري..

وحقيقة.. كم هو مؤسف أن نجد البعض يتجاهل قضية الارتزاق السياسي ويذهب بعيداً في اختلاق قضايا ومواقف لا تمثل استجابة لمتطلبات الواقع الراهن، بهدف تشتيت الرأي العام اليمني وصرفه عن قضاياه الأكثر إلحاحاً وارتباطاً بحاضره ومستقبله بل وتهديد كيانه المستقبلي وشخصيته الاعتبارية.

إن رصدنا لتفاعلات الشارع اليمني إزاء كل ما يعتمل على المشهد السياسي للوطن كفيل بأن يقدم الصورة الكاملة لفظاعة ما يرتكب في حق اليمن وانجازاته التاريخية وفداحة ما يرتكبه المصابون بالنزيف الحاد لمسؤوليتهم الوطنية من جرم في حق اليمنيين، الذي لا يمكن الانتصار له طالما ظل الارتزاق السياسي يواصل بإمعان شديد اهانتهم ومصادرة قرارهم الوطني واضعاف ولائهم الوطني.

والخلاصةً.. إن الحوار الوطني الشامل والقادم إذا لم يقف بمسؤولية وطنية عالية أمام هذه القضية فإنه سيترك ثغرة لا يُستبعد معها ضياع كل اشراقة وكل أمل يعول عليه اليمنيون في بناء حاضرهم ومستقبلهم .. ونأمل ان يكون الحوار هو المحطة الفيصلية بين الشعب وبين من يستمرئون العبث بمشاعره.






نقلاً عن صحيفة 14 اكتوبر