هدم المعالم المقدسية يقوض عملية السلام
السبت, 15-يناير-2011
المحامي راجح أبو عصب - هدم جرافات اسرائيلية الأسبوع الماضي لمنزل مفتي فلسطين السابق المرحوم الحاج أمين الحسيني والذي يحمل اسم فندق "شيبرد" تمهيدا لاقامة حي سكني يهودي مكانه هي عملية هدم وصفت بأنها الأكبر التي شهدتها المدينة المقدسة منذ الخامس من حزيران عام 1967 من شأنه وكما قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة تقويض عملية السلام نهائيا وانهاء لأي احتمال لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ناهيك عن انها كما قالت الحكومة الأردنية في تعقيبها على عملية الهدم تتعارض مع القانون الدولي. ان الحكومة الاسرائيلية بدلا من أن تقوم بخطوات لتشجيع الجانب الفلسطيني للعودة الى مفاوضات جدية وحقيقية تؤدي الى سلام شامل وعادل فانها تنفذ قرارات قاسية من شأنها القضاء على أية احتمالية للعودة الى المفاوضات التي اضطر الجانب الفلسطيني آسفا لوقفها جراء اصرار الحكومة الاسرائيلية على الاستمرار في الاستيطان في الأراضي الفلسطينية غير مصغية لأصوات ونصائح المجتمع الدولي الداعية الى تجميد الاستيطان ووقفه وذلك سعيا الى توفير نتائج من أجواء الثقة تشجع الجانب الفلسطيني على العودة الى المفاوضات مباشرة كانت أم غير مباشرة مثل الخطوة التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما قام بالاتصال مع الرئيس أبو مازن لتقديم العزاء بوفاة شقيقه الأكبر. ان هناك اجماعا دوليا على أن الاستيطان غير شرعي سواء أكان في المدينة المقدسة أو في الضفة الغربية لأنه يقام على أراضي الغير ذلك أن هناك مبدأ دوليا تعتنقه كل دول العالم بما فيها اسرائيل يقضي برفض الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة لأن انتهاك هذا المبدأ عدا أنه خرق فاضح للقوانين الدولية من شأنه أن يجعل بؤرة الصراع قابلة للانفجار في أية لحظة وان كان هدوء ظاهري فانه هدوء خادع فهو هدنة على دخان قد ينفجر في أية لحظة ودليل ذلك تفجر الانتفاضة الأولى في عام 1988 والانتفاضة الثانية في عام 2000. ان الفلسطينيين قيادة وشعبا قد أبدوا رغبة حقيقية في تسوية تقود الى سلام شامل وعادل ينهي الصراع ويفتح صفحة جديدة من الأمن والتعاون والازدهار الاقتصادي لشعوب المنطقة والرئيس محمود عباس منذ أن تسلم قيادة الشعب الفلسطيني بعد رحيل زميل كفاحه الرئيس القائد ياسر عرفات وهو يعلن على رؤوس الأشهاد وفي كل المؤتمرات والمنتديات وفي كل العواصم التي يزورها ومع كل رؤساء وقادة الدول الذين يلتقيهم أننا نريد سلاما عادلا وشاملا وفق القوانين والشرائع الدولية سلام ينهي الى الأبد صفحة الاحتلال والصراع ويفتح صفحة جديدة خالية من النزاعات والصراعات صفحة تشهد انتهاء مأساة ومعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ أكثر من قرن من الزمان سلام يريده الفلسطينيون قيادة وشعبا عن طريق الوسائل السلمية بعيدا عن العنف والقتل وسفك الدماء . وقد تأكد العالم كله أن القيادة الفلسطينية صادقة بتوجهها نحو السلام وأنها بذلت وتبذل كل ما في وسعها لجعل هذا السلام المنشود حقيقة واقعة ولكن دون التخلي عن الثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها الانسحاب الاسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران واقامة الدولة الفلسطينية على كافة الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين لكن الحكومة الاسرائيلية الحالية ذات التوجه اليميني ترفض اليد الفلسطينية الممدودة للسلام مؤثرة الاستيطان والاحتلال على السلام علما أنه من الحقائق البديهية أن السلام والاستيطان لا يلتقيان أبدا. ان كل ما تقوم به الحكومة الاسرائيلية وما قامت به الحكومات الاسرائيلية السابقة منذ الخامس من حزيران عام 1967 من خطوات متسارعة لطمس المدينة المقدسة من معالمها التاريخية التابعة للديانات السماوية الثلاثة وهدم العمائر التاريخية كفندق شبرد وطرد المواطنين المقدسيين من منازلهم كما حصل في الشيخ جراح ان كل ذلك غير شرعي ومناقض لالتزامات اسرائيل تجاه قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة علما أن الدولة العبرية قامت بموجب قرار دولي فكان الأجدر بها والحالة هذه أن تكون أكثر دول العالم التزاما بالقرارات الدولية ولكن ولشديد الأسى فانها أكثر دول العالم تجاهلا للشرعية وانتهاكا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن . لقد لاقت الخطوة