دلالات القيادة الحكيمة...الرئيس الصالح.. رجل الحاضر والمستقبل
الأحد, 26-أكتوبر-2008
علي الثلايا - ليس من قبيل المصادفة أن يأتي يوم السابع عشر من يوليو من العام 1978م ولم يكن من باب ضربة الحظ أن يغدو المواطن الصالح/ علي عبدالله صالح- رئيساً للجمهورية.. بل أن هناك كثيراً من المعطيات والمقدمات، وعدداً كبيراً من العوامل القيادية والزعامية والكارزمية،، وجملة من الحقائق والصفات والمميزات، التي جعلته مختلفاً عن غيره، ومؤهلاً لخوض غمار التحدي التاريخي الصعب، الذي وصفه الجميع بكونه مستحيلاً، بل وأكثر من مستحيل..
ذلك أن المواطن الصالح التحق بالسلك العسكري وتدرج فيه من جندي إلى رقيب إلى ملازم، وشغل عدداً من المناصب العسكرية والقيادية التي من ضمنها مديراً لتسليح سلاح الدروع، وقائد فصيلة دروع وقائد سرية دروع، وأركان حرب كتيبة دروع، وفي عام 1975م، عُين قائداً للواء تعز.. وخلال مراحل حياته العسكرية تلك، تمكن من خلق وتمتين علاقاته مع زملائه وأقرانه ومواطنيه.. ولم يكن بعيداً عن متابعة التطورات والمتغيرات السياسية على مستوى الساحة الوطنية.
بيد أن التدرج الطبيعي للمواطن المخلص/ علي عبدالله صالح في السلك العسكري قد مكنه من صقل مواهبه وتنمية قدراته، وتطوير إمكانياته ومهاراته، وتوسيع ثقافته العسكرية والقيادية والسياسية من خلال المتابعة الحثيثة لمجمل الأحداث السياسية في اليمن وتحديد موقعها من الأحداث السياسية في العلاقات الدولية. 

حال الوطن حينها 

منذ أكتوبر 1977م وحتى 24 يونيو1978م، لم تكن الظروف السياسية في الوطن أقل لهيباً وتأججاً من لهيب النار.. حيث كان كرسي رئاسة الجمهورية محفوفاً بمخاطر جمة، ومحاطاً بالموت المحقق، حيث سقط الرئيس إبراهيم الحمدي، في أكتوبر1977م، قتيلاً في ظل ظروف بالغة الغموض.. وعلى إثر ذلك صعد المقدم أحمد حسين الغشمي إلى كرسي الرئاسة، ثم لم يمر على بقائه بالكرسي أكثر من ستة أشهر حتى سقط في حادثة اغتيال تحمل كثيراً من الغرابة وتثير عدداً من التساؤلات وعلامات الاستفهام...
وبذلك بات كرسي الرئاسة شبحاً مخيفاً، وأسداً مكشراً عن أنيابه ينهش كل من حاول أو فكر بالاقتراب منه.. وعمت الفوضى كل أرجاء الوطن، ودخلت البلاد حالاً من الفوضى والاحتراب والتناحر والافتتان والاقتتال، وشهدت فراغاً سياسياً كبيراً لم يشهد له التاريخ مثيلاً..حيث فر الكثيرون من أصحاب المراس وذوي الخبرة في العمل السياسي، وامتنع الأكثر عن الاقتراب من كرسي الرئاسة..
فضلاً عن تلك الأطماع التي كانت تحدق باليمن، والمخاطر التي تحيط بها من كل الاتجاهات.. داخلياً وخارجياً... حيث ضاعفت تلك الأحداث الدموية من حدة التوتر بين الشطرين وفي المناطق الوسطى من البلاد.. ووصلت الحالة السياسية والعسكرية حداً صعباً يستحيل معه التصديق بإمكانية وجود شخص واحد يستطيع أن يكون منقذاً للوطن مما هو عليه من تمزق وشتات، واحتراب وخراب... 

