أبواق التضليل والزيف !!
الجمعة, 13-مايو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

لانظنُّ أن هناك أشد وأبشع من حملة الافتراءات والتشويه والتحريض التي تستهدف اليمن في الفترة الراهنة، والتي تقودها للأسف عدة أطراف داخلية وخارجية، بهدف خلق الفوضى والفتن، وزرع الشقاق والتوترات والصراعات بين أبناء هذا البلد، الذين لاشك وأنهم اليوم يدفعون ثمن تلك الحملة من التضليل والخداع وتزييف الحقائق، التي تبرز بعض مظاهرها وأهدافها في التحالف القائم بين قناتي "سهيل" و"الجزيرة" وهو التحالف الذي ينبني على غاية واحدة، هي فبركة الأخبار وصناعتها وتلفيقها وتحويلها من أكاذيب صارخة إلى أحداث يتم الترويج لها ونشرها وتقديمها كوقائع للرأي العام المحلي والخارجي في عمل مخالف لقواعد الالتزام بالمهنية الإعلامية والمصداقية وشرف الكلمة واحترام عقلية المشاهد.
ورغم بشاعة هذا الفعل من الاستهداف الذي تتعرض له اليمن، والحملة السياسية والإعلامية الممنهجة، التي تتولى إدارتها أحزاب اللقاء المشترك، التي تشن حرباً شعواء على النظام السياسي واليمن عموماً، منذ أن سقطت هذه الأحزاب في الانتخابات الرئاسية عام 2006م، ولأغراض معروفة ولا تخفى على أي متابع لبيب، وهي الانتقام من هذا النظام الذي حاز على ثقة الناخبين في صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة توفرت فيها أعلى معايير الشفافية، بشهادة كل المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، والمؤسسات الأمريكية المهتمة بالشأن الديمقراطي، فإن ما يخفف من وطأة هذه الحملة المحمومة هو أن غالبية أبناء الشعب اليمني على وعي تام بمراميها وأهداف من يحركونها.
ومع ذلك فإن ما يبعث على الأسف أن تنطلي أحابيل هذه الحملة المغرضة على بعض الأطراف الدولية، التي أضحت تبني مواقفها على ما تتناقله بعض الفضائيات دون تمحيص عن صحة المعلومات التي جرى تناقلها، فما بالنا إذا كانت المعلومات في بعض هذه القنوات كـ"سهيل" و"الجزيرة" مفبركة ومن نسج الخيال وتنطلق من حسابات مسبقة ونتائج مفترضة، وافتئات صارخ على الحقيقة وفي إطار أجندة مشبوهة تستهدف زعزعة أمن اليمن واستقراره والنيل من وحدته الوطنية.
والسؤال: هل من التجرد والموضوعية أن تنجر بعض المواقف الدولية متأثرة بما يقال في بعض القنوات الفضائية، وأن تبني حساباتها على ما يتردد في هذه القنوات، حتى وإن كان زيفاً وكذباً وافتراءً؟.
ولأن التغاضي عن حملة كهذه أصبح يلحق الضرر البالغ باليمن وأمنه وسلمه الاجتماعي، فقد صار من حق اليمن مخاطبة المؤسسة العربية للاتصالات "عرب سات" وكذا "نايل سات" بإيقاف بث قناتي "سهيل" و"الجزيرة" عبر القمرين الصناعيين عرب سات ونايل سات لخرقهما القوانين والأنظمة التي تنظم البث الفضائي عبر هذين القمرين خاصة وأن الجزيرة وسهيل لم تخالفا فقط التقاليد والأعراف المهنية، بل أنهما تبثان مواد مسموعة ومرئية ونصية كاذبة ومزورة، تقومان بفبركتها وصناعتها في غرف عمليات أعدت خصيصاً للإساءة إلى اليمن، والتحريض عليه، وإثارة الفتنة والفرقة والبغضاء والكراهية والأحقاد بين أبنائه، بل أن القناتين تجاوزتا كل ذلك بتحولهما إلى مركزين إعلاميين لتوجيه المسيرات والتظاهرات لاقتحام بعض مرافق ومؤسسات الدولة والمصالح العامة والخاصة، بل وتلقين الأشخاص الذين يظهرون فيهما بالعبارات التي تدعو البسطاء والمغرر بهم لارتكاب أعمال العنف والتخريب وإشاعة الفوضى ومقاومة سلطات الدولة والإساءة إلى رموزها، إلى درجة أن هاتين القناتين صارتا تقودان بشكل مكشوف مشروعاً انقلابياً في اليمن لخدمة أجندات وأغراض مشبوهة تندرج في إطار تخريب ليس اليمن فحسب بل والمنطقة بشكل عام ولصالح قوى ظلامية متطرفة وتحالفات مشبوهة لخدمة الشيطان والإضرار بمصالح الأمة وشعوبها وأمنها القومي.
ونعتقد أن خطوة كهذه صارت ضرورية لوضع مسؤولي القمرين عرب سات ونايل سات أمام مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والتقيد ببنود وثيقة تنظيم البث والاستقبال الفضائي التي أقرها وزراء الإعلام العرب لإيقاف هذه التجاوزات، التي إذا استمرت فإنها ستغرق المنطقة في كارثة من الفتن لا تحمد عقباها، ومجرد الصمت سيجعل القادم أدهى وأمر، ليس على اليمن وحسب وإنما على كافة أقطار الأمة وشعوبها، التي صار الكثير منها اليوم يترحم على زمن ما قبل فضائيات الدجل والزيف والفتنة، التي أصبحت أشد خطراً من السرطان الذي ينخر الجسد كالسوس.