قرائن الزيف..!!
الأحد, 06-مارس-2011
أفتتاحية صحيفة الثورة -


باستقراء "النقاط الخمس" التي تفتقت عنها قريحة قيادات أحزاب "اللقاء المشترك" وخرجت بها على الناس، سنجد أنها قد خلت من أي مضمون واقعي أو طرح عقلاني أو رؤية موضوعية تلامس أية حلول عملية للأزمة السياسية التي قامت هذه الأحزاب بافتعالها واختلاقها وتعمل على تأجيجها وتغذيتها منذ أربع سنوات، ابتداءً من الإصرار الذي أبدته على تأجيل الانتخابات النيابية ومروراً بتعمدها تعطيل الحوار وانتهاءً برفضها كل المبادرات والتنازلات التي قدمتها القيادة السياسية وآخرها المبادرة المدعومة من أصحاب الفضيلة العلماء لإنهاء الاحتقان القائم ورأب الصدع وتحقيق الوفاق الوطني وإخماد الفتن التي تسعى لإشعال نيرانها من خلال محاولة تثوير الشارع واستغلال حماس بعض الشباب ودفعهم إلى محاكاة وتقليد ما يجري في بعض البلدان العربية لمجرد خلق حالة من الفوضى تمكنها من الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية وإرادة الشعب!!.
ومع أن "النقاط الخمس" التي تمخض عنها "المشترك" قد جاءت كل واحدة منها مناقضة للأخرى بشكل صارخ، ولم تأت في مجملها بأية حلول يُعتد بها، إلاَّ أن ما يربط بين هذه النقاط هو لغة الاستعداء والاستفزاز والعناد والمكابرة إلى درجة يصعب معها فهم ما الذي تريده هذه الأحزاب، إذ كيف يمكن لعاقل أن يستوعب ذلك التعارض والتصادم بين مطالبة هذه الأحزاب باحترام الحق الديمقراطي والدستوري للمواطنين في التعبير عن أنفسهم وبين مطالبتها في الوقت ذاته بالالتفاف على إرادتهم التي عبروا عنها في صناديق الاقتراع؟!!.
وتتسع دائرة هذا التناقض بصورة أعمق وأشمل في هذه النقاط التي تؤكد في جزء منها على "أهمية الانتقال السلمي والسلس للسلطة بالاستناد على ما التزم به رئيس الجمهورية بخصوص عدم التمديد وعدم التوريث وعدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2013م" فيما هي تشترط في الجزء الآخر "وضع برنامج زمني لتنفيذ هذه الخطوات في إطار فترة انتقالية لا تتعدى نهاية هذا العام بناء على مبادرة يقدمها الرئيس بذلك"!!.
ولا يفهم من مثل هذا التناقض سوى تفسير واحد هو أن هذه الأحزاب تبني توجهاتها على غاية وحيدة هي الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية ومبدأ التداول السلمي للسلطة وتجاوز إرادة الشعب التي يقررها عبر صناديق الاقتراع!!.
ولعل من حسنات هذه "النقاط الخمس" أنها كشفت بجلاء ووضوح لا يحتمل أي لبس، أن ما يهم هذه الأحزاب هو الوصول إلى السلطة بأية طريقة كانت، وأن كل ما تحججت به خلال الفترة الماضية من مطالب لم يكن سوى غطاءٍ زائف وكاذب، فقد جسدت قرائن دامغة على زيف هذه المعارضة وأنها بالفعل لاتهمها إصلاحات ولا حوارات ولا ديمقراطية ولا تعددية، ولا يهمها الرقي بالحياة السياسية ولا توسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار، ولا خلق ظروف معيشية أفضل للمواطنين، ولا إحداث التغيير الحقيقي والإيجابي الذي ينتقل باليمن نحو مستقبل أفضل تتحقق فيه تطلعات أبنائه في النماء والرخاء والتقدم.
ولو لم تكن في اليمن إرادة سياسية حكيمة تتميز بالصبر والتسامح والأناة والحلم، وقائد يتصف برحابة الصدر والرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة والحنكة الفذة، قائد أسقط كل الحواجز بينه وبين أبناء شعبه، لأقحمت مثل هذه المعارضة اليمن وأهله في حروب وفتن، ولتمزق اليمن وتشظى إلى أجزاء متناحرة تغرق في الدماء والنكبات والكوارث، ولكان حال هذه البلاد أشد إيلاماً من تلك الحال التي يصطلي بها الصومال منذ أكثر من 20 عاماً!!.. فاتقوا الله يا هؤلاء في وطنكم واعلموا أن نار الفتن إذا ما اشتعلت فإنكم ستكونون أول الهالكين بجحيمها!!.