المستفيدون من الأزمة!!
الأربعاء, 13-يوليو-2011
كلمة صحيفة الثورة -

في ضوء الأزمة الراهنة على الساحة الوطنية وما أفرزته من المتاعب والمنغصات في واقع الحياة اليومية للمواطنين، تبرز العديد من التساؤلات الملحة التي تقتضي من كل ذي عقل وبصيرة التوقف عندها والتأمل في حيثياتها واستنتاج الإجابات لتلك التساؤلات، والتي يتصدرها السؤال عمَّن هو المستفيد من هذه الأزمة التي تعد الأخطر والأشد في حلقات الأزمات والصراع السياسي التي مر بها الوطن اليمني منذ إعادة وحدته ولحمته الوطنية في الثاني والعشرين من مايو العام 1990م، بما في ذلك مؤامرة الردة والانفصال في صيف العام 1994م وما تلاها من منعطفات وتحديات وإشكاليات.
> وذلك لما اتسمت به الأزمة الحالية من تعقيدات وتداعيات وتعدد اللاعبين في حياكة سيناريوهاتها وخيوطها من قوى تقليدية ما زالت تعيش بثقافة عصور ما قبل الدولة وقوى سياسية انتهازية تصارع من أجل الوصول إلى السلطة من بوابة الانقلاب على الديمقراطية والإرادة الشعبية في صناديق الاقتراع وقوى متطرفة تحلم بتحويل اليمن إلى إمارة إسلامية على غرار مشروع «طالبان» في افغانستان، وقوى فقدت مصالحها الأنانية الضيقة وتجاهد من أجل استعادة تلك المصالح وتوسيعها على حساب مصالح الشعب والوطن وتقدمه ونمائه.
> وبالنظر إلى هذا العدد من اللاعبين في هذه الأزمة الذين وإن اختلفت توجهاتهم وايديولوجياتهم ووسائلهم فإن غاياتهم واحدة، وهي الانقضاض على مقدرات هذا الوطن وتحويله إلى بقرة حلوب لإشباع أطماعهم من المال والجاه والسلطة، وهي الحقيقة التي تفضي إليها أية محاولة للوصول إلى إجابة دقيقة على ذلك السؤال عن المستفيد من الأزمة الراهنة التي يكتوي المواطن اليوم بانعكاساتها المرهقة على مجمل شئون حياته بعد أن طالت آثارها كل شيء.. فمن معاناة انقطاعات التيار الكهربائي بسبب الاعتداءات المتكررة على خطوط وأبراج نقل الكهرباء من المحطة الغازية في مارب إلى صنعاء إلى مشقة الحصول على الغاز المنزلي ومادتي البنزين والديزل بفعل تفجير أنبوب النفط والتقطع لقاطرات نقل المشتقات النفطية من قبل ميليشيات مسلحة تتبع تلك القوى، إلى العدوان السافر على المنشآت والمرافق العامة ونهبها كما حصل في «حي الحصبة» بالعاصمة صنعاء وبعض المحافظات الأخرى وصولا إلى تماهي بعض هذه القوى مع تنظيم «القاعدة» الإرهابي ومخططه التدميري .
> وبعيداً عن تبادل الاتهامات إزاء ما يتصل بالمستفيد من وراء ما يحدث فإن من غير المعقول القبول بذلك الطرح الذي يروج لمزاعم أن الحكومة وراء كل ذلك، باعتبار أن مثل هذا الطرح يتصادم كليا مع المنطق والوقائع الماثلة على أرض الواقع إذ يستحيل أن تقدم أية حكومة في أي بلد كان على معاقبة مواطنيها ناهيك عن أن هؤلاء المواطنين منحوها ثقتهم بانتخابهم برنامج الحزب الذي شكلت منه بل وأي مصلحة يمكن أن تجنيها هذه الحكومة خاصة وهي المعنية بخدمة الناس ورد الجميل إليهم على موقفهم الذي كان وراء وصولها إلى السلطة؟!
> وإذا ما سلمنا بمعطيات هذه الحقيقة فلا بد وأن نصل إلى المستفيد الحقيقي من الأزمة الراهنة التي يتجرع المواطن اليمني تبعاتها المؤلمة، وإذا كان هناك من مستفيد آخر من خارج أولئك اللاعبين الذين عملوا على تأجيج هذه الأزمة وإيصالها إلى ما وصلت إليه من التعقيد فإنه لن يكون سوى عناصر تنظيم «القاعدة» الإرهابي الذين يتحينون اللحظة التي تضعف فيها هيبة الدولة لفرض أنفسهم بديلا عنها لاعتقاد هذا التنظيم الإرهابي أنه المهيأ لمثل ذلك وليس تلك القوى التي وإن اتفقت معه على إسقاط النظام القائم فإنها ستضرب بعضها البعض في أول يوم لحدوث أي فراغ في السلطة.
> وعليه فإن اليمنيين جميعا صاروا يعون تماماً مَنْ يسعى إلى تضميد الجراحات وإخراج اليمن من أزمته ويعمل على إنهاء المعاناة التي يواجهها في أسرع وقت ممكن وذلك عن طريق تمسكه بالحوار ودعوته كافة القوى السياسية والحزبية إلى الالتئام على طاولة التحاور للوصول إلى توافق وطني يضع حدّاً فاصلا للمخاطر التي تتهدد اليمن ووحدته وأمنه واستقراره.
> وفي المقابل فإن لا أحد من أبناء هذا الوطن يجهل حقيقة من يسدون منافذ الحل ويرفضون الحوار ويعملون على تصعيد الأزمة وإطالة أمدها ويمعنون في ممارسة العقاب الجماعي بحق المواطنين من خلال التمادي في الاعتداءات على الكهرباء والتقطع لقاطرات نقل المشتقات النفطية وإقلاق السكينة العامة والأمن والاستقرار، بل والتصدي وعرقلة أي توجه يرنو إلى إنقاذ سفينة الوطن من الغرق.. ليغدو الصراع بين إرادتين: إرادة البناء وإرادة الهدم، لكن الحق وحده هو الذي سينتصر في النهاية شاء من شاء وأبى من أبى.