لماذا فشلنا في تهيئة الوطن لمواجهة التحديات ؟
السبت, 23-يوليو-2011
عادل الشجاع -
للإجابة على السؤال نقول : لقد دخلنا إلى بوابة التغيير من باب تدمير رأس المال البشري، لذلك كان الهدر كبيراً، تمثل في عدم احترام القوانين وتدمير النظام العام والتراجع عن كثير من القيم والأخلاق.
لقد ذهبنا إلى المطالبة بإصلاح الحاكم وأهملنا إصلاح المحكومين، فترتب على ذلك نظرتنا إلى أن المسئولية تقع فقط على السلطة ونسينا ضمير المجتمع المنوط به صنع التغيير المنشود.
نحن إذن أمام تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية رهيبة نتجت عن عدم تحمل المسئولية، حيث كل طرف يلقي بالمسئولية على الطرف الآخر، ففشلنا في تهيئة الوطن لمواجهة التحديات والاستحقاقات المطلوبة للمرحلة الجديدة.
لقد انغمسنا في المفهوم الضيق للتغيير وانحصرنا في دائرة ضيقة تمحورت حول الأشخاص والمواقع فقط ولم نركز على التغيير واستحقاقاته.
ومما لا شك فيه أن عمق التغيير لا يقاس بحجم من ينبغي إزاحتهم من الواجهة أو بمن يستحقون أن يحلوا بدلاً منهم، فالتغيير يتحدد دائماً بالقدرة على تحقيق الأهداف كما ينعكس هذا التغيير على نبض الرأي العام وفتحه لأبواب الأمل.
وما يجري في اليمن من حديث عن التغيير هو نوع من الإلهاء لا تتحمله ظروف وأوضاع الوطن الراهنة لأننا نواجه كماً هائلاً من التحديات والمشكلات التي تراكمت لفترة طويلة.
ولست بحاجة للقول إن التغيير الصحيح هو الذي يكون في إطار الضرورات الموضوعية ولا يتحقق التغيير إلا وفق وعي الأمم والشعوب وفهمها لقواعد التغيير.
ولا أجانب الصواب إذا قلت إن تخلف اليمنيين عن اللحاق بقطار التطور الإنساني كان عجزاً منهم وإنما كان عجزاً عن الإدراك الصحيح في التوقيت الصحيح لمتطلبات التغيير الحقيقية
وللأسف الشديد فإن الأحزاب السياسية مسئولة عن كل ذلك لأنها عجزت عن الإمساك بالفرصة السانحة في التوقيت الصحيح وأثبتت أنها تكرر أخطاء الماضي.
ونحن لا نتجنى على أي حزب من هذه الأحزاب وإنما هذا هو الواقع، هذه الأحزاب لم تستطع خلق تصور مشترك حول آفاق المستقبل ومتطلباته، كما أنها لم تستطع فتح باب للحوار بشأن المستقبل، وعندما تحاورت لم تستطع أن تضع خطوطاً فاصلة بين ما تتمناه وبين ما تتوقعه ولم تستطع التفريق بين ما تستطيع إنجازه وما يستحيل أن تقفز إليه دفعة واحدة.
ومن باب الأمانة والتذكير أقول لقد كنت من الذين اجتهدوا في طرح ما ينتظرنا في المستقبل من تحديات ومصاعب، وكنت أحذر من الكوارث، لكن أياً من الأطراف المتصارعة لم يستطع التفريق بين الطرح الأمين الذي يهدف إلى التنبيه ودق أجراس الخطر مبكراً، وبين الرغبة في التخويف وإطفاء الأنوار بهدف فتح أبواب اليأس والقنوط.
كان يمكننا أن نتخطى معظم المصاعب إذا بدأنا مبكراً في الاستعداد لها.. لقد آن الأوان أن نركز الاهتمام على عمق المصاعب وشدة التحديات التي تنتظرنا.. إننا بحاجة إلى أطباء يعرفون جيداً كيف يصفون الدواء السليم أكثر من حاجتنا إلى أطباء مهرة في التشخيص، ونحن نعلم أن هناك فرقاً بين طبيب وآخر وهذا الفرق يكمن في مدى الخبرة التي تؤهله لكتابة الدواء الصحيح، ولا أحد ينكر أن القدرة على سرعة استعادة أجواء الأمن والاستقرار هي نقطة الانطلاق نحو الغد.
لذا وجب علينا أن نطرح على أنفسنا سؤال المستقبل بدلاً من الاستغراق في صراعات الماضي التي أرهقتنا وشغلتنا بأكثر مما يجب.
صحيح أن الماضي يصلح قاعدة للانطلاق نحو المستقبل ولكن في غيبة التطور في المفاهيم والأساليب يتحول الانشغال الزائد عن الحد المعقول بالماضي كسلاح فاسد يرتد إلى الصدور.. إن عملية التغيير لا ترتبط بجهة معينة ولكنها مسئولية المجتمع بكل قواه وفصائله.
أظن - وليس كل الظن إثماً - أن المهمة الأساسية للنخبة الفكرية والسياسية هي إعادة صياغة الدولة المدنية من خلال تغيير الدستور وجعله نهجاً يشبه النهج الذي سارت عليه البلدان المتقدمة من قبل.
وعليّ أخيراً أن الفت نظر الشباب المستقل الذي يجر إلى معاداة القوات المسلحة، التي مازالت تحافظ على تماسك الوطن، ويقبل بتلك القوة التي انشقت وأقول له إن القوات المسلحة مهمتها مراقبة ما يهدد أمن الوطن.
من المفروض أن القوات المسلحة ليس لديها مشكلة لا مع الحوار الوطني ولا مع المظاهرات ولا الآراء المختلفة الزاعقة والفاضية وليس مهمتها تعطيل أعمال الدولة وتفجير مواردها الاقتصادية أو السيطرة على مناطق منها يسيرها وفق الهوى والغرض.
وهذا ما ارتكبه الجنرال علي محسن الذي بنى الفرقة الأولى مدرع من أجل مصالحه ومصالح الايديولوجية التي يتبعها وليس من أجل الوطن وأمنه واستقراره.
إذا أردنا أن نمضي قدماً في التطور السياسي والاقتصادي فعلينا أن نذهب نحو الانتخابات البرلمانية لأنها أكثر أهمية وتأثيراً في حياة البلاد من المجلس الانتقالي.
ولا أعتقد أن هناك ما هو أكثر أهمية من الاهتمام بالمستقبل القريب والبعيد ولا أظن أن هناك ما هو أكثر أهمية لمستقبل اليمن وحماية، أمنها القومي من أن نضع الشعب اليمني بين الشعوب المتقدمة.
التحدي هائل ولا يحتاج السير في الطرق الفرعية. 

الجمهورية نت