دور ورثة الأنبياء.. إلى أين؟!!
الخميس, 03-مارس-2011
حسن اللوزي -

الاجتماع الجليل الذي ضم الأخوة أصحاب الفضيلة العلماء في جمعية علماء اليمن في رحاب جامع الصالح من كافة المحافظات كان مهيباً وباعثاً جديداً على الثقة والأمل في الخروج من اللُجّة المضطرمة والمضطربة التي وصل إليها الاحتقان السياسي وهو الاجتماع الذي دعا إليه ورعاه فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بهدف مساهمة أصحاب الفضيلة العلماء في تقريب وجهات النظر والدفع في طريق الوصول إلى حل للأزمة القائمة حتى لاتتفاقم لأسباب ومحركات أخرى عدائية ضد الوحدة اليمنية وأمن واستقرار الوطن اليمني وسلامة مجتمعه.. فضلاً عن الأسباب المرتبطة بتواصل وتدافع المظاهرات والاعتصامات التي مازالت تحيط بها المخاوف والاحتمالات التي ظل يعمل البعض في اتجاه الوصول بها إليها بسبب التعنُّت ورفض الاحتكام إلى الحوار.. والاعتصام بالحكمة التي ظل يمسك بها فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بكل قوته.. وإيمانه.. وحنكة رؤيته التي تستند لتراث عميق من الكياسة السياسية.. والاقتدار القيادي والنظرة الثاقبة لكل العوامل والظروف والمترتبات فضلاً عن الانكشاف الذي قد لايرصده الآخرون بالنسبة للمخططات العدائية المُدمّرة المنوه عنها والتي أفصح عن جانب منها العطاس بدعوته لإسقاط النظام وصولاً لضرب الوحدة اليمنية الخالدة لصالح دولتين شطريتين وهو هدف واحد من الأجندة التآمرية الخبيثة.
ونعود هنا إلى ذلكم الجمع المبارك للعلماء والذي هو موضوع اليوم وقد حرص فخامة الأخ رئيس الجمهورية في خطابه أمام أصحاب الفضيلة العلماء وورثة الأنبياء على تمسكه بدعوته للحوار وبمبادرته التاريخية القيمية ومعلناً الاحتكام من خلالهم إلى القرآن الكريم دستور الأمة المنزل ومحملاً إياهم المسئولية الكاملة ليقوموا بدورهم.. وأداء الواجبات التي تفرضها عليهم العقيدة السامية والوطنية البانية.. والمصلحة العُليا للشعب وهم الذين يمتلكون المعرفة التي تمكنهم من الإرشاد للسير في الطريق الصحيح وعدم الاندفاع نحو الأعمال التي قد تؤدي إلى الفوضى والفتنة واقتراف أكبر.
ذلك أن حفظ حياة المواطنين.. والحرص على سلامتهم والحذر من الدفع بهم إلى مواطن الإضرار بأنفسهم هو في مقدمة الواجبات الداعية إلى حماية الكليات إلى جانب الممتلكات العامة والخاصة.. وصيانة مقدرات الشعب والأُمّة.
فالعلماء هم الذين بيدهم المعرفة الصحيحة بما يفرضه الشرع ومايبيحه وما يحرمه وبيدهم ملكة وقدرة الاجتهاد الصائب.. وعمق الرؤية المتصلة بدرء المفاسد الذي هو مقدم على جلب المصالح.. وضمان تحصين الحياة بالثمار التي تغني وتعزز الفوز بالنجاح والنجاة في الدنيا والآخرة.. وهو مايتحقق أولاً وقبل كل شيء بمخافة الله سبحانه وتعالى والتزام سبيل الحكمة في الدعوة والنصيحة والإرشاد والتوجيه ومعلوم للجميع بأن الخوف من الله سبحانه وتعالى هو رأس الحكمة ((رأس الحكمة مخافة الله)) وقد شهد الله سبحانه وتعالى بأن العلماء يخافونه في أعلى درجات الخوف وهي الخشية قال سبحانه وتعالى ((إنما يخشى الله من عباده العلماء)) ويعتبر ذلك الضمانة الجوهرية بالنسبة لهم في كل أعمالهم.. وأقوالهم وفتاواهم، وهي تتم بيقظة عالية ووعي بواجباتها العقيدية والوطنية.. والإنسانية. وأن الشهادة لليمنيين كما هو ثابت في التاريخ بالإيمان منذ القدم وبأنهم أول من اهتدى إلى الإيمان بالله قبل بعث الأنبياء والرُسل وقد تعزز ذلك بشهادة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم لهم بالإيمان، والحكمة هي الضمانة الأكيدة الثانية بالنسبة لتفكير العلماء وعملهم وبالنسبة لكل اليمنيين وفي مقدمتهم القادة السياسيون