أين هم من روح مايو؟!
السبت, 21-مايو-2011
كلمة صحيفة الثورة -
كنا نأمل أن يأتي احتفالنا بالعيد الوطني الـ21 للوحدة اليمنية وقد تجاوز شعبنا تداعيات الأزمة المفتعلة، التي أشعلتها بعض القوى السياسية والحزبية، منذ أكثر من أربعة أشهر، وتخطي احتقاناتها التي صارت تنغص حياة كل مواطن، جراء ما لحق بالاقتصاد الوطني من خسائر كبيرة وأضرار بالغة، ناهيك عن المعاناة التي صارت تمس بشكل مباشر مجريات الواقع الاجتماعي، بفعل أعمال التخريب والاعتداءات التي طالت المنشآت النفطية وأبراج الكهرباء، وحرمة الطرق، وعوامل الأمن والاستقرار والسكينة العامة.
لقد كان أبناء اليمن يتفاءلون بتجاوز هذه الأزمة قبل أن يأتي احتفالنا بعيد الـ22 من مايو، هذا اليوم الأغر والعظيم الذي سطر فيه شعبنا أعظم إنجاز تاريخي، ليس لليمنيين وحسب وإنما لكل أبناء الأمة العربية والإسلامية، الذين رأوا في هذا الإنجاز شمعة مضيئة بددت الكثير من دياجير الظلام التي تحيط بهذه الأمة وأعادت إليها الأمل في إمكانية إعادة لحمتها، والقفز على حواجز الفرقة والحدود المصطنعة.
وكان الجميع يتفاءلون بأن من افتعلوا تلك الأزمة والتي ما يزال الوطن يتجرع مراراتها حتى هذه اللحظة، سيعودون إلى رشدهم ويثوبون إلى عقولهم، ويسترشدون بحكمة أبناء وطن الحكمة والإيمان، ويسارعون إلى إيقاف النزيف الذي يتحمل أعباءه كل أبناء الوطن، إلاّ أن تلك القوى السياسية والحزبية - مع الأسف الشديد- استمرأت ركوب موجة "الفوضى الخلاقة" التي تشهدها المنطقة وسعت إلى استغلال هذه الموجة لأهداف ومرام ضيقة وأنانية على حساب الوطن ومصالحه العليا، بل وصل الأمر بهذه القوى إلى إقامة التحالفات المشبوهة مع العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة، والخارجين على القانون، دون إدراك أو وعي أنهم بهذه التحالفات الشيطانية يضعون اليمن على حافّة المجهول، الذي يستحيل أن يكون نعيماً أو خيراً على هذا البلد، باعتبار أن الشّرَّ لا يولد إلاّ الشر والفتن والصراعات الدامية.
لقد كنا ننتظر بفارغ الصبر أن يأتي يوم الـ22 من مايو وقد انزاح من صدور كل اليمنيين القلق والخوف اللذين ولدتهما في نفوسهم الأزمة التي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك وشركاؤها، وخرجت اليمن من ذلك الاحتقان، وعاد الهدوء والسكينة والاطمئنان إلى كل يمني، وخرج الجميع وهم مؤمنون بأن اليمن لا يمكن أن نبنيها بالاعتصامات والمظاهرات والأعمال التخريبية والتحالفات المشبوهة مع أعداء الأمن والاستقرار.
كما أن اليمن لا يمكن أن تُبنى بالشعارات والتصريحات النارية في الفضائيات ولا بالأفكار الانتهازية الضيقة ولا بالمواقف الأنانية التي تثير الفتن والأحقاد والضغائن بين أبناء الوطن الواحد.
كما أن اليمن، أيضاً لا يمكن أن تُبنى من خلال الأوهام وأحلام اليقظة، أو بالتكالب على مواقع السلطة، أو بالانقلاب على الشرعية الدستورية أو بالمقامرة والمغامرة، أو بأساليب شد الحبل، أو بالمكايدة والمناكفة، أو بخلق الانقسام الداخلي، أو بالتلاعب بعواطف البسطاء، أو بتحويل الشباب إلى مطايا يتم استغلالهم لأهداف حزبية أو سياسية أو مطامع شخصية.
كما أن بناء اليمن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم عبر قطع الطرق والاعتداء على المرافق العامة ونهب الممتلكات الخاصة، وإشعال الحرائق والأزمات ظناً أن هذا الأسلوب، هو الطريقة الملائمة للضغط على الحكومة وتأليب الناس عليها، خاصة وأن المواطن بات يدرك جيداً أن المتضرر من كل هذا ليس سواه، وأن من يقومون بكل هذه الأفعال إنما يلحقون الأذى البالغ به.
والحق أن بناء اليمن لن يتم إلاّ من خلال العمل الجاد والمثابر، وبذل العرق والجهد لإنجاز أهداف التطور والنهوض في مختلف مجالات الحياة، كما أن بناء اليمن لن يتم إلاّ من خلال تغليب مصلحته على ما دونها من المصالح، والإيمان بأن الوطن هو وطننا جميعاً وأنه يدعونا إلى كلمة سواء حتى يتفشى الحب والسلام في ما بيننا فنتفرغ لدفع عجلة الإنتاج في الزراعة والصناعة وكل ميادين البناء والتنمية، فذلك هو السبيل الوحيد للتغلب على الفقر والبطالة وإرساء قيم الحرية الحقيقية التي أشعَّت بنورها يوم الـ22 من مايو 1990م متلازمة مع المنجز الوحدوي العظيم، الذي ما يزال البعض بحاجة إلى استيعاب دلالاته ومعانيه النبيلة، حتى يعوا ماذا يعني الوطن لأبنائه، ويدركوا مفاهيم الانتماء وموجبات المواطنة، ولماذا علينا أن نجعل دوماً مصلحة اليمن فوق كل اعتبار.