لا أحد فوق القانون !!
الجمعة, 27-مايو-2011
كلمة صحيفة الثورة -

الإجراءات الحاسمة والحازمة التي تعاملت بها الدولة مع العناصر الخارجة على النظام والقانون والتي قامت بالاعتداء على بعض الوزارات والمرافق العامة بحي الحصبة بالعاصمة صنعاء وعمدت إلى ترويع المواطنين وإقلاق السكينة العامة، قوبلت بارتياح شعبي كبير، كون هذه الإجراءات قد أعادت الطمأنينة إلى نفوس الجميع وعززت لديهم القناعة بأن لا أحد فوق القانون وأن مرحلة التنازلات كما أشار فخامة الرئيس علي عبدالله صالح قد انتهت ولا يمكن السماح لقيام كيانات تنازع الدولة مسؤولياتها واختصاصاتها وواجباتها الدستورية في حفظ الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وصيانة مكتسبات الوطن وإنجازاته ومقدراته.
وبصرف النظر عن كل الهرطقات والتصريحات العنترية فقد جاء تعامل الدولة مع الممارسات المتهورة وغير المسؤولة لأولاد الأحمر ومليشياتهم المسلحة مستمداً من روح الدستور والنظام والقانون.
حيث أن من أوجب واجبات الدولة هو العمل على ترسيخ الأمن والاستقرار والتصدي لأية تصرفات مغامرة أو مقامرة تسعى إلى نشر الفوضى والفتن والإضرار بمصالح الوطن والتعدي على أرواح وممتلكات المواطنين، باعتبار أن أي تقصير في هذا الجانب يمثل إخلالاً بواجبات الدولة الأساسية ويضع الوطن والمجتمع رهينة لمجموعة من العابثين والطامحين والانتهازيين والأدعياء والأوصياء الذين ينظرون لأنفسهم وكأن الله قد اصطفاهم على الناس، ولذلك ومن حقهم حسب ما يعتقدون أن يتحكموا بمصائر الناس وتطلعاتهم ومجريات حياتهم وإنه وما لم يتحقق لهم ذلك عاثوا في الأرض فساداً وأهلكوا الحرث والنسل.
ولا نبالغ إذا ما قلنا أنه ما كان لأولاد الأحمر ومليشياتهم المسلحة أن يتجرأوا على انتهاك حرمة مؤسسات الدولة ويرفعون السلاح في وجه سلطة النظام والقانون ويعتدون على رجال الأمن أثناء تأديتهم لواجباتهم لولا أنهم باتوا يشعرون أنهم دولة داخل الدولة إن لم يكونوا صنفاً آخر غير المواطنين اليمنيين بعد أن وصل بهم الغرور إلى استباحة الحرمات.
أليس هؤلاء من صار لكل منهم موكب يفوق موكب أي رئيس دولة في العالم وأنه ولكثرة مواكبهم فكم من المواطنين قد سقطوا تحت عجلات سياراتهم الفارهة إلى درجة صار تحرك أي منهم يثير الفزع والخوف لدى العامة.
أليست هذه الثقافة الموروثة من الماضي هي من ظلت تعيق حركة التطور والنهوض في اليمن وتقف حجر عثرة أمام استكمال بناء الدولة المدنية التي يتوق إليها جميع اليمنيين.
ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا أنه وبمجرد رسوخ نهج الديمقراطية والتعددية السياسية شعر هؤلاء بأن هذا النهج يتصادم مع توجهاتهم وأطماعهم وطموحاتهم وأجنداتهم الخاصة فسارعوا إلى ركوب موجة الحزبية لما من شأنه تطويق أحزاب اللقاء المشترك بمسميات اللجنة التحضيرية للحوار الوطني ومجلس التضامن وغيرها من المسميات غير الشرعية التي ما أنزل الله بها من سلطان.
ولم يمر وقت طويل حتى أصبحت أحزاب اللقاء المشترك أسيرة لهؤلاء الذين لا يؤمنون قطعياً لا بالديمقراطية ولا بالتعددية السياسية ولا بحرية الرأي والتعبير ولا بأي شيء ينتمي إلى مجريات الحياة المدنية بدليل أنهم ظلوا يتصدون لكل توجه لنشر التعليم وقيام المدارس والكليات والمعاهد والجامعات في مناطقهم.
وما يؤسف له حقاً أن تقع أحزاب سياسية في حبائل هذه العقليات المتخلفة التي لم تكتف بإفراغ تلك الأحزاب من مدلولها الوطني والفكري والثقافي بل أنها ومن خلال تلك التكوينات الهلامية التي أوجدتها قد جعلت نفسها فوق تلك الأحزاب تسيرها كيفما تشاء.
ولم يكن اعتداء أولاد الأحمر ومليشياتهم المسلحة على عدد من مؤسسات الدولة مؤخراً إلا تجسيداً على ما يحملونه من روح عدائية للحياة المتحضرة التي لا تستقيم إلا من خلال النظام والقانون خاصة وقد أدركوا أنه لا مشكلة للنظام السياسي مع الذين خرجوا إلى ساحات الاعتصامات من الشباب للتعبير عن أنفسهم وأن الدولة جادة في معالجة قضايا الشباب والتجاوب مع مطالبهم.
ومن ذلك تأكيد القيادة السياسية على أنها التي لن تتأخر في التعاطي الإيجابي والاعتراف بأي كيان حزبي يشكله الشباب لأنفسهم ليكون معبراً عنهم.
حيث وجد أولاد الأحمر في هذه الخطوة أنها قد سحبت البساط من تحت أقدامهم وأفقدتهم ما يعتبرونه نفوذاً لهم بقوة العادة والتصرفات الفوضوية والعصبية الهوجاء.
وأمام ذلك لجأوا إلى محاولة خلط الأوراق انطلاقاً من الاعتداء على مؤسسات الدولة ومحاولة إذكاء العصبية القبلية لاعتقادهم أن ذلك هو السبيل لأن يصبحوا بديلاً لمؤسسات الدولة الدستورية وبديلاً للنظام والقانون إن لم يكن بديلاً لمؤسسات المجتمع المدني.
إلا أن رد الدولة جاء حاسماً ومؤكداً على أنه لا مجال بعد اليوم لأي تنازل على حساب فرض هيبة النظام والقانون وقيام أجهزة الدولة بواجباتها تجاه المواطنين في حفظ أمنهم وأعراضهم ودمائهم وسلمهم الاجتماعي، وهي خطوة قوبلت بارتياح بالغ من كافة اليمنيين الذين صاروا يرفضون أي تعال على النظام والقانون من أي كان.