الاختلاط : بين نصيحة الرئيس وانتهازية الإصلاح
الاثنين, 18-أبريل-2011
طه العامري -

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت , فأن هي ذهبت أخلاقهم ذهبوا .. وحين تحدث فخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية _حفظه الله _ عن الاختلاط الذي يحدث في ساحات الاعتصامات خلال القاه لكلمة أمام المسيرة المليونية الحاشدة في جمعة الحوار, لم يكون قطعا فخامته يقصد ما ذهب إليه بعض الذين يصطادون في المياه العكرة ولكنه انطلق في قوله من مسئوليته الوطنية ومن كونه ولي أمر الوطن والمواطن والراعي والمسئول الأول علي هذا الوطن ومواطنيه ..


وإعمالا بما سبق أن أكد عليه علماء وفقهاء اليمن وما يحثنا عليه ديننا الإسلامي الذي يؤكد علي حرمة الاختلاط خاصة في المسيرات الحاشدة والمظاهرات والتجمعات البشرية الكبيرة التي أن حدث الاختلاط فيها حدث ما نهى عنه ديننا وحذر منه نبينا القائل (ما اجتمع رجلا بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) وهذا ما سبق وأن افتى به علماء وفقهاء اليمن وفي المقدمة الشيخ/ عبد المجيد عزيز الزنداني وكل علماء وفقهاء حزب التجمع اليمني للإصلاح وبالتالي لا يجب أن يغضب أي طرف من قول فخامته ونصحه بتجنب الاختلاط في الساحات العامة خاصة وهناك روايات تخرج ويتم ترويجها من قبل رواد تلك (الساحات) ومن يرابط فيها وقد سمعت شخصيا الكثير من هذه الحكايات التي يتناقلها مرابطون في ساحات الاعتصام مع أني شخصيا لم أحضر يوما هذه الساحات ولكن من يزورها ومن يعتصم فيها يخرج وينقل للناس روايات وحكايات لا نحبذها ولا نرغب حتى في سماعها لأننا بقدر ما نحرص علي حماية وصيانة أعراضنا نحرص علي حماية وصيانة أعراض الناس بغض النظر عن خلافنا أو اتفاقنا ..


فالعار عار الجميع ولعنة الله علي كل من يحاول هتك الأعراض أو توظيفها بطريقة تتنافي مع قيمنا الدينية وأعرافنا وتقاليدنا الاجتماعية .,


وعليه فأن ما اشار إليه فخامة الأخ الرئيس لا يجب أن يوظف لتحقيق غايات ومآرب سياسية وحزبية وعيب علي من يفعل هذا أيا كان ومهما كان وكانت مكانته , فالأخ الرئيس أشار للظاهرة بعد أن سمعنا روايات الأخرين وهو بصفته المسئول الأول في البلاد وهو معني بحماية السكينة لكل أبناء الوطن قد قال ما قال بدافع الحرص علي السكينة وبمعزل عن أي توظيف سياسي أو حزبي اتخذه البعض في سياق المكايدة والرغبة في تشويه المواقف وتسخيرها لتحقيق مآرب ذاتية رخيصة , لذا لم يعود العيب في ما قاله فخامة الأخ الرئيس حول هذا الأمر بل العيب فيمن ذهب وبطريقة رخيصة ليستثمر هذا القول سياسيا وتحقيق مكاسب رخيصة من خلال توظيف وتسخير هذا القول ومن ثم الترويج له وتفسيره بطريقة خاطئة وغير شريفة ومن أجل تحقيق مكاسب غير شريفة أيضا .


