لا مفرّ مِن الحوارِ!!
السبت, 09-يوليو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

تساءل فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في كلمته المتلفزة التي وجهها إلى أبناء الشعب اليمني الليلة قبل الماضية عن دور العقلاء والحريصين على مصلحة اليمن، وكذا من يخافون الله إزاء ما يتصل بالأزمة الراهنة التي يمر بها الوطن، وأين هم منها؟!!.. ولماذا خفتت أصواتهم وتواروا خلف صمتهم؟!!.. في الوقت الذي ينتظر منهم الجميع الوقوف إلى جانب دعوات الحوار وتشجيع الأطراف السياسية والحزبية على الانخراط في ركبه، والجلوس على طاولته لبحث كافة القضايا التي تهم الوطن والخروج بالحلول والمعالجات التي من شأنها إنهاء الأزمة الراهنة، وتحقيق التوافق والشراكة الوطنية، والسير باليمن نحو المستقبل الآمن والمستقر والأرغد والمشرق.
ومثل هذا التساؤل يكتسب مغزاه ودلالاته من كونه يخاطب نخبة من نخب المجتمع يُفترض فيها أن تكون في صدارة المدافعين عن الحق والصادحين بصوت العقل، بعيداً عن النفاق والمجاملة والمواقف الرمادية وإمساك العصا من المنتصف، وعن الأهواء والرغبات الذاتية التي تأتي على حساب المصالح العليا للوطن.. حيث وأن تخلي هذه النخبة عن مسؤولياتها وفي ظروف حرجة كالتي يعيشها الوطن هذه الأيام، وميلها إلى السلبية والصمت والطروح المتذبذبة، قد انعكس بتأثيراته البالغة على مواقف بعض القيادات الحزبية، التي جنحت إلى تأجيج الأوضاع وتأزيمها، ظناً منها أنها بذلك يمكن أن تصل إلى غاياتها وأهدافها في القفز إلى كراسي الحكم بدون المرور عبر صناديق الاقتراع والاحتكام إلى إرادة الشعب ونهجه الديمقراطي.
بل أنه وتحت ضغط هذا الجنوح نجد أن هناك من فهم الديمقراطية - وكما أشار فخامة رئيس الجمهورية- بأنها مفتاح للفوضى ومسوغ لانتهاك الأنظمة والقوانين والتحلل من المسؤوليات والضوابط وممارسة كل طرف ما يحلو له من تجاوزات، بما في ذلك قطع الطرق ومنع وصول قاطرات نقل البترول والديزل والغاز إلى العاصمة والمحافظات وتلبية احتياجات الناس من هذه المواد الأساسية والضرورية.
والحق أن لا أحد كان يتوقع صمت أولئك العقلاء وكل مَنْ في قلبه ذرة من إيمان، تجاه ما يتعلق بمسألة الحوار بين الأحزاب السياسية، خاصةً وأن الحوار هو الوسيلة الحضارية المثلى التي لا غنى لهذه الأطراف عنها للخروج من الأزمة الراهنة، فضلاً عن كون الحوار سنة من سنن الحياة ومبدأ من المبادئ الجوهرية للديمقراطية حيث كان - ولا يزال- من المفروض أن يعمل أولئك العقلاء على إبراز أهمية الحوار ومطالبة كل الأطراف بسرعة الالتئام على طاولته.
ونعتقد أن كل وطني غيور يدرك اليوم أنه ليس أمام الأحزاب والتنظيمات السياسية على الساحة الوطنية من خيار سوى خيار الحوار والانحياز له، إذا ما أرادت هذه المصفوفة السياسية والحزبية الخروج من عنق الزجاجة وتجاوز عبثية ذلك الاختلاف الذي تحول مِنْ اختلاف مع الآخر إلى خلاف مع الوطن!!.
وما نتمناه هو أن يعي الجميع أنه لا مفر من الحوار، وأن المسافة الموصلة إليه هي أقصر مما يتصوره البعض في خضم ما يشهده الوطن من أحداث وتطورات.
ولذلك فإن الإسراع في التجاوب مع دعوة فخامة رئيس الجمهورية إلى الحوار هو عين الصواب، باعتبار أن أي تأخير لن يكون في مصلحة أحد حتى ولو كان هذا التأخير لمجرد كسب بعض الوقت، لأن الوطن لم يعد يحتمل أي توتر أو أية مضاعفات أو مواقف مقامرة أو مغامرة تسعى إلى إطالة أمد الأزمة الراهنة.
وعلى أولئك الذين عشعشت في رؤوسهم بعض الأوهام أن يتقوا الله في بلادهم وأن يتوقفوا عن إلحاق الأذى بهذا الوطن، الذي كلما خرج من نفق دفعوا به إلى نفق آخر، خاصة وأن الاستمرار في هذا المسلك سيكون ثمنه باهظاً عليهم وعلى مجتمعهم وعلى الوطن، وسيجرهم قبل غيرهم نحو الهاوية.