فلا مناص اليوم وفي خضم هذا المنعطف التاريخي الخطير أن يعتصم الجميع بالحكمة اليمانية.. وأن يجعلوها طريقهم الأول نحو الحوار الجاد والمسئول وإذا كان أصحاب الفضيلة العلماء قد استطاعوا بالفعل أن يجمعوا كلمتهم ويعلنوها واضحة وجلية للجميع فإن الطريق الأمثل أيضاً بالنسبة لمن لم يحددوا موقفاً مبدئياً واضحاً وصريحاً من الحوار هو الاستجابة لدور العلماء الذين هم من خيرة أبناء الشعب وإعلان القبول بما توصلوا إليه من خلال الاستماع إلى كلمتهم والأخذ بها وهو ما بادر وأعلن الالتزام به فخامة الأخ رئيس الجمهورية في كلمته البالغة الأهمية في ذلكم الاجتماع حيث قال: ((دعونا نتفاهم بلغة القرآن كتاب الله كمرجعية وأخرجوا بقرارات مفيدة, ونحملكم ياعلماء كامل المسؤولية أمام الله وأمام هذا الوطن.. مارأيتموه سنقول لكم سمعاً وطاعة.. وعليكم أن تراجعوا الطرف الآخر مشيراً إلى أنه رغم تعدد المبادرات إلاّ أنه لم يأت من الطرف الآخر أي رد)) وإن هذا الموقف القيادي الملتزم أمام العلماء قد جاء ليعزز النتائج المباركة التي حققتها مبادرته القيادية التاريخية الحكيمة التي لاقت كل ماتحتاج إليه من القبول منذ لحظة الإعلان عنها في الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى ومن ثم من خلال ذلكم التأييد والمناصرة الشعبية العظيمة من قبل جماهير شعبنا اليمني في كافة محافظات الجمهورية وفي أمانة العاصمة صنعاء.. والتي صار يقرأها الجميع بكل دلالاتها الاستفتائية التي تقول (نعم للحوار ولاللفوضى) وقد توّج ذلك العلماء بمسعاهم الحميد في تبنّي النقاط الثمان المُعلنة والتي تتلخص في إعادة النظر في مجمل مواد قانون الانتخابات والاستفتاء من خلال إعادة النظر في المادة التي ذهبت إلى اعتماد السجلات الانتخابية القائمة من خلال تعديلها بما يحقق فتح المجال أمام كل من بلغوا السنّ القانوني لممارسة حقهم في الانتخاب من الذكور والإناث لقيد أسمائهم وممارسة حقوقهم الانتخابية وكذلك القيام بإيقاف النظر في التعديلات الدستورية أمام مجلس النواب وتشكيل حكومة وحدة وطنية لإجراء التعديلات الدستورية بالتوافق على كل مواد الدستور الجديد والإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوافق فضلاً عن القيام بإحالة الفاسدين إلى القضاء وسرعة البت في قضايا الفساد المنظورة أمام القضاء وكذا إطلاق أي سجين ممن لم يثبت إدانته أو لم يكن له قضايا منظورة أمام القضاء.. إلى جانب اختيار خمسة قضاة يقوم كل طرف باختيار اثنين منهم والخامس يتم اختياره من لجنة العلماء المرجعية أو بالتوافق بين القضاة الأربعة وذلك للفصل في النزاع القائم بين أطراف العمل السياسي في القضايا التي صعب أو يصعب الاتفاق عليها وفي جوهر الاتجاهات السابقة ومن أجل إنجاح كافة المساعي العمل على إيقاف الحملات الإعلامية والمهاترات والتحريض وذلك بما يهيئ الأجواء لإنجاح الحوار الوطني وكذا إيقاف المظاهرات والاعتصامات وبما يكفل إزالة أعمال الفوضى والتخريب والاحتقان في الشارع ومن كل الأطراف.
ونعتقد بأنه وقد صارت القضية بكامل تصوراتها المعلنة بيد العلماء فإن المطلوب أو المنتظر من قيادات أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم هو الاحتكام إلى هذا السبيل الرشيد والحكيم وأن يحققوا الاستجابة المطلوبة التي تمليها الحكمة اليمانية.. وسوف يشهد لهم التاريخ بأنهم لم يراهنوا على الاتجاه المغاير؟! وخاصةً وأن العلماء كانوا واضحين وصريحين عندما دعوا أطياف العمل السياسي إلى أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يعملوا من اجل تحقيق التقارب والتفاهم وبما يجنب الوطن الفتنة والتمزق لا قدر الله..

*. نقلاً عن صحيفة الثورة