الاحتياطي الفيديرالي الأميركي ينقذ العالم مرة أخرى
الاثنين, 16-يوليو-2012
حيدر توفيق -

راقب العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية محافظي المصارف المركزية وصنّاع القرار في مختلف دول العالم وهم يتخذون سلسلة من الإجراءات الإيجابية الهادفة إلى إنقاذ كل من الاقتصاد العالمي من أزماته المالية المتواصلة والدول الغارقة في ديونها السيادية.

لقد قرر البنك المركزي الصيني خفض سعر الفائدة مرة جديدة وتبعه في ذلك كل من البنكين المركزين الأوروبي والبرازيلي، بينما اعتمدت دول أخرى على إجراءات التخفيف الكمّي بدلاً من خفض أسعار الفائدة كما فعل بنك إنكلترا على سبيل المثال. إلا أن هذه الإجراءات جميعها لم تنجح في إثارة الأسواق المالية العالمية كما كان المأمول منها باستثناء بعض الأسهم الأوروبية لاسيما الألمانية التي نجحت في الارتفاع.

أما الإجراء الأهم والأكبر فقد جاء يوم الجمعة الماضي عندما قرر الاحتياطي الفيديرالي الأميركي الإعلان عن محضر اجتماع مجلسه الأخير، والذي أكد الحكام خلاله حاجة الاقتصاد الأميركي للمزيد من إجراءات التخفيف الكمّي.

لقد كان الإعلان عن مجريات هذا الاجتماع كافياً لإشعال بورصة وول ستريت وأسواق الأسهم الأوروبية على أن تتبعها بورصات بقية أنحاء العالم في وقت لاحق. ويظهر هذا الأمر أهمية الاحتياطي الفيديرالي الأميركي ودوره الكبير في توجيه الاقتصاد الأميركي وبالتالي العالمي ككل.

إن المستثمرين في العالم يدركون جيداً أن الأسواق المالية العالمية لا يمكنها الاعتماد على رجال السياسة لإدارة اقتصادهم، فهم بحاجة لمحافظي بنوك مركزية مستقلين ويتمتعون بصلاحيات واضحة للتأكد من محافظة الاقتصاديات على وتيرة نموها وفي الوقت نفسه السيطرة على معدلات التضخم.

ومع بداية ظهور نتائج الربع الثاني للشركات الأميركية الآن، فإنني شخصياً أتوقع أن يمضي المستثمرون وقتاً أقل في التدقيق بالنتائج الفعلية للشركات وأن يتطلعوا إلى المزيد من الإجراءات من جانب صنّاع القرار. وعلينا أن نتذكر أن معظم الرؤساء التنفيذيين للشركات الأميركية حذروا المستثمرين في شهري مايو ويونيو الماضيين بألا يتوقعوا نتائج باهرة خلال الربع الثاني ولذلك فإن خيبات الأمل لن يكون لها وقع كبير. ومع ذلك فإن الأسهم الأميركية شهدت بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية حركة تصحيحية قبل مرحلة الإعلان عن نتائج الشركات. مما لا شك فيه أن الأخبار السارة تتمثل في انخفاض أسعار النفط والسلع الرئيسية خلال الأسابيع القليلة الماضية ما سيوفر متنفساً للمستهلكين على نمط إنفاقهم وللشركات على نفقاتها.

نحن في "ديمة كابيتال" نعتقد أن "الاقتصاد العالمي سينمو بوتيرة بطيئة جداً خلال السنوات المقبلة ولن يعود إلى معدلات النمو التي شهدها في الماضي ما لم يتم تخفيف التدابير التقشفية أو حتى خفض الضرائب".

وسط كل هذا يمثل الاقتصاد الأميركي نقطة مضيئة حيث حقق نمواً بنسبة 1.5 في المئة خلال الربع الأول لهذا العام، ونحن نتوقع أن تصل نسبة نموه لعام 2012 إلى نحو 2.5 في المئة، وهي أخبار من المفترض أن تكون جيدة للشركات الأميركية ليس المحلية فقط بل أيضاً للشركات متعددة الجنسيات.

* نقلاً عن جريدة "الراي" الكويتية