الحوار الوطني
الأربعاء, 11-يوليو-2012
كلمة صحيفة 26 سبتمبر -

الحوار الوطني الذي يجري الاستعداد والتحضير له هو القضية الاساسية والمفصلية في التسوية السياسية التاريخية المجسدة في المبادرة الخليجية، والتي تحظى باهتمام وطني وإقليمي ودولي.. والحوار قبل كل هذا وبعده ضرورة وطنية يفرضها الواقع وتقتضيها موجبات إنتقال اليمن موحداً وديمقراطياً إلى مرحلة جديدة تتجاوز تراكمات الماضي بكل صعوباته ومعضلاته وتحدياته، وهذا يتطلب من القوى السياسية إدراكاً واعياً أن لا مخرج لنا إلاَّ بالجلوس على طاولة الحوار، والاستعداد ليس فقط لتقبل رؤى وتصورات الآخر وما يطرحه من قضايا، بل ومناقشتها بعقلية منفتحة نابعة من استشعار المسؤولية تجاه اليمن ومصالحه العليا وحاضر ومستقبل أبنائه، وهو ما يستدعي المصداقية والتجرد من أنانية المصالح الحزبية والشخصية الضيقة التي أوصلتنا إلى حافة الهاوية سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وحتى قيمياً وأخلاقياً..

وفي هذا المنحى يفترض من بعض الأطراف السياسية الإرتقاء إلى مستوى استحقاقات مواجهة المخاطر التي يجابهها اليمن رغم النجاحات المحققة على أكثر من صعيد منذ تحمل الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية مسؤولية قيادة الوطن بتفويض شعبي غير مسبوق تجلّى في انتخابات 21فبراير 2012م الرئاسية، والتي مثلت إرادة اليمنيين التواقين إلى تغيير ينتقل بوطنهم إلى مرحلة لا مكانة فيها للإستعلاء والفساد والارهاب والإستقواء بالعصبيات الحزبية والقبلية والمذهبية والمناطقية التي أنتجت ثقافة العنف والحقد والكراهية والتفريط بهيبة الدولة ومكانة اليمن وكرامة شعبه الحضاري العظيم والعريق.

إن اليمنيين يريدون من الحوار والمتحاورين الخروج بنتائج تحوَّل تطلعاتهم وآمالهم إلى حقائق يعيشونها في ظل دولة يمنية موحدة ديمقراطية مؤسسية حديثة تقوم قواعد بنائها على أسس دستورية وقانونية متينة وراسخة ينتهي فيها الإقصاء والتهميش والتوازنات المبنية على حسابات القوة والنفوذ الجهوي، والذي بكل تأكيد يتحمل مسؤولية غياب دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية والعدالة في السلطة والثروة.. هذه قضايا محورية ينبغي أن تضعها نصب عينيها كافة الأطراف التي ستشارك في الحوار الذي بدون شك ستمثل فيه كافة الفئات والشرائح والفعاليات الشبابية والاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني، أي كل أبناء اليمن من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، وعلى نحوٍ يؤدي إلى صياغة شكل ومضمون مسارات بناء اليمن الجديد الآمن المستقر القوي المزدهر.

لذلك كله نقول لمن يحاول ويسعى إلى وضع العوائق والعراقيل أمام إنجاز مهام واستحقاقات المرحلة الانتقالية وفي صدارتها الحوار إنه ليس فقط يقف على طرفي نقيض مع مصلحة اليمن الوطن والشعب، لكنه أيضاً يقف ضد جهود الأشقاء والأصدقاء- رعاة المبادرة الخليجية والداعمين لها- إنطلاقاًً من أن وحدة وأمن واستقرار اليمن يعني استقراراً للمنطقة والعالم.

وفي هذا الإتجاه على أولئك الذين يعملون بعقلية إنتهازية لفرض أجندتهم على طاولة الحوار، عليهم أن يقلعوا عن ذلك والنظر إلى مصالحهم من أفق واسع ليروا أن مصلحتهم لا تتحقق إلاَّ من خلال مصلحة اليمن، وأن العمل على اقصاء وتهميش الشركاء والأطراف السياسية الأخرى لا يمكن فهمه إلاَّ في إطار الاستحواذ والذي غايته إعادة إنتاج ما نريد تجاوزه.. غير مدركة تلك القوى الأثمان الباهظة التي ستدفعها وحدها كونها شرعنت مثل هذا السلوك السياسي المتكيء على إعتقاد أنه بالإمكان فرض واقع يصب في إتجاه غاياته وأهدافه خارج مسار الغايات الوطنية التي تحقق التغيير المنشود الذي يطمح إليه شعبنا.

استخلاصاً لكل ما سبق ندعوا الجميع في هذا الوطن إلى ان يكونوا في مستوى المسؤولية وهم يقفون على عتبات بوابة الحوار الوطني الذي على طاولته يصنع اليمنيون حاضرهم ومستقبل أجيالهم القادمة.