يراهنون على الفوضى
الاثنين, 14-مارس-2011
كلمة صحيفة الثورة -

من حسنات المبادرة التاريخية التي أعلن عنها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يوم الخميس الماضي، إسقاطها لكل الشعارات التي ظلت ترفعها أحزاب "اللقاء المشترك" بدءاً من اسطوانة "التمديد والتأبيد والتوريث" ومروراً بـ"إصلاح النظام السياسي والانتقال إلى النظام البرلماني والقائمة النسبية"، وانتهاء بشعار "رحيل النظام" الذي أرادت به محاكاة ما جرى في تونس ومصر، رغم الاختلاف الكلي بين الوضع في اليمن والأوضاع في هذين البلدين الشقيقين.
حيث جاءت تلك المبادرة متضمنة "برنامجاً واسع النطاق للإصلاحات السياسية والديمقراطية في اليمن" كما وصفتها العديد من مصادر القرار في الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بل أنها مثلت بنظر العديد من المراقبين والمتابعين للشأن اليمني استثناءً فريداً وجريئاً وشجاعاً يؤسس لتحول شامل وجذري من شأنه أن يجعل من نظام الحكم في اليمن أنموذجاً ديمقراطياً لكل دول المنطقة.
وأمام هذه الضربة الاستباقية التي أربكت أحزاب "اللقاء المشترك" وأفقدتها كل الذرائع والحجج وحاصرتها في خانة ضيقة، إن لم تكن قد أسقطت عنها أوراق التوت التي ظلت تواري بها أهدافها ونواياها وغاياتها وأجندتها الخاصة، فإن هذه الأحزاب لم تعد تمتلك شيئاً تزايد عليه، فعمدت بخبث ومكر إلى تحريض بعض عناصرها المتطرفة الذين دفعت بهم إلى ساحات الاعتصام أمام بوابة جامعة صنعاء وبعض الساحات الأخرى، على التحرش برجال الأمن الذين يؤدون واجبهم في حماية المعتصمين، وكذا على استفزاز المواطنين من سكان المناطق المجاورة والشوارع القريبة من ساحات الاعتصامات ومضايقتهم والتعرض لأسرهم وعائلاتهم وإخضاعهم للتفتيش عند خروجهم من منازلهم والعودة إليها، وذلك بغية اختلاق مشاجرات وصدامات مع رجال الأمن والمواطنين وعابري الطرق.
وآخر هذه الحوادث المشهودة ما تعرض له السفير أحمد حسين الباشا الذي لم يسلم من تحرشات هذه العناصر المتطرفة في قارعة الطريق فتم الاعتداء عليه على خلفية رفضه الامتثال لأمر تلك العناصر بنزع مُلصق على سيارته لمجرد أنه يحوي شعار المؤتمر الشعبي العام، ودون أن يشفع للرجل كبر سنه والعمر الطويل الذي قضاه في خدمة الوطن والشعب!! لتبرز هذه الحادثة إلى أي مدى بدأت نتائج تلك التعبئة الخاطئة تظهر في مثل هذه التصرفات السلوكية العدائية وهي بدون شك ستتسع مثل كرة الثلج مع زيادة تلك التعبئة ووقوع الكثيرين ضحايا لها.
والمؤسف في الأمر، أنه وفي الوقت الذي اتجهت فيه أحزاب "المشترك" إلى تفخيخ ساحات الاعتصامات بالعناصر المتطرفة من طلاب جامعة الإيمان وتنظيم "القاعدة" والحوثيين الذين لاشك وأنهم قد لوثوا نقاء تلك الاعتصامات التي بدأها شباب أنقياء أرادوا طرح بعض المطالب على الحكومة تتعلق بتوفير فرص عمل لهم وإخراجهم من دائرة البطالة.
والأمر الذي ينبغي أن يفهمه الجميع أن أحزاب "المشترك" قد سخّرت مثل هذه العناصر المتطرفة لإحداث بعض الفتن والصدامات بغية كسب الرأي العام الخارجي والإضرار بسمعة اليمن واستغلال انحياز بعض القنوات الفضائية التي ينتمي مراسلوها لتلك الأحزاب ويتلقون منها التوجيهات بصفة مباشرة، إلى طرف وتجاهل الطرف الآخر وافتقاد المهنية والحياد.
والأكثر إيلاماً أن تقع بعض المنظمات الدولية تحت تأثير هذا الإعلام غير المحايد مع أنها لو سألت فقط عمّن أصاب أولئك جنود الأمن الذين فاق عددهم 160 جندياً تعرضوا لإصابات بالغة؟!.. وكذا من أدمى 17 طالباً في تعز؟! ومن قاموا بإحراق كامل لقسم شرطة دار سعد بعدن وإتلاف الوثائق الخاصة بالأحوال المدنية والإفراج عن المحتجزين في هذا القسم على ذمة قضايا جنائية؟!.. لأدركت تماماً أن من قاموا بكل هذه الأعمال الإجرامية وغيرها من الجرائم التي استهدفت مواطنين عزلاً وطلاباً في مدارسهم وذلك العدد الكبير من رجال الأمن، ليسوا سوى عناصر متطرفة ومسلحة تقوم بكل ذلك بدعم وتشجيع من أحزاب متطرفة في "المشترك" وفي مقدمتها حزب الاصلاح وجناح الإخوان المسلمين فيه، في عملية منظمة ومدروسة هدفها الانزلاق باليمن إلى مهاوي الفوضى والفتن وإثارة الأحقاد والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد.
وإلاَّ كيف نفهم إصرار أحزاب "اللقاء المشترك" على رفض التعاطي الإيجابي مع مبادرة رئيس الجمهورية التي استوعبت كل مطالبها وطروحاتها، بل وتجاوزت كل ما كانت تتطلع إليه وتنشده بحجة أن "هذه المبادرة جاءت متأخرة" لتنحصر كل خياراتها اليوم في الرهان على أعمال الفوضى والشغب والشحن الإعلامي البائس وأعمال إثارة الفتنة التي تقوم بها عناصرها المتطرفة، للوصول إلى مبتغاها والقفز إلى كراسي السلطة عن طريق الفوضى والتخريب وإشعال الحرائق؟!.
والسؤال المهم لا يتوقف اليوم عند القضايا المختلف عليها بين المعارضة والسلطة، وإنما في ما تسعى إليه قيادات هذه الأحزاب وما تقوم به وما تفعله وتقترفه بحق هذا الوطن الذي تقوده دون عقل أو مسؤولية إلى الهاوية والهلاك.. فهل هذا هو ما تريده تلك الأحزاب .. وهل هو ما تقصد به وتسميه التغيير والإصلاح؟!!.