لمجتمع متماسك
الأحد, 23-يناير-2011
عبد العزيز الهياجم -

جرائم قتل شنيعة ويهتز لها الجبين عايشنا أحداثها مؤخرا وبوتيرة عالية تدق ناقوس الخطر وينبغي الوقوف أمامها ومعرفة أسبابها ودوافعها وبخاصة تلك التي يكون فيها الجاني والمجني عليهم من دم ولحم وشحم واحد.
يقشعر البدن حين نتذكر الحادثة الأليمة التي وقعت مؤخرا في أمانة العاصمة وراح ضحيتها الزميل الإذاعي القدير عبدالرحمن العبسي وابنه وابنته على يد أحد أبنائه .
وفي ذمار شاب عشريني قتل والده رميا بالرصاص على خلفية مشاكل أسرية بعد عودته بأيام من الغربة ..وشاب يقتل أمه في إحدى المحافظات، وآخر يقتل أخاه ,, ووقائع عديدة مشابهة عايشناها في الآونة الأخيرة بصورة مؤلمة ومحزنة تدفع إلى البحث بصورة فاعلة عن عوامل بروز ظاهرة قتل الأقارب بالتحديد.
هناك من يتحدث عن انتشار السلاح كأحد الأسباب التي تقف وراء الكثير من أعمال القتل ..لكن في حالة قتل الأقارب لا أعتقد أن هذا السبب كافٍ للتبرير ..هناك عامل يرجعه البعض إلى انتشار المخدرات وحبوب " الهلوسة " التي تنتشر في الصيدليات وتباع بدون أدنى رقابة، وهناك الحديث عن انتشار عصابات اللصوصية والجريمة التي لا تتورع عن تعاطي المخدرات وارتكاب المحرمات، وحيث أنه برأي الباحثين والمتخصصين لا يمكن أن يكون إنسانا سويا ذلك الذي يقتل أباه أو أمه أو أحد من أقاربه.
ومثل هذه الظاهرة لا يمكن ولا يجوز السكوت عنها أو التعاطي معها في إطار حالات فردية وشأن أسري ويتم الاكتفاء بالمعالجات القضائية والعقوبات القانونية وحسب .
هناك خلل في منظومة تجسيد القيم الدينية والأخلاقية والمجتمعية تتحملها كافة الجهات المعنية بالتربية والإرشاد والصحة والإعلام والأمن وكافة مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والأحزاب، وكافة القوى السياسية التي للأسف تنعكس حالة المهاترات والمناكفات في ما بينها على الكثير من الأوضاع المجتمعية البالغة الحساسية.
وفي ظل ما تشهده الكثير من البلدان من قلاقل وأوضاع غير مستقرة وحالات احتقان سياسي واجتماعي ..ينبغي أن تلتقي كل الجهود الوطنية الصادقة والنوايا المخلصة عند المحددات المتعلقة بمصلحة الوطن والمواطن وليس بمصالح الأحزاب والأفراد وذلك من أجل هدف يضعه الجميع نصب عيونهم ويتمثل في التصحيح والإصلاح والاحتكام للدستور والقانون والمؤسسات.
على الجميع أن يتقوا الله في هذا الوطن وأن يتفرغوا لمشاكل المجتمع وقضاياه بدلا من الانشغال بقضايا خلافية ومصلحية معينة.
ولأن معالجة المشاكل المجتمعية تتطلب من الدولة تجسيد عمل المؤسسات والدستور والنظام والقانون وإنهاء حالة الفساد والتجاوزات والمحسوبيات التي تؤدي إلى شعور بالظلم وتدفع باتجاه المزيد من الاحتقان والتفكك المجتمعي، وبحيث لا يكون التشبث بالمصلحة الخاصة والأنانية مدعاة للتدمير ..فإن في المقابل على القوى الأخرى خارج السلطة وبالذات المعارضة أن لا تتغاضى عن مسؤولياتها تجاه القضايا المجتمعية والانشغال فقط بالقضايا السياسية والخلافات الحزبية وإدعاء امتلاك الحقيقة المطلقة وأن الطرف الآخر وحده على خطأ ووحده من لديه قصور .
من أجل اليمن يجب أن نحتكم جميعا إلى الدستور والقانون ونتسابق على تقديم أدوات الإصلاح والبناء .. ومن يعتقد أنني خرجت عن فكرة مقالي الرئيسية المتعلقة بحوادث القتل وخصوصا للأقارب وتوسعت في قضايا عامة ووطنية أقول أن جزئية التفكك الأسري لا يمكن فصلها عن كلية التفكك المجتمعي، وأن الاستقرار السياسي والوطني والتكاتف واضطلاع الجميع بمسؤولياتهم تجاه هذا الوطن وأمنه واستقراره وتنميته سينعكس إيجابيا في معالجة كافة المشاكل الاجتماعية والأسرية.
??



*. نقلاً عن صحيفة 26 سبتمبر