الحوار والشراكة
الأربعاء, 06-يوليو-2011
كلمة صحيفة الثورة -

مامن شك أن تطورات الأحداث التي شهدها اليمن في الأشهر الماضية قد عززت القناعة لدى الرأي العام على المستويين الوطني والخارجي بأهمية الحوار وضرورته لإخراج اليمن من أزمته الراهنة وتجاوز الخلافات السياسية التي تعصف به وطي صفحة التداعيات السلبية التي تتهدد أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي ووحدته الوطنية.
وتتجلى ملامح هذه القناعة في دعوة مجلس الأمن الدولي جميع الأطراف اليمنية إلى سرعة الجلوس على طاولة الحوار، وكذا في مواقف الأشقاء بمجلس التعاون الخليجي، ومواقف الدول الكبرى التي تُجِمُع على أنه لا بديل أمام اليمنيين عن الدخول في حوار سياسي شامل، ولما من شأنه التوصل إلى المعالجات والحلول لكل القضايا والإشكاليات مصدر الخلاف، بما في ذلك الاتفاق على مسارات المرحلة القادمة وتحقيق الشراكة الوطنية النابعة من وفاق وطني خلاق يُغلِّبُ مصلحة الوطن على كل المصالح الأخرى.
والحق أن كل هذه التفاعلات قد ظلت مصدر اهتمام ومتابعة من قبل فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، الذي لم يمنعه ظرفه الصحي عقب الاعتداء الإرهابي الغادر الذي استهدف فخامته وكبار قيادات الدولة في جامع النهدين أثناء تأديتهم لصلاة الجمعة في غرة شهر رجب الحرام، من حث الحكومة والمؤتمر الشعبي العام على التعامل الإيجابي مع المبادرة الخليجية، وكذا دعوة كافة الأطراف اليمنية إلى بدء حوار وطني جامع حول تلك المبادرة من أجل إنهاء الأزمة وتجنيب اليمن الانزلاق في أتون الفوضى والصراعات الدامية.
وبتوافق كل هذه الإرادات على حتمية الحوار، فإن ما نتطلع إليه هو أن تعمل كافة القوى السياسية والحزبية والفعاليات الوطنية على تقوية جسور الثقة في ما بينها باعتبار أن تعزيز الثقة هو الكفيل بتوليد فرص النجاح للحوار وإزالة العوائق التي قد تظهر في طريقه وتعترض بلوغ الغايات المنشودة، بعيداً عن إعادة استنساخ التجارب الماضية التي عادةً ما كانت تنتهي بالحوار إلى طريق مسدود.
ورغم حالة التفاؤل والاستبشار خيراً بقرب انفراج الأزمة الراهنة، فإن هذا لا يعني أن كل المصاعب والتحديات قد تلاشت وزالت. ولكن يظل الرهان على وعي أبناء شعبنا وجهود كافة المخلصين والصادقين والحريصين على حاضر ومستقبل وطنهم، في خلق روح جديدة قادرة على تهيئة الأجواء الملائمة أمام كل التوجهات الهادفة إلى رأب الصدع وحلحلة كل التعقيدات وتخطي كل المصاعب والإفرازات الناجمة عن تصرفات النافخين في كير الفتن، الذين لا يريدون لليمن خيراً ولا يريدون له أمناً ولا استقراراً، حيث علينا أن نتوقع تصعيداً مضاداً في مواجهة أي حوار أو اتفاق أو أية خطوات إيجابية باتجاه نزع فتيل الأزمة.
ولذلك فإن المطلوب من الجميع تفويت الفرصة على مثل هؤلاء الذين اعتادوا على التكسب والتمصلح من وراء الأزمات والفتن والتوترات واستثمار أي احتقان لخدمة أهدافهم الأنانية ومصالحهم الضيقة.. فما ننتظره من الجميع هو أن يكونوا بمستوى التحدي القائم وأن يبرهنوا على أن اليمن سيظل قوياً بتلاحم أبنائه وصلابة جبهتهم الداخلية ووفائهم لقيمهم ومبادئهم وثوابتهم الوطنية، والتزامهم وتمثلهم لمعاني الحكمة اليمانية التي يسترشدون بها في التغلب على الخطوب والملمات والمضي قدماً نحو تحقيق تطلعاتهم في التطور والتقدم والنماء.
إننا ومعنا كل المخلصين من أبناء اليمن ننتظر بفارغ الصبر أن يتجاوز الوطن محنته الراهنة وأن يحل الأمن والسلام والاستقرار في كل ربوعه محل الاحتقان والاضطراب والتوتر والقلق الذي يقض مضاجع أبنائه.. كما ننتظر أن نبدأ ومن اليوم فتح صفحة جديدة تسودها الثقة والتفاهم والشراكة والمحبة والوئام، وتؤطرها مصلحة اليمن العليا والحرص العميق على كل ما يحفظ له الأمن والاستقرار ولأبنائه العزة والكرامة.