هذا ما يتعلق بموقف فخامة الأخ الرئيس ولكن دعونا نقف أمام الظاهرة الغير مسبوقة والتي أفتى بحرمتها كل علماء وفقهاء اليمن وفي المقدمة رموز التجمع اليمني للإصلاح الذين كانوا وحتى وقت قريب يرفضون حتى صوت المرأة ويعتبروا صوتها ( عورة) فماذا جرى حتى أصبحنا نشاهد هذا التحول الغريب في مواقف علماء وفقهاء الإصلاح حتى أنهم أصبحوا يرقصون وهم يحملون صور الثائر البوليفي ارنستو تشي جيفارا) وهو الملحد والملعون والمارق والنجس والرجس الذي كان فقهاء وعلماء الإصلاح لوا شاهدوا طالبا أو شابا يحمل كتاب هذا الثائر فأنه ( يكفر) ويستباح دمه من قبل فقهاء الإصلاح الذين نشاهدهم اليوم وقد فاقوا (ميكافليلي) انتهازية بل تجاوزوا في سلوكياتهم مبدأ _ الغاية تبرر الوسيلة_ فاصبحوا ومن أجل غايتهم وأهدافهم يحللوا ما حرم الله ويبيحوا ما اعترضوا عليه في الأمس بل ويوغلوا في الإباحية لدرجة أنهم يعملوا علي إسقاط كل الشرائع من اجل أهدافهم وغايتهم ..


مع أننا وفي الأمس القريب وحين كان الإصلاح شريكا في الحكومة بعد حرب صيف 1994م كان من الصعب بل من المستحيل علي أي مواطن أن يخرج ليلا بسيارته مع زوجته دون أن يحمل ( وثيقة العقد)


وكان يتعرض للمساءلة والحجز كل من يخرج وينسي وثيقة زواجه وكم حدثت جراء هذه التصرفات الغير مسئولة من قضايا وكنت أنا أحد ضحاياها وكثيرين غيري وقعوا في هذا النزق الإصلاحي المتشدد الذي لا مبرر له , لكن كان هذا السلوك يومها شرعا وجائزا لأن حزب الإصلاح كان يرغب في التعبير عن نفسه وعن حضوره في مفاصل السلطة من خلال هذا السلوك (الهمجي) وهو (همجي ) فعلا , وقد ارتحنا من هذا السلوك بخروج حزب التجمع من السلطة إلى غير رجعة , لكن اليوم نفس هذا الحزب اصبح يحلل كل شيء كتعبير عن انتهازية سافرة وتناقض مريع يدفعنا إلي أن نفقد احترامنا لكل من يسلك هذا السلوك الانتهازي الرخيص والمكشوف , لدرجة أن الإصلاح اصبح ومن أجل السلطة ومصالحه على استعداد لتبني نظرية ( كارل ماركس) أن وجد أنها سوف توصله للسلطة ..؟ فلماذا هذا التناقض الجنوني ..؟ ولماذا هذه الانتهازية السافرة والرخيصة والغير مشرفة ..؟


مع العلم أن جميع الفتاوى الصادرة عن علماء وفقهاء الإصلاح محفوظة ويمكن نشرها وخاصة فيما يتعلق بمواقف ورؤية الإصلاح للمرأة ولا زلت في هذا السياق أتذكر موقف الشيخ الزنداني من الأستاذة / أمة العليم السوسة / حين كانت في وزارة الإعلام ولا زلت أتذكر ما دار بيني وبين الشيخ في نادى ضباط الشرطة حين رديت عليه بالقول حرفيا ( رب صفة خيرا من الف دقن)..؟؟!!


وعليه نتساءل لماذا تغير موقف ورؤية تجمع الإصلاح للمرأة ..؟ ودخل في حيز السلوك (التكتيكي ) لهذا الحزب الذي دوما نجده ينفتح بحسب الحاجة وحين يصل الى حاجته فانه يظهر بمظهر أخر ويتعامل مع الناس وفق منطق أخر أنه ( فقه المصلحة) هذا الذي يمارسه الإصلاح وهذا ما يجب أن نثور عليه ونتخوف من تبعاته وليس مما قاله فخامة الأخ الرئيس وهو صادقا فيما قال ويقول , بحكم الشرع والهوية والقانون والدستور والواجب .. فهل وصلت الرسالة أرجوا هذا .