الجماعة الإسلامية المصرية تهدد وتتوعد كل من يريدها مدنية
السبت, 23-يوليو-2011
بقلم: محمد الحمامصي -
كان الأمر متوقعا وكل المؤشرات تحمله قولا وفعلا وحركة، لكن التساؤل كان حتميا عقب سماع المهندس عاصم عبد الماجد القيادي في الجماعة الإسلامية المصرية أمام مسجد الفتح خاطبا في الآلاف من أعضاء الجماعة، ووسط هتافات جماعته "إسلامية إسلامية.. لا مدنية ولا علمانية"، ساخرا من الثوار في ميدان التحرير وأهالي الشهداء، ومقسما لهم ما بين علمانيين وفلول الحزب الوطني المنحل وحشاشين ومنحرفين لفظهم المجتمع، وأصحاب أجندات خارجية، متهما للجميع بالسعي لخراب مصر، مهددا بالوقوف ضد مخططهم، وبالويل والثبور من تأجيل الانتخابات البرلمانية، داعيا جماعته إلى مليونية تزحف إلى الميدان من كل أنحاء مصر تحت مسمى جمعة الشرفاء.

التساؤل ليس عن إقامة دولة دينية تحكمها التيارات والجماعات الدينية، إذ أننا طرحناه من قبل والبعض رأى هذه الجماعات تسعى بكل ما تملك إلى ذلك وهي مصممة عليه، والبعض نفى قدرتهم على ذلك.

التساؤل هذه المرة يحمل الوجه الحقيقي ـ القبيح إن شئنا توصيفه بدقة ـ هل ترفع الجماعة الإسلامية المصرية السلاح على ثورة 25 يناير وكل من يخالفها في إقامة الدولة الدينية؟ هل بدأت عهدا جديدا للإرهاب؟ هل ستشهد مصر طالبان جددا مع هؤلاء؟ هل سنجلد في الشوارع وتقطع أيدينا وأرجلنا؟ هل يتم استخدام الجماعة الإسلامية من قبل أعداء الثورة وهم هم من نعرفهم، من مؤيدي النظام السابق في الحكم للبطش ليس بشباب الثورة بل بمصر كلها؟ هل يستخدمونهم في فتنة المجتمع المصري وقسمه ليدخل بين رحى الحرب الأهلية؟ هل يستخدمونهم كما يستخدمون موظفين في الدولة في مصر الجديدة ـ روكسي ـ لتشويه الثورة وتشويه مصر؟ لقد شعرت أن هذه الرجل يدعو علنا إلى قتل الثورة والثوار تحت دعاوي الأمن والأمان مثله في ذلك مثل موظفي روكسي؟

باختصار شديد هل يوجههم المجلس العسكري كقوة لترهيب المصريين؟ هل هم العين الحمراء التي أخرجها لترويع المصريين بدعوى الأمن والأمان والاستقرار، بعد فشل موظفي روكسي في لفت الأنظار لهم ولتأييد مجلسهم العسكري؟ هل يرفع المجلس راية "أما أن نحكم وإما سنتركهم يحكمون"؟ وكذا ينتهي المصريون إلى التسليم بحكم العسكر وقبوله وهم صاغرون، لأن العسكر أرحم من جماعات الإرهاب والقتل!

يا للعجب هؤلاء الذي فتحت الثورة لهم أبواب الحرية والعدالة، يريدون قتلها وقتلة الشرفاء من أبناء الوطن الذي لا يزالون يحملون هموم تحريره من أيدي رجال النظام السابق في الحكم؟ هؤلاء الذين سجنهم لثلاث عقود وسحلهم وقتل منهم أمن دولة الرئيس المخلوع العشرات بل المئات؟ يدافعون الآن عن أمنه ونظامه، عن رجاله، عن بقاء رموزه؟

يصرخون أمام مسجد الفتح "الشعب يريد الأمن والأمان"، "إسلامية إسلامية.. لا مدنية ولا علمانية"، "القرآن فوق الدستور" وينددون بنجيب ساويرس وممدوح حمزة وغيرهم، وهل هؤلاء هم الثورة؟ ينددون بينما هم متواطئون استتارا مع المجلس العسكري الذي ينادي ميدان التحرير بإسقاط رئيسه المشير محمد حسين طنطاوي، بعد أن تأكد أن ما يفعله هو مجرد تغيير وجوه، لكنه يسير على نفس نهج النظام السابق ونفس عقليته في إدارة البلاد.

يريد هؤلاء الأمن والأمان والاستقرار وهم من رفعوا السلاح ضد المصريين قبل أن يرفعوه ضد السياح الأجانب، هؤلاء هم الذين حاربوا المصريين في أقواتهم وأرزاقهم ودمروا اقتصاده لفترات طويلة وشوهوا صورته، الآن يخافون عليهم من الانهيار الاقتصادي، يا للرحمة التي تقطر من قلوبهم حبا لمصر والمصريين، أين كانت الرحمة ورصاصاتهم لا تزال في الذاكرة حيث لم تقتل الأجنبي فقط بل قتلت المصري؟!

إن كان المجلس العسكري يريد البقاء في السلطة، فهناك وسائل أخرى سلمية يمكن أن يلجأ إليها، لكن أن يلجأ لنفس فزاعة النظام السابق مع الغرب ليهدد بها المصريين فهذا أمر يحمل الكثير من المخاطر ويعطي مؤشرات سلبية.

مصيبة حقيقة لا تحتمل الجدل، أظن أن مصر كلها رأت هذا الرجل عصام عبد الماجد وهو يحرض ضد إقامة دولة مدنية، ويهتف أنصاره ضدها، وهو الذي يعلم أن لا أحد في مصر سيقبل بإقامة دولة دينية اللهم إلا إذا كان قد أخذ وعدا من حكام البلاد حاليا بإقامة هذه الدولة، لكنني لا أظن أن يصل الأمر بالمجلس العسكري قبول إقامة هذه الدولة، لأنه مصر وجيشها وأمنها وأمانها ـ الذي ينادون به ـ سيدخل في مواجهة معهم، والتاريخ القريب جدا ملئ بالعبر والأحداث الجسام.

ميدل ايست اونلاين