مغامرة اضطرارية 

وفي مثل تلك الظروف، وفي ظل ذلك الوضع، كان لابد مما ليس منه بد.. كان لابد من أن تحدث معجزة.. ولابد من أن تظهر شخصية وطنية قيادية فذة تتحمل كامل المسئولية، وتعمل على سد الفراغ السياسي،وتفوت الفرصة على أعداء الوطن في الداخل والخارج، وتطفئ لهيب النار المشتعلة حول كرسي الرئاسة،وتردم فوهة البركان الثائر الذي أقلق كل اليمنيين وهدد مصيرهم... وكان علي عبدالله صالح حينها قائداً للواء تعز، فتحرك منها مسابقاً الزمن، وصولاً إلى صنعاء..
وإذا كان للضرورة أحكامها، فإن للقدر ترتيباه ... حيث وجد علي عبدالله صالح نفسه- عقب الأحداث الدامية في البلاد – عضواً في مجلس الرئاسة "المؤقت" ونائباً للقائد العام، ورئيساً لهيئة الأركان العامة .. وأدرك أن أمامه مصيراً شاقاً، وأمراً عظيماً، وشيئاً محتماًَ، كانت الأقدار قد هيأت وأعدت كلاً منهما للآخر...
فكان يوم السابع عشر من يوليو عام 1978م، يوماً لإنقاذ اليمن مما كانت عليه، ومما كانت ستؤول إليه.. حيث انتخب مجلس الشعب التأسيسي، المواطن المغامر الفدائي/ علي عبدالله صالح – رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة، من خلال الاقتراع الحر المباشر عبر المؤسسات الدستورية حينها.. ومنها برزت الملامح الرئيسية للممارسة الديمقراطية الحقة، وظهرت البدايات الحقيقية لعملية حكم الشعب نفسه بنفسه، والاحتكام لصندوق الاقتراع...

وهنا يحسب للرئيس الصالح بأنه – ومنذ الوهلة الأولى لتوليه مقاليد السلطة – استطاع أن ينقل باليمن من لغة السلاح والمدافع إلى لغة الحوار.. حوار العقود والأفكار..
ثم أنه لما جاء – في ذلك الظرف الخطير والوضع المتأزم – مغامراً بحياته من أجل اليمن، فإن المؤسسة العسكرية بكامل قوامها أجمعت على ترقيته إلى رتبة عقيد، وفاءً وعرفاناً وتقديراً لما بذله من جهد كبير في بناء وتطوير القوات المسلحة والأمن، على أسس عملية وعلمية حديثة ومعاصرة... 

