الحقيقة المرة..!!
الاثنين, 18-أبريل-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -

لم نتجنّ على أحزاب اللقاء المشترك حين قلنا في وقت سابق أن هذه الأحزاب لم تكتف فقط بمصادرة احتجاجات الشباب واعتصاماتهم في بعض الساحات، بل أنها لم تتورع عن ابتكار الوسائل لاختراق تلك المظاهر السلمية للشباب الأنقياء، الذين خرجوا للمطالبة ببعض الإصلاحات والتعبير عن همومهم وتطلعاتهم، حيث وما قلناه وما توقعناه لم يكن بالفعل من باب التحامل، وإنما كان مبنياً على قراءة دقيقة لطريقة تعامل هذه الأحزاب مع الأحداث في المنعطف الراهن الذي يمر به اليمن.
ولعل ما يعانيه الشباب اليوم من مضايقات وبالذات من لا ينتمي للون السياسي والحزبي المسيطر على ساحات الاعتصامات، يعكس النزعة الإقصائية التي تغلب على ممارسات عناصر ذلك الطرف، والتي لا تؤمن بالرأي الآخر ولا بالتعدد ولا بحرية الرأي والتعبير، ولا بقيم الحوار ولا بحق الاختلاف.
وأبلغ دليل على ذلك ما كشف عنه بيان الهيئة التنسيقية للكتلة المدنية، التي تضم عدداً من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية، من أعمال الاضطهاد والعنف والاعتداءات التي يتعرض لها كل من لايتفق مع فكر ذلك الطرف السياسي والحزبي، في ساحة الاعتصام أمام بوابة جامعة صنعاء، وكان للمرأة والناشطات من تلك الاعتداءات النصيب الأوفر.
وفي هذا الإطار يتجلى مثال آخر على هذه النزعة الإقصائية ويبدو في تغيير التسمية لهذه الاعتصامات، والتي نزعت منها الصفة الشبابية، لصالح ما يصفونه اليوم بالثورة الشعبية، ما يعني أن حق الشباب قد سرق منهم، وصارت تلك الأحزاب هي المتصدرة للمشهد، كما هي عادة هذه القوى، التي دائماً ما تحرص على ركوب موجة أي حدث من الأحداث، وذلك بتركيزها على الشعارات المطاطية والقضايا الهلامية، ودغدغة عواطف البسطاء، واستخدام كل أنواع الحيل وأساليب التضليل، للوصول إلى مراميها وغاياتها، حتى ولو كان ذلك على حساب الناس الذين تتاجر بقضاياهم، كما هو حال أولئك الشباب الأنقياء الذين أطلت عليهم بعد انتظامهم في الاعتصامات لتصادر حقوقهم المشروعة ودعواتهم المطلبية، بل وتفرض الوصاية عليهم دون أي وجه حق ودون أي تفويض من أحد.
ومع ذلك فما نأمله اليوم أن يدرك أولئك الشباب أن هذه الأحزاب إذا ما وصلت إلى أهدافها وغاياتها، فإنها أول من ستتخلى عنهم وأول من ستدير ظهرها لهم، وأول من ستنقلب على مطالبهم، وأول من ستحرمهم من ممارسة حقهم في التعبير والاعتصام، لينتهي بهم المطاف وقد أصبح لسان حالهم القول المأثور:
"رب يوم بكيت منه
فلما صرت في غيره بكيت عليه".
وإذا كانت هذه الأحزاب لا تفصح عن تلاوينها في نفس الوقت، فإن ما نخشى منه، أن تنجح في إقناع شبابنا بأن يستظلوا تحت شجرة من الوهم فيكتشفوا في النهاية أنهم سيدفعون الثمن مضاعفاً، خاصة إذا ما اكتشفوا أخيراً أنهم لم يكونوا سوى مطية وسلم تسلقت عليه تلك الأحزاب للوصول إلى أهدافها وغاياتها ومصالحها الضيقة والأنانية، وأن حركتهم الاحتجاجية والسلمية قد وئدت منذ أن دفعت أحزاب اللقاء المشترك، وخاصة حزب الإصلاح، بكوادرها المتطرفة إلى ساحات الاعتصامات، وأن تلك الأحزاب التي منحتها ثقة لا تستحقها، لديها الاستعداد لتدوس على أحلامهم وتطلعاتهم طالما أن ذلك سيدفع بها إلى كراسي الحكم.
وكم هو مؤسف ومؤلم أن تظل مثل هذه الحقائق غائبة عن بعض شبابنا حتى هذه اللحظة.