تأملات.. ماذا دار في القمة الاقتصادية العربية؟
السبت, 22-يناير-2011
محمد العريقي -

كنا نتوقع أن يكون التحول الذي شهدته تونس محفزاً للقادة العرب على التوجه إلى شرم الشيخ حيث عقدت هناك القمة الاقتصادية الثانية يوم 19 يناير الجاري لبحث القضايا التي تهم الشعوب العربية وخاصة ما يتعلق بالبطالة، وتأمين الغذاء، والأمن المائي العربي ولكن للأسف تغيب عدد كبير من الملوك والرؤساء ومثلهم مسؤولون من مستويات مختلفة كرؤساء وزراء أو وزراء خارجية ويفترض أنها أهم قمة تمس حياة المواطن العربي ومعيشته لكنها استغرقت ليوم واحد فقط وشهدت الجلسة الافتتاحية ترك بعض القادة مقاعدهم ليجلس عليها بعض الوزراء لساعات ولا ندري ماذا دار في الجلسة المغلقة.
أما وسائل الإعلام لم تهتم بالقمة كثيراً وتصدرت أحداث تونس الأولوية في التغطية المباشرة والتحليلات والتقارير.
ومع ذلك لا نستبعد أبداً إغفال المشهد التونسي بما يمثله كحدث فرض على المواطن العربي العادي أن يجتهد بالتحليل والتفسير والتأويل ناهيك عن انشغال المهتمين السياسيين والاقتصاديين برصد وتقييم ما يحدث وربط ذلك باحتياجات الإنسان وفي مقدمتهم الشباب المقيدون بالبطالة والواقعون تحت كابوس احباطها الثقيل والذي ولَّد هذا الغليان المستحيل السيطرة عليه.
إذا كان هذا هو حديث الساعة في كل بيت عربي وفي كل وسائل الإعلام المختلفة فبالتأكيد انه كان حاضراً وبقوة في المناقشات العامة واللقاءات الخاصة التي جمعت القادة العرب بالقمة الاقتصادية بشرم الشيخ والذي لم يخرج للعلن، ليس من منطلق الخوف والقلق على مصير الأنظمة العربية، ولكن من واقع الشعور بالمسؤولية، فهؤلاء قادة ووزراء مهما كان مستوى التمثيل كبيراً أو ضعيفاً إلى القمة فهم بالأخير يمثلون دولاً ومسؤولين عن القرارات السياسية والاقتصادية ومعنيين بإيجاد كل السبل الملائمة لخلق حياة كريمة لأبناء شعوبهم ولمسنا هذا في البيان الختامي بسطور قليلة بالتأكيد على أن الأمن الغذائي يمثل الأولوية للدول العربية وإتاحة الفرص أمام الشباب العربي لتوفير فرص العمل.
وقد يقول قائل، ولماذا هذا التعقيد والتداخل والرؤية العمومية لهكذا قضايا .. أليس كل بلد عربي مسؤولاً عن حاله يدبر أمره وشأنه بمفرده؟.
والإجابة على هذا السؤال لا تحتاج إلى جهد كبير للبحث عن مبررات مغايرة لمثل هذا الاعتقاد!!.
أول هذه المبررات التي تثبت أهمية الرؤية العمومية والجماعية للشأن العربي تتحدث عنها نظرية الحاجة للآخر، فلا يستطيع الإنسان أن يعيش أو ينجز عملاً محدداً دون الاستعانة أو التعامل مع الآخر فالدول العربية الغنية بالثروة والمال قد تحتاج للبشر الذي يسير لها النشاط وتحتاج للاسواق لصناعاتها وتحتاج للغذاء إذا كانت لا تزرع.
ثانياً: ان العالم أصبح يقوم على صيغ التجمعات والتكتلات الكبيرة وفي إطار هذه التجمعات والتكتلات الاقتصادية تتطور وتتقدم شعوبها.
ثالثاً: تؤكد كل المعطيات أن الدول العربية لايمكن أن تحقق الرفاه والتقدم لشعوبها بشكل انفرادي إذ لا يمكن أن تكون أية دولة هي منتجة لسوقها فقط ولا تستطيع أن تؤمن كل احتياجاتها من بيئتها حتى تعيش في عزلة عن غيرها.
رابعاً: إن التلاصق والتلاحم والتداخل في الأمن والجغرافيا والاقتصاد والتاريخ والظروف المتشابهة بين كل الدول العربية تفرض وجود التكامل الاقتصادي العربي هذا من زاوية الشعور بالمسؤولية ومن جانب آخر ضمان الأمن والاستقرار للأنظمة والشعوب، "فما أمسى عند جارك أصبح بدارك". 


*. نقلاً عن صحيفة الثورة