تأملات .. مؤتمر المياه .. ماذا بعد؟
الثلاثاء, 18-يناير-2011
محمد العريقي -
قبل فترة طالب الكثير من المهتمين والمختصين بعقد مؤتمر وطني خاص بالمياه باعتبار أن وضع المياه في بلادنا وصل إلى المستوى الحرج , فكل الجهود والتحذيرات الماضية لم ترتقٍ إلى تحقيق خطوات فعالة تحد من خطورة هذه المشكلة.
وهاهو المؤتمر الوطني لإدارة وتنمية الموارد المائية عقد على مدار الثلاثة الأيام آخرها اليوم, وافتتح بحضور رفيع من أعضاء الحكومة, وضُخ له عدد كبير من المهتمين والباحثين والأكاديميين, وممثلين عن المستخدمين, والمنتفعين, بالإضافة إلى عدد من المدعوين المختصين من خارج اليمن الذين عرضوا تجارب بلدانهم, وبمشاركة فاعلة من الخبراء في منظمات دولية وجهات مانحة .
وقدمت في المؤتمر الذي أدار جلساته كبار الشخصيات السياسية وغير السياسية, أوراق عمل مركزة أُعدت من قبل مختصين ومسئولين وأكاديميين حتى أن الورقة الواحدة شارك في انجازها أكثر من شخص, فتكاملت الأفكار, وتعاضدت الحجج , وعرضت بطريقة أكثر دقة في التوصيل, وأثريت بتعقيبات علمية, ونقاشات إضافية, وهطلت على المؤتمر أفكار وتصورات غزيرة أمطرت من خلال مجموعات العمل التي تشكلت داخل المؤتمر, وأفضت إلى بلورة السياسات والآليات التي ستحدد مسار التعامل مع القضية المائية حاضرا ومستقبلا.
وهذه هي منهجية المؤتمر التي رسم لها مسبقاً, وفق ما صرح به الدكتور احمد عبد الكريم سيف, مدير مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية الذي تولى تنظيم هذا المؤتمر قبل عقد المؤتمر الذي قال : إن مخرجات المؤتمر ستكون مختلفة عن أي فعالية سابقة بهذا الشأن, فالمخرجات هي عبارة عن سياسات وآليات تنفيذية .
ليس هذا وحسب بل ان المؤتمر جاء وقد ازداد مستوى الإحساس والإدراك بأهمية المياه , وحجم التحديات التي تحدق بهذه القضية , وارتفع صوت ناقوس الخطر الذي يحث المجتمع بكل أفراده ومكوناته بضرورة العمل الجاد والواسع لدرء هذا الخطر على الحاضر والمستقبل.
والإحساس بخطورة المشكلة أصبح مفهوماً ومستوعباً من قبل الدولة, وهذا ما تضمنته النقاط العشر لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الذي حث الحكومة على التعاطي معها خلال فترة زمنية محددة وفي مقدمتها قضية حل أزمة المياه, من خلال كفاءة الاستخدام والترشيد , وتنمية مصادر مائية جديدة عبر الأساليب والطرق الممكنة, وهذا ما أكد عليه الأخ رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور في كلمته عند افتتاح هذا المؤتمر, وجدد تعهد الدولة على عمل كل ما يلزم وبالشراكة مع المجتمع والمهتمين من مانحين بهذا الشأن.
إذاً كل ما قيل وكل ما أنجز رائع ومستوفٍ, ولكن ماذا عن الجانب العملي والخطوات التنفيذية؟ فهل بعد هذا المؤتمر سنلمس المزيد من (الحواضن) التي تعظم من كميات المياه , وهل ستنصب مزيد من الحواجز والموانع التي تكبح جماح التصرفات الأنانية والفاسدة التي تستنزف المياه؟ وهل سنشهد تعاوناً مسئولاً وجاداً في تنفيذ وتطبيق لقانون المياه, واختفاء آلات الحفر العملاقة ؟ والمهم هل فعلاً سنشهد إغراق شجرة القات في بحر الظلمات إلى غير رجعة؟ وإحلال المحاصيل الزراعية الغذائية مكانه ؟
وهل سنتجه لتنمية موارد ومصادر مائية تقليدية, وغير تقليدية, كحصاد كميات كبيرة من مياه الأمطار, وزيادة كميات المياه المعالجة, وإنشاء محطات تحلية في المناطق الساحلية, وبذل الجهود الكافية لمحاربة التلوث؟
أشياء كثيرة ننتظرها, عندها نستطيع أن نقول أن كل ما قيل بشأن المياه بدأنا نجني ثماره, وتمكنا من ترجمة الأقوال إلى أفعال, عند ذلك نحن نعوم في الاتجاه الصحيح .


*. نقلاً عن صحيفة الثورة