عن أي تداول سلمي يتحدثون ؟!
السبت, 23-يوليو-2011
كلمة صحيفة الثورة -

من يتابْع تفاصيل المشهد الراهن على الساحة اليمنية يجدْ أنه ومنذ محاولة الاغتيال الإرهابية الفاشلة، التي استهدفت فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وعدداً من كبار قيادات الدولة أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة في غرة رجب الحرام بجامع النهدين بدار الرئاسة، عاد أولئك الذين لم يحترموا قدسية وجلال بيت من بيوت الله، وحرمة الأنفس البريئة، وعمدوا إلى إخافة السبيل والتقطع في الطرق والتحريض على أعمال النهب والسلب والتخريب والاعتداء على خطوط وأبراج الكهرباء، ومنع وصول الديزل والبنزين والغاز إلى المواطنين في العاصمة وبقية المحافظات، إلى الحديث دون خجل أو حياء، وبوقاحة مفرطة عن الانتقال السلمي والسلس للسلطة. ولا ندري كيف لمن لا يؤمن بقيم الديمقراطية والعمل السياسي السلمي، ومنهجية التعددية السياسية ولا يحترم إرادة الشعب في صناديق الاقتراع، ولا يضع اعتباراً لموجبات الحوار وإحلال الأمن والاستقرار والسكينة العامة والسلم الأهلي، ولا يأبه بمعاناة الناس جراء الأزمات التي يفتعلها بدم بارد أن يجاهر بمثل تلك الدعوة التي تتصادم مع ممارساته الهمجية وغير المسؤولة.
بل كيف لمن لا يخافون من عقاب الله ودعاء الشعب أن تصل بهم الوقاحة والبجاحة حد الحديث عن الانتقال السلمي والسلس للسلطة، وهم الغارقون حتى آذانهم في التحريض على أعمال العنف والقتل والتخريب وسفك دماء الأبرياء، ومِنْ ذلك الاعتداء الشنيع والبشع الذي أغضب الله باستهدافه بيتاً من بيوته التي يرفع فيها اسمه جلت قدرته وعظمته، وأن يظهروا علينا بعد كل تلك الآثام بمظهر الحمل الوديع وهم الذين يقتلون القتيل ويمشون في مقدمة جنازته، ويذرفون دموع التماسيح زيفاً وكذباً في محاولة لإبعاد الشبهة عن أنفسهم وتضليل الرأي العام في الداخل والخارج، دون إدراك أنهم صاروا مكشوفين وأن التحقيقات ستفضح ما اقترفوا من الجرائم الجسيمة التي هدفت إلى قتل الحياة والحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، ومتجاهلين أن يد العدالة ستصل إليهم عاجلاً أو آجلاً.
فعلى من يضحك هؤلاء الذين صار كل ما يهمهم هو القفز إلى السلطة التي أصبحت دينهم ومعبودهم الوثني الدنيء والقبيح؟
وعلى من يضحك هؤلاء الانتهازيون والفاسدون والشموليون وهم الذين تلطخت أياديهم وتلوثت بدماء الناس عبر أفعالهم التي لا يقرها دين ولا شرع ولا ضمير؟
أليسوا هم من يحرمون الشعب من الحصول على حاجاته الضرورية من المشتقات النفطية، وهم من يحرمونه من خدمة الكهرباء والتمتع بالطمأنينة والأمن والاستقرار؟
وأي انتقال سلمي يتحدثون عنه وهم يتآمرون على وحدة الوطن ويمزقون أوصاله ويبددون ثرواته ويدمرون خيراته، ويسفكون دماء أبنائه وينهبون مؤسساته ويقلقون أمنه واستقراره، ويعملون على إلحاق الضرر بمصالح الشعب الذي يسعون لحكمه.
لقد استنفد هؤلاء كل الشعارات البراقة التي ظلوا يرفعونها لدغدغة عواطف البسطاء، ودخلوا منطقة الاحتضار الدراماتيكي، التي بدوا فيها يتخبطون يميناً وشمالاً شرقاً وغرباً، لينصب تفكيرهم في مسألة الوصول إلى السلطة وبأي ثمن كان دون وعي أو فهم أن السلطة لا تكمن في التربع داخل القصر الجمهوري الذي يريدون الوصول إليه والتسلط على الشعب الذي يستميتون من أجل قهره وإذلاله، ولكن السلطة تضحية وإيثار في خدمة الناس وحفاظ على أمنهم واستقرارهم وحماية لحقوقهم وأعراضهم وحرياتهم وصيانة لقدسية الدستور وسيادة النظام والقانون واحترام لإرادة الشعب باعتباره مصدر السلطة وصاحب القول الفصل في منح الثقة أو حجبها.
أفلا يخجل أولئك الذين يتحدثون عن الانتقال السلمي السلس للسلطة، ويتوقفون عن استغفال الناس، خاصة وأنهم عاثوا وعبثوا فساداً وتدميراً وتخريباً دون خوف من الله ولا من سيادة القانون، لينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. صدق الله العظيم.