الفتنة نائمة
السبت, 06-أغسطس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -
ماذا لو أنَّ أحزاب اللقاء المشترك غلبت المصلحة الوطنية العليا لليمن وجعلت هذه المصلحة تتقدم على مصالح أحزابها ومطامع قياداتها وأهوائها الذاتية والأنانية، وعملت من هذا المنطلق على التجاوب مع دعوات الحوار، ولما من شأنه إخراج اليمن من أزمته الراهنة، وتجنيبه الانقسامات والصراعات والتوترات، والمحاولات الرامية إلى الزج به في أتون حرب أهلية كارثية، سيدفع أبناء اليمن جميعاً ثمنها الباهظ من دمائهم وأرواحهم واقتصادهم وأمنهم واستقرارهم وسلمهم الاجتماعي..؟. بالتأكيد لو أن أحزاب المشترك حكمت العقل والمنطق وابتعدت عن المكابرة والإمعان في العناد، لما وصلت اليمن إلى المنحنى الذي وصلت إليه اليوم، بفعل التهور الذي طغى على مواقف هذه الأحزاب، والشطط الذي استبد بقياداتها وجعلها لا تفكر سوى في الانقلاب على الشرعية الدستورية، عن طريق إشعال الحرائق وتأزيم الأوضاع، وإقامة التحالفات المشبوهة مع الخارجين على النظام والقانون والعناصر المتطرفة والإرهابية والقوى الانتهازية المتربصة باليمن وأمنه واستقراره، والتي تلتقي معها على هدف واحد هو إسقاط النظام خاصة وأن كل طرف من هذه الأطراف المهووسة بالسلطة يعتقد أنه سيكون البديل، فيما الحقيقة أن أياً من هذه الأطراف يستحيل أن يكون البديل، لأن البديل لن يكون سوى الفوضى والخراب والدمار. لقد ركبت قيادات هذه الأحزاب موجة الاعتصامات وقامت بمصادرة تطلعات الشباب، وكانت الحصة الأكبر في هذا الاستحواذ لعناصر الإخوان المسلمين في التجمع اليمني للإصلاح، التي تمكنت من السيطرة على الساحات. بفضل من دفعت بهم من عناصرها إلى هذه الساحات، المتخصصين في ترديد الهتافات والشعارات وإحداث الضجة والجلبة الإعلامية، التي تظهر حزب الإخوان المسلمين وكأنه قادر على تحريك الشارع اليمني بأكمله، مع أنه لا يستطيع أن يجمع ثلاث حافلات من الشباب من خارج من ينتمون إليه ومن يتحالف معهم من عناصر التطرف والإرهاب في تنظيم القاعدة، الذين كشف زعيمهم أنهم متواجدون في الساحات. جنباً إلى جنب مع جماعات الإخوان المسلمين. ولذلك فإن رفض أحزاب اللقاء المشترك لدعوات الحوار كان متوقعاً لأسباب كثيرة، أهمها إدراك هذه الأحزاب أن الحوار سيؤدي إلى إخراج اليمن من الأزمة الراهنة وإغلاق المنافذ التي تتسرب منها أصوات تجار الحروب والأزمات والفتن. حيث وأن ذلك يتصادم مع أجندتها ومشروعها الانقلابي، ويمكن استشراف هذا التوجه من خلال إصرار هذه الأحزاب على إطالة أمد الأزمة. التي تقوم بتغذيتها ووأد أي جهود تسعى إلى اخمادها. وعلى غرار تهرب هذه الأحزاب من الحوار في الماضي حتى يتحقق ما كانت تسميه تهيئة الملعب السياسي هاهي هذه الأحزاب تتهرب اليوم من الحوار في انتظار أن تلبس "الزلاجات" التي تنقلها إلى القصر الجمهوري، مع أنه ليس من لوازم من يريد أن يحكم أن ينطلق من بوابة نشر الفوضى وأعمال التخريب وإقلاق السكينة العامة ومعاقبة من يريد أن يحكمهم بقطع الكهرباء عنهم ومنع المشتقات النفطية من الوصول إليهم، وحرمانهم من وسائل الحياة، وتحويلهم إلى حقل تجارب للمخربين والمتطرفين والإرهابيين. ولكنَّ من شب على شيء شاب عليه. ولا ندري كيف يمكن لأصحاب الأيادي الملوثة بدماء الناس ومن يحرمون أبناء الشعب من حقهم في الحصول على حاجياتهم الضرورية، ويسعون جاهدين إلى تمزيقهم وتفتيتهم ونهب ثروات وخيرات وطنهم، وزعزعة أمنهم واستقرارهم، أن يصبحوا محل ثقة أو يقبل بهم العامة من أبناء الشعب حكاماً لهم!!. ولو أن أحزاب المشترك عاد إليهم رشدهم حتى ولو لساعة لعلموا أنهم بمواقفهم الراهنة يظهرون كأعداء للحياة والتقدم وأن رفضهم للحوار إنما يعني تخليهم عن قيم الديمقراطية، وأنهم بمثل هذه التصرفات يكشفون عن أهدافهم الانقلابية ومواقفهم الطائشة وغير المسؤولة التي سيرفضها الشعب وسيتصدى لها بقوة وأداً للفتنة. فـ"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".
|