الاسرائيلية بهدم فندق شبرد الذي يعد معلما من معالم المدينة المقدسة وصرحا شامخا من صروح العائلات المقدسية استنكارا وادانة واسعين دولية وعربية واسلامية ومسيحية ويهودية من بعض الأطراف محبي السلام فقد قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن موافقة الحكومة الاسرائيلية وبلدية القدس بالوقت الحالي على اقامة وترخيص مشروع سكني يهودي في المدينة المقدسة من خلال هدم المعالم الأثرية يقوض جهود السلام والجهود الرامية الى تحقيق حل الدولتين وأضافت قائلة: ان هذه الخطوة تتناقض بصفة خاصة مع منطق اتفاق معقول وضروري بين الأطراف فيما يتعلق بموضوع المدينة المقدسة كما أن الاتحاد الأوروبي دان هدم فندق شبرد فقد قالت الممثلة السامية لشئون السياسات الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون ان المستوطنات غير شرعية وفقا للقانون الدولي وتقوض الثقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتشكل عقبة في طريق السلام بين الطرفين وعلاوة على ذلك فان القدس الشرقية كما ذكرت آشتون جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة والاتحاد الأوروبي لا يعترف بضم اسرائيل لها. ان بناء أحياء سكنية للمستوطنين في القدس الشرقية داخل الأحياء الفلسطينية علاوة على أنه غير شرعي فانه يزيد من الاحتكاك بين المستوطنين والمواطنين المقدسيين وقد يؤدي الى عنف متفجر وخير دليل على ذلك ما يحدث في حي سلوان المقدسي من مواجهات أصبحت شبه يومية وأدت الى سقوط عدد من الأبرياء ذلك أن تلك الأحياء في القدس الشرقية تشكل بؤرا للصراع والنزاع هذا عدا عن أن الاستيلاء على فندق شبرد بصورة غير واضحة قانونيا ومن خلال وسائل غير معروفة قانونيا ومن خلال وسائل غير معروفة شرعيا تزيد من حدة التوتر بين المجتمعين الفلسطيني والاسرائيلي. ان فندق شبرد وهو بيت المفتي الحاج أمين الحسيني وكرم المفتي المجاور له والذي صادرته الحكومة الاسرائيلية أيضا كجزء من الحي السكني اليهودي الذي تعتزم اقامته لتكوين هلال سكني موحد يعزل البلدة القديمة من شمال المدينة المقدسة بعد عزلها عن محيطها في الضفة الغربية من خلال اقامة جدار الفصل هو ملك لآل الحسيني ورثة المرحوم الحاج أمين الحسيني وقد أكد الورثة أنهم لن يتخلوا عن بيتهم فندق شبرد ولو أصبح أنقاضا وأكدوا أنه تم الاستيلاء عليه بصورة غير قانونية وأنهم مصممون على استعادته وفقا للقانون. ان من واجب الدول العربية والاسلامية التي تناست القدس وأدارت لها ظهرها مكتفية ببلاغات الشجب والادانة والاستنكار أن تسعى حثيثا وبجد ومن خلال خطوات عملية وليس كلاما فقط لانقاذ المدينة المقدسة من المصير المظلم الذي ينتظرها وذلك بعقد قمة عربية طارئة تخصص فقط لبحث الأوضاع المتردية في القدس ووضع خطة حقيقية ورصد الملايين لانقاذ العقارات المقدسية واقامة مشاريع سكنية للمواطنين المقدسيين الذين يعانون من أزمات خانقة في السكن جراء الاجراءات المستحدثة في بلدية القدس خاصة الى تشييد المدارس والمعاهد والجامعات والمشافي ودعم المقدسيين ماديا لدعم وجودهم في مدينتهم المقدسة. ان المدينة المقدسة تضيع وتنتقص أراضيها ومعالمها التاريخية كل يوم والعرب والمسلمون منشغلون بمشاكلهم الداخلية واننا كمقدسيين يحق لنا أن نتساءل لماذا لا تخصص الدول النفطية العربية والاسلامية التي تنفق المليارات على شراء الأسلحة التي تصدأ في المخازن وعلى بناء الأبراج الشاهقة وناطحات السحاب؟ بينما لا تخصص جزءا يسيرا من دخلها النفطي الهائل لدعم المقدسيين؟ كما أن على الولايات المتحدة الراعي الأول لعملية السلام وعلى اللجنة الرباعية والدول الغربية أن تتخذ موقفا حازما والاطلاع عن كثب لهذه الاجراءات في القدس بخاصة وفي الضفة الغربية بعامة خاصة وأن قناصل الدول الأوروبية في المدينة المقدسة الذين يعيشون عن كثب مأساة المواطنين المقدسيين والمخاطر التي تهدد عملية السلام جراء تلك الاجراءات قد أصدروا الأسبوع الماضي بيانا دعوا فيه دول الاتحاد الأوروبي الى اتخاذ اجراءات حاسمة ضد هذه الاجراءات لالزامها على وقف تلك النشاطات وأن تراعي ظروف المقدسيين محذرين من خطورة هذه الأوضاع اذا لم يسارعوا الى وقف تلك النشاطات. وسنبقى كمقدسيين وسيبقى الفلسطينيون الذين نحن جزء أصيل منهم صامدين في قدسنا رغم كل الاجراءات واثقين من أن الحكومة الاسرائيلية ستعيد نظرتها من هذه الاجراءات من أجل السلام القادم للأجيال القادمة،،،والله الموفق. المصدر: القدس