صالح .. عهد الخلاص الوطني 

إن المنطلقات الفكرية الأساسية للعملاق السياسي والقائد الوطني الفذ/ علي عبدالله صالح، تتحدد بوضوح وتتبلور بجلاء من مجمل خصائص مقومات الشخصية القيادية الفذة التي توفرت فيه بأجمل ما تكون عليه أدوار ومزايا القيادات المنقذه لحياة الأمم والأوطان، في مختلف الحقب التاريخية المتعاقبة.. ولذلك نجد أن فخامة الرئيس منذ الوهلة الأولى لتوليه مهام السلطة، انتهج أسلوباً مغايراً وفريداً ومختلفاً ووحيداً في تاريخ الزعامات العربية، قديماً وحديثاً..
وبالتالي فإن من البديهي التأكيد على أن اشر قات عهد هذا القائد العملاق، قد مثلت منذ يوم السابع عشر من يوليو، عهداً للخلاص الوطني.. حيث شهد الوطن منذئذ نوراً ساطعاً منبثقاً من قيم ومفاهيم فخامة الرئيس القائد.. هذا النور الذي أنار الدرب، وهتك مجاهل ومغاليق الأفق السياسي المليء بالضبابية الشديدة، والملبد بتخوم انعدام الرؤية، والمدجج بأحقاد وضغائن أعداء الوطن والمتربصين به والحاقدين عليه...
ولئن كانت الأفكار القيادية لفخامة الرئيس قد جاءت لتنمي المنطلقات التي تتفرد بها شخصيته الفذة.. فإن فلسفته في إدارة الحكم قد جاءت انطلاقاً من خصائص ومقومات واقع الحياة العامة المتسمة بعراقة الموروث الحضاري والتاريخي، وأصالة الموروث الاجتماعي الإسلامي للشعب...
وهو الأمر الذي يمكن من خلاله التأكيد على أن اليمن خلال تاريخ مسيرتة التنموية شهد تحولاً تاريخياً كبيراً، جاء متوافقاً ومرتبطاً بتولي فخامة الرئيس / علي عبدلله صالح، مقاليد السلطة..حيث أتبع نهجاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً يستهدف تحرير الوطن من أغلال التجزئة وبراثن التخلف والتبعية.. ويحافظ على الهوية الوطنية والحضارية للشعب بما يمكنه من المضي قدماً لاستكمال متطلبات التنمية الشاملة في إطار مشروع وطني مستقل ومتكامل، يحمل في طياته قدراً كبيراً من الواقعية والوضوح والشفافية والشمول لكل جوانب الحياة ومختلف مجالاتها..
بيد أن من البديهي القول في هذا المضمار، أن التجربة الناجحة والبارزة لفخامة الرئيس منذ توليه مقاليد الحكم وحتى اليوم، إنما تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على عظمة وضوح الرؤى السياسية والفكرية لديه، وتطبيقاتها وترجمتها وبلورتها على أرضية الواقع الملموس ولعل أبرز هذه الانجازات على الإطلاق، يتمثل بتحقيق الوحدة المباركة، وترسيخها وتجذيرها في وجدان أفراد الشعب... وتعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية ومضامينها، والتوجه نحو التنمية الشاملة بمجالاتها المتعددة، وتكريس النهج الديمقراطي في مضمار البناء الوطني الشامل والمتكامل. 

في المحك العملي 

لعل من نافلة القول، التأكيد في هذه العجالة، على أن الرئيس الصالح، في المحك العملي قد أبلى بلاءً حسناً يستحيل على رجل غيره أن يفعل ما فعله على الإطلاق...
حيث حقق الرئيس الصالح رصيداً كبيراً في مضمار العمل الوطني والأداء السياسي الرائد والنادر.. وحقق عدداً كبيراً أيضاً من المشاريع والإنجازات العملاقة التي لا تحصى ولا تعد، ولا يمكن حصرها في حيز معين أو مساحة محددة،، حيث جعل كل هذه الإنجازات واقعاً ملموساً يتحدث عن نفسه،، فغيرت من شكل وصورة الواقع الموروث الذي كان تغييره حلماً صعب المنال، وضرباً من ضروب الخيال.. لكن رباناً ماهراً كفخامة الرئيس استطاع أن يقود سفينة الوطن إلى بر الأمان بحنكة ومهارة، متجاوزاً ومتخطياً سيلاً من المصاعب والتعقيدات التي لا حصر لها.. متحلياً في سبيل ذلك بعدد من الصفات المتمثلة بالصبر والتسامح والعفو والإخلاص والعمل الدءوب، وغيرها من الصفات التي مكنته من تخطي كل الصعاب والعراقيل والتعقيدات والعقبات الكأداء...
ونظراً لأنه كان يضع نصب عينيه مسألة القضاء على إفرازات ومظاهر الثالوث الأسود الذي ينخر في جسم الشعب وجسد الوطن، علاوة على التشطير والقائم بين أبناء الوطن الواحد.. فلقد تحقق على أياديه البيضاء – وبمؤازرة شعبة الذي التف حوله – الشيء الكثير والكبير مما يصبو إليه كل مواطن يمني محب لوطنه ومخلص لقيادته السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس الذي وهب نفسه للوطن أولاً وأخيراً..


خاص : معهد الميثاق