إنهم يعاقبونَ الشّعب!!
الخميس, 05-مايو-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

طالما وأن المعارضة في أحزاب اللقاء المشترك متأكدة أن غالبية أبناء الشعب اليمني معها ويقفون وراءها ويؤيدونها وأن المعتصمين في الساحات الذين تتحدث باسمهم يمثلون السواد الأعظم في هذا الشعب، فإن بإمكان هذه الأحزاب اختيار أفضل الطرق وأقصرها وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة التي تثقل كاهل البلاد والعباد منذ عدة أشهر، وذلك بدعوة الحزب الحاكم إلى الاحتكام لقواعد الديمقراطية وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة تقترح لها أفضل الشروط والمعايير الضامنة لنزاهتها وشفافيتها سواء من حيث حيادية من سيشرفون عليها أو من حيث الرقابة عليها، وكفالة الحقوق المتساوية لجميع الأطراف أو غير ذلك من الشروط التي تطمئن هذه الأحزاب على نزاهة هذه الانتخابات.
ولا نعتقد بأن الحزب الحاكم سيرفض مثل هذا الخيار حتى وإن كان من حقه أن يتمسك بشرعيته الدستورية التي تمتد إلى 2013م، خاصة في ظل ما يبديه المؤتمر الشعبي العام من حرص على تجنيب اليمن الانزلاق في أتون الفوضى والاحتراب الداخلي والتوتر السياسي والأمني، الذي سينعكس بتأثيراته السلبية والمدمرة على حاضر ومستقبل الوطن.
حيث وأن ما يسترعي الانتباه أن أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك ما زالت تستبعد هذا الخيار رغم واقعيته، في الوقت الذي تدعي أنها تمتلك الشارع وأن الشعب اليمني يقف إلى جانبها، وأن الجماهير التي تخرج في أيام الجُمَعِ لتأييد الشرعية الدستورية ليست حسب وصف بعض قيادات المشترك – سوى مجموعات مستأجرة وأن العوز هو من يخرج تلك الملايين ويجعلها تتدفق على العاصمة وميادينها وساحاتها وكذا عواصم المحافظات، مع أن قولا كهذا لا يمكن أن يقبل به من يملك ذرة عقل.
أما إذا كانت أحزاب اللقاء المشترك تدرك أن الشعب الذي تتحدث باسمه هو في أغلبه لا يؤيد مواقفها ولا يقف إلى جانبها، وأن ما تدعيه في خطابها السياسي والإعلامي من تمثيل للشعب ليس أكثر من أكذوبة تستخدمها لذر الرماد على العيون وتضليل الرأي العام الخارجي، فإن الواجب عليها أن تعي أن أكذوبة كهذه لا يمكن لها أن تستمر طويلا، وأن الآخرين الذين تسعى إلى مغالطتهم لا شك وأنهم لا يجهلون حجم هذه الأحزاب في الشارع، وأنها لو كانت تمتلك ثقلا وحضوراً يمكنها من حسم الأمور لصالحها في صناديق الاقتراع لما ترددت لحظة واحدة في المطالبة بالاحتكام إلى القواعد الديمقراطية وإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، ولكرست جهودها في الحصول على أفضل الضمانات لنزاهة هذه الانتخابات ولجعلت من هذا الأمر خيارها الأول.
ولأن الحق بيّنٌ والباطل بيّن، فإن ما يؤسف له حقاً أن تعمد هذه الأحزاب في معركتها الحالية مع الشعب إلى خطاب مأزوم يعيد إنتاج الكثير من المفاهيم البالية والمتخلفة، معتقدة أنها بهذا الأسلوب ستضع هذا الشعب أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الوقوف إلى جانبها والانصياع لرغباتها والخضوع لوصايتها ومشيئتها، وإما مواجهة انتقامها وحقدها الدفين، وهو ما بدت مؤشراته في كثير من تصرفات وممارسات هذه الأحزاب في الآونة الأخيرة، والتي برهنت من خلالها أنها عاهدت نفسها على أن تكيل لهذا الشعب كل صنوف المعاناة والقلق وأنها لن تدعه ينعم بأمن واستقرار أو بأي نوع من أنواع السكينة العامة.
وها هي تلك الأحزاب تنفذ هذا السيناريو دون رادع من ضمير أو خلق، فهي تقف بصورة مباشرة وغير مباشرة وراء أزمة مادة الغاز المنزلي وعدم حصول المواطنين على احتياجهم من هذه المادة الضرورية من خلال تحريضها للخارجين على النظام والقانون على قطع الطرق ومنع مرور القاطرات المحملة بمادة الغاز، بالتزامن والتلازم مع تحريض هذه الأحزاب لبعض الغوغائيين والمخربين على ضرب أبراج الكهرباء وبشكل دائم يؤدي إلى انقطاع خدمات محطة مارب الغازية عن المواطنين.
وإمعانا في الأذى لم تتورع هذه الأحزاب عن إطلاق الإشارات الخضراء لبعض العناصر المنتمية لأحد أطرافها للقيام بتفجير أنبوب النفط أوائل شهر أبريل الماضي مما أدى إلى إيقاف الإنتاج في عدد من الحقول النفطية، لتصل خسارة اليمن حتى اليوم إلى أكثر من مليار ومائتي مليون دولار خاصة إذا ما علمنا أن احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية صارت تغطى من خلال مصادر غير محلية الأمر الذي أضاف أعباءً جديدة على الخزينة العامة.
ولا ندري بماذا سيرد قادة أحزاب اللقاء المشترك على المواطنين الذين أفشلوا يوم أمس دعوات هذه الأحزاب للعصيان المدني في عدن وإب والبيضاء وبعض المحافظات الأخرى، وأي وسيلة عقابية ستستخدمها هذه الأحزاب المقامرة والمغامرة، وبالذات أن هناك من بات يخشى وبعد إقدام بعض عناصر المشترك على تلك الجريمة البشعة والمتمثلة في قيامها باختطاف الشاعر الشاب وليد محمد أحمد الرميشي وبتر لسانه وذلك على خلفية بعض القصائد التي انتقد فيها هذا الشاعر مواقف اللقاء المشترك هو أن تعمد هذه الأحزاب إلى إحراق البلاد بمن فيها عقاباً للشعب اليمني الذي ينفر منها ويزداد يوماً بعد يوم ابتعاداً عنها.
ولا ندري أيضا إلى متى ستستمر هذه الأحزاب في عدائها السافر والصارخ لهذا الشعب، الذي تدعي أنها تدافع عن مصالحه وتعبر عن همومه وتطلعاته؟!