الاقتصاد العربي وقمة شرم الشيخ
السبت, 15-يناير-2011
عبدالله بن عبدالمحسن الفرج -

سوف تعقد في ال19 من الشهر الجاري بمدينة شرم الشيخ الدورة الثانية للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية. ولذلك فإن الأنظار خلال الأسبوع القادم سوف تتوجه لمصر لتراقب ما سوف تتمخض عنه هذه القمة لمصلحة العمل الاقتصادي العربي المشترك. فالعلاقة الاقتصادية بين بلداننا لا تزال حتى الآن دون المستويات التي يطمح إليها وذلك على الرغم من التقدم الذي شهدته خلال العشر سنوات الماضية. ففي خلال هذه الفترة تضاعف التبادل التجاري بين الأقطار العربية عدة مرات. أما الاستثمارات البينية العربية فقد نمت خلال الفترة المشار إليها من 2 مليار دولار إلى 10 مليارات دولار. ورغم ذلك فإن هذه الأرقام لا تساوي إلا نسبة ضئيلة بالمقارنة مع حجم تدفق الاستثمارات والتبادل التجاري للبلدان العربية مع البلدان غير العربية.


فما الذي يعوق تطور العلاقة الاقتصادية بين بلداننا؟

ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال وددت الإشارة إلى علامات الاستغراب -الممزوجة بالريبة- التي تثار حول متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدان العربية والبلدان غير العربية. والأسئلة تطرح هنا ليس على شكل أسئلة وإنما على شكل استفسارات بأجوبة جاهزة. وكما لو أن البلدان العربية تتعمد أضعاف بعضها البعض وتصر على تقوية العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. والحمد لله أن الصين قد دخلت على هذا الخط لتحل الكثير من الإشكال. فالصين اليوم هي واحدة من أهم الشركاء التجاريين والاقتصاديين للبلدان العربية.

بالفعل فإن العلاقة بين الأسواق العربية ضعيفة وأن الروابط الأمامية والخلفية لهذه الأسواق منسوجة بصورة أكبر مع الأسواق العالمية أكثر مما هي مع بعضها البعض. والسبب الرئيسي في هذا الأمر يعود ليس لأن البلدان العربية لا تفضل التجارة مع بعضها -وتحبذ تقوية العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة وأوروبا واليابان- وإنما لأن الاقتصاد في كل بلد من البلدان العربية لا يزال حتى الآن غير متطور إلى المستوى الذي يسمح بمضاعفة حجم الروابط معه. والعلاقة مع الصين هي خير دليل على ذلك. فعندما كان الاقتصاد الصيني، قبل الإصلاحات الاقتصادية متخلفا، فإن أحداً لم يكن يقيم معه روابط قوية. ولكن عندما رمت الصين عن نفسها رداء الأيدلوجية وتوجهت إلى تعزيز اقتصادها تطورت علاقتها الاقتصادية مع كافة بلدان العالم بما فيه منطقة الشرق الأوسط.

إذاً فإن ضعف العلاقة بين الأسواق العربية سببه الرئيسي ليس سوء نيات العرب نحو بعضهم البعض وإنما تخلف الاقتصاد العربي. فليس هناك اليوم بلد عربي قادر على تصدير السيارات، الطائرات، الكترونيات وغيرها من المكائن والمعدات والأجهزة المتطورة. فهذه المنتجات للأسف لا تصنع في أي بلد من بلداننا وإنما في بلدان أخرى. من هنا فإن التجارة البينية العربية تكاد تقتصر على المنتجات الزراعية. وحتى هذه فإن ارتفاع قيم مبادلاتها بين البلدان العربية يعود في جزء منه إلى ارتفاع أسعارها وليس حجمها.

من هنا فإنه وقبل الحديث عن زيادة التبادل التجاري البيني العربي يفترض قبل أي شيء أن تعمل البلدان العربية على تطوير اقتصاداتها بالدرجة الأولى. فا أنا متيقن أن مواطن أي بلد عربي سوف يفضل شراء سيارة منتجة في بلد شقيق إذا كانت مواصفاتها ترقى إلى المستويات التي يطلبها وبسعر تنافسي مغر له.

طبعاً هذا لا يغني عن التنسيق الاقتصادي بين البلدان العربية. بالعكس فإن التنسيق الاقتصادي مهم جداً وذلك لتجنب التنافس على إنتاج سلع متشابهة وتعزيز التكامل بين هذه البلدان. فالبلدان تتاجر مع بعضها البعض عندما تكون منتجاتها مختلفة. وفي ظروفنا الراهنة يمكن للبلدان العربية أن تنسق فيما بينها بخصوص تكامل الصناعة البتروكيماوية مثلاً. فنحن في منطقة الخليج قد أقمنا الطوابق السفلى لهذه الصناعة. ولذلك فإن بلدان عربية أخرى يمكن أن تتخصص في بناء الطوابق الوسطى والعليا بمساهمة خليجية. فالصناعة البتروكيماوية هي من الصناعات الثقيلة ذات الآفاق المستقبلية.

*نقلا عن صحيفة "الرياض" السعودية.