على من يضحكون؟!
الثلاثاء, 26-يوليو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

يجمع كل المراقبين السياسيين على أن اليمن يمر بمنعطف خطير يضعه على مفترق طرق، وأنه لا مخرج من هذا الانسداد إلاّ بالتوافق والحوار، وجلوس الأطراف السياسية والحزبية على طاولة النقاش والبحث عن الوسائل العملية، والخطوات الكفيلة بتجنيب اليمن السقوط في أتون الفتن والفوضى والصراعات المدمرة.
ومثل هذا الإجماع على أهمية الحوار لم يأت من فراغ، بل أنه نابع من رؤية متفحصة لواقع المشهد الراهن في اليمن والمشكلات والتحديات التي تحيط به. كما أن هذا التصور جاء نابعاً من حقيقة أنه لا بديل عن الحوار وأنه لا مفر منه، بعد أن برهنت الأحداث أن لا أحد في هذا البلد يمكن له أن يلغي الآخر، أو أن يفرض وجهة نظره بعيداً عن التوافق في إطار وطني بنَّاء، يفضي إلى الحلول الواقعية التي تفتح أفقاً جديداً أمام الجميع وتقود الوطن إلى شاطئ الأمان.
وفي ظل هذا الوضع الذي يخيم عليه التأزم والانسداد السياسي فإن من المستغرب أن نجد أحزاب اللقاء المشترك تتمترس وراء مواقفها المتصلبة الرافضة للحوار، على الرغم من كل التحذيرات الإقليمية والدولية من خطورة استمرار الأزمة الراهنة وتداعياتها السلبية وهو ما قد يدفع باليمن إلى منزلق الصوملة.
ومن المفارقات العجيبة أن مثل هذه الأحزاب التي ترفض الحوار وترفض أية صيغة تؤدي إلى حلحلة الأزمة، تصر بمثل هذا الرفض على وضع الوطن على كف عفريت، في الوقت الذي تتشدق فيه بأنها حريصة على أمن واستقرار اليمن ومصلحة أبنائه.
وإذا ما استمرت هذه الأحزاب متشبثة بمواقفها التصعيدية والتأزيمية فإنها ستتحمل مسؤولية ما سيترتب وما سينجم عن هذه المواقف المغامرة والمقامرة والتي كشفت من خلالها عن أن ما يطرح حول تورطها في التحريض على أعمال العنف والتخريب والسلب والنهب والممارسات المخلة بالأمن والاستقرار ليست مجرد شكوك، وإنما هي بالفعل متورطة في تلك الأعمال، وهناك الكثير من الوقائع الدالة على ذلك، وبالذات ما يتصل بتورط عناصر منتمية إليها في الاعتداء على خطوط الكهرباء والتقطع في الطرقات لمنع وصول المشتقات النفطية والغاز إلى المواطنين، وإثارة الفوضى في العديد من المناطق بهدف استنزاف قدرات الدولة.
والمؤسف حقّاً أن هذه الأحزاب التي تبدو في خطابها السياسي والإعلامي متعاطفة مع المواطنين جراء المعاناة التي يتكبدونها بفعل أزمة المشتقات النفطية، والانقطاعات المتكررة للكهرباء التي صارت تتعرض للاعتداء بشكل يومي، هي من تقتل القتيل وتمشي في جنازته. حيث وأن هذه المعارضة تمارس الفعل ونقيضه، فهي من تمارس العقاب الجماعي ضد المواطنين وتندد بذلك في ذات الوقت، وهو ما بات واضحاً لأبناء الشعب اليمني الذين أدركوا أن هذه المعارضة لا يهمها سوى كيف تقفز إلى السلطة حتى ولو أدى بها الأمر إلى السير فوق الجماجم والأشلاء وتحولت اليمن إلى مقبرة لا يسمع منها سوى العويل والأنين والبكاء والنحيب.
فعلى من تضحك هذه الأحزاب التي شاءت إرادة الله أن ينفضح أمرها وأن تظهر على حقيقتها وهي تعلن عن رفضها للحوار مع أنه ليس هناك معارضة في العالم يمكن أن ترفض مبدأ الحوار باعتبار أن من يرفض الحوار يكون قد اختار البديل وهو العنف.
وما نأمله من العقلاء داخل هذه الأحزاب أن يتداركوا الأمر قبل أن يصل التهور بأولئك المغامرين والمقامرين إلى الدفع باليمن إلى محرقة الخراب والدمار والضياع تحركهم إلى ذلك المقولة الشمشونية "عليّ وعلى أعدائي يا رب" ولن يضيعوا إلا هم أما الوطن فله شعب يحميه !!.