تكلفة حروب أميركا على الإرهاب.. هل تستحق؟
الثلاثاء, 05-يوليو-2011
بقلم: د. عادل البياتي -
ترى هل أن الحروب الإنتقامية التي شنتها الولايات المتحدة منذ عشر سنوات أثر هجمات 11 سبتمبر 2001 قد حققت أهدافها وأغراضها في القضاء على شأفة الإرهاب؟

المؤكد أن العكس تماماً هو الذي تحصّل!..

وهل أن الخسائر في الأرواح وفي الأموال تستحق الثمن؟ وهل أصبح العالم اليوم بفضل تضحيات أميركا (!!) أفضل أمنياً مما كان عليه قبل هجمات سبتمبر؟... بالتأكيد: لا!!!

فقد اظهرت دراسة نشرتها جامعة براون الاميركية الاسبوع الماضي ان الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة اثر هجمات 11 سبتمبر 2001 اسفرت عن ما لا يقل عن 225 الف قتيل وبلغت كلفتها المادية 3700 مليار دولار على الاقل. هذه الدراسة التي أنجزها باحثون في الجامعة، باشراف البروفيسورين بيتا كراوفورد وكاثرين لوتز، تضمنت أرقام حربي أميركا على افغانستان والعراق إضافة الى حملة مكافحة الارهاب التي تشنها الولايات المتحدة في باكستان ولا سيما بواسطة الطائرات من دون طيار. وجاء في الدراسة ان "حصيلة الضحايا المباشرين لهذه الحروب تقدر في هذه المرحلة، بمنتهى الحذر، ب255 الف قتيل وحوالى 365 الف جريح". أما عن توزيع هؤلاء القتلى فأظهرت الدراسة أن بينهم حوالي 6000 جندي أميركي، و1200 من القوات الحليفة، و10000 جندي عراقي، و8800 جندي أفغاني، و3500 جندي باكستاني، و2300 من موظفي الشركات الأمنية الخاصة (المرتزقة). ولكن الفاتورة الأكبر دفعها المدنيون خلال تلك الحروب حيث أزهقت الحروب الأميركية أرواح 125 ألف قتيل عراقي جراء العمليات الحربية، و35 ألف قتيل باكستاني و12 قتيل أفغاني! وبالمقابل فإن عدد (المتمردين أو الإرهابيين) حسب وصف الإدارة الأميركية الذين قُتلوا في الحرب الاميركية على الإرهاب المزعوم يتراوح حسب تقديرات الباحثين بين 20 و51 ألفاً.

ويبدو أن الباحثين ركزوا على الخسائر العسكرية والمدنية خلال الأعمال الحربية، ولم يشملوا بها الخسائر بالأرواح في ظل الإحتلال الاميركي للعراق وأفغانستان والتي تجاوزت المليونين ضحية من القتلى واربعة ملايين من الجرحى والمعاقين.. وتخريب البنية التحتية للبلدين.

ليس هذا فحسب – حسب الدراسة المشار إليها_ بل إن الحرب الأميركية أودت بحياة 186 صحافيا و266 موظف إغاثة إنسانية في العراق وأفغانستان والباكستان.

وأما المهاجرون من اللاجئين والنازحين هرباً من أتون الحرب الاميركية على العراق وأفغانستان فقد بلغ عدد هؤلاء النازحين أكثر من 8 ملايين شخص غالبيتهم من العراق وأفغانستان.

أما الكلفة المالية لهذه الحروب فكانت خيالية ومفجعة بحسب الدراسة فقد بلغت الخسائر 3700 مليار دولار أي حوالي ربع الدين العام الأميركي.. وتتضمن الميزانيات التي رصدها البنتاغون للعمليات والنفقات الإضافية لإدارة الأمن الداخلي والناجمة عن مكافحة الإرهاب.

ترى أليس من حقنا ومن حق كل البشرية أن نتساءل: ماذا لو تم إنفاق هذه المليارات من الدولارات لمساعدة الفقراء والدول الفقيرة في العالم.. هل كان سيبقى فقيرا في العالم؟ ولو قدمت هذه الأموال ابتداء لمشاريع لإحتواء العاطلين هل كان هناك بطالة تبقى في العالم؟

والأدهى من كل ذلك أن الإرهاب بإعتراف أميركا والدول الحليفة لها لم يتم القضاء عليه، بل قويت شوكته وانتشر الى مواقع وساحات لم يكن يصلها من قبل.. ثم هل إن العالم اليوم بات بفضل الحروب الاميركية بوضع أمني أفضل مما كان عليه قبل 2001؟ بالتأكيد: لا وألف لا..

لقد شن جورج بوش حروبه على العراق وأفغانستان للانتقام لهجمات 11 سبتمبر بإدعاء أن للنظام العراقي صلات بالقاعدة ثبت بما لايقبل الشك للحظة واحدة كذب هذه الإدعاءات.. كما إدعى بوش بأنه شن الحرب على العراق لكون النظام العراقي يشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي وهي أكذوبة مضحكة يضحك منها الطفل الصغير!!!.. كما إدعى بوش وإدارته أنها للخلاص من أسلحة العراق للدمار الشامل وثبت عدم وجود هذه الأسلحة ولا أي أثر لها.. وثبت كذب التهم والأسانيد التي ساقتها الإدارة الأميركية المتغطرسة لشن الحرب العدوانية على العراق..

بعد 10 أعوام من شن الولايات المتحدة لحروبها على الإرهاب إنتقاما وثأراً من أحداث سبتمبر 2001 المشبوهة، أو تلبية لنداء رباني تلقاه المؤمن جدا جورج بوش حسب إدعاءه في إحدى خطبه من أن الرب أمره بغزو افغانستان والعراق!!!.. وبعد كل هذه الخسائر في الأموال والأرواح وتخريب المدن وإنهاك الأقتصاد العالمي، وإنعاش تجارة السلاح، وتجارة المخدرات التي انتعشت بفضل الحروب الاميركية، هل ستبقى إدارة الشر الأميركية بعيدة عن منال العدالة الجنائية الدولية، ومتى يحاكم جورج بوش عما إقترفه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية؟؟

لقد إفتضحت مزاعم الحرب على الإرهاب.. التي لم تقض على الإرهاب ولم تجعل العالم أكثر أماناً.. ولم تحقق رفاها ولا عدلا ولا ديمقراطية، ولا أمناً ولا سلاماً... بل إنها أنهكت الإقتصاد وأضاعت المليارات هباء بين حروب فاشلة وصفقات فاسدة وأعمال فساد منظم مارسه المحتلون وعملاؤهم.. فمتى يعاقب المجرمون الذين أزهقوا الأرواح ودمروا الممتلكات وبعثروا المليارات في مغامرات غير محسوبة العواقب.؟ 


المصدر: ميدل ايست اونلاين