أمريكا وصيغة التوازن بين إيران واسرائيل
الخميس, 06-يناير-2011
الاسير ماهر عرار - مع بروز معالم الرؤية الاميركية حيال ايران وسيناريو تفاعلها في النظام الاقليمي، وهي الرؤية التي يمكن رفضها من خلال بعض التصريحات الاميركية التي تقول بمبدأ القبول بمستوى ما تكون فيه ايران نووية، وكانت اخر هذه التصريحات هي التي اوردتها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في المنامة منتصف الشهر المنصرم حيث المحت الى امكانية قبول بلادها باحتفاظ ايران بمستوى من التخصيب داخل اراضيها الامر الذي اثار جدلا نظرا لكون هذا التصريح يبعث بمؤشرات على التحول الاميركي ازاء ايران مع الاحتفاظ بسيناريو المناورة اي تطويعها بمفهوم نووي وفق المعايير والمظلة الاميركية. وتكتسب فرضية التوازن النووي اهمية في هذه المرحلة التي تشهد عودة المحادثات بين الدول الست وايران، الامر الذي يحيلنا الى محاولة قراءة امكانية اتباع هذه الفرضية ومدى اسهامها كوسيلة حاسمة في احتواء ايران وتثبيت الاستقرار الاقليمي وبالتالي ضمان استقرار المصالح الاميركية. وهنا يبدو لي ان امتلاك ايران للقوة النووية على الرغم من خطورة ذلك على النظام العربي، الا انه تطور استراتيجي نوعي قد يسهم في اعادة تعريف اللاعبين بالاقليم الامر الذي قد يصاحبه وضع حد للتمادي الاسرائيلي والى حد ما قد يترتب على ذلك امكانية الشروع بمعالجة للقضية الفلسطينية حيث ان ذلك سيحدث التوازن الذي قد تستثمره الادارة الاميركية في الضغط على اسرائيل، وهنا لا بد ان نشير الى ان اهمية هذا الطرح تكمن في انه ينطوي على بروز قوى اقليمية بامتيازات عسكرية استراتيجية. كما لا بد من ان نؤكد انه سيكون بمعايير ومقاييس اميركية وهو الامر سيفضي الى اعادة صياغة الخريطة بحيث يصار الى سد الفراغ الناجم عن خلل التوازن مع اسرائيل وهو الخلل الذي ترتب على انكفاء وتحلل حالة العراق ( نظام صدام) من معادلة الصراع مع اسرائيل وبالتالي اطلاق رصاصة الرحمة على النظام العربي الامر الذي عكسته السياسات الاسرائيلية المتمردة حتى على سياسة الادارة الاميركية كما ظهر في مسألة تجميد الاستيطان. والسؤال هل صيغة التوازن النووي بين ايران واسرائيل مسألة مطروحة اميركيا؟ وقبل ان نجيب علينا ان نؤكد على فهمنا للتحالف الاستراتيجي بين اسرائيل واميركا والتزام الاخيرة بمبدأ التفوق الاستراتيجي لاسرائيل، غير ان ما يعزز حظوظ هذا الطرح هو التصادم بين اسرائيل واميركا لاكثر من مرة وتحديدا في عملية السلام حتى الان الامر بدا وكأن اصرار اسرائيل واضح في محاولات افشال سياسات اميركا وجهودها، سيما من ذلك ان عملية السلام وفق العقيدة الاميركية التي اعلنها اوباما تشكل جزءا من الامن القومي الاميركي. ولا شك بأن التصادم الماثل في السياسة الاميركية الاسرائيلية سيحيل امريكا للبحث عن بدائل، وقد ظهرت مؤشرات هذا بعد انحسار الدور الوظيفي لاسرائيل وهو الدور الذي مورس بدعم اميركي اي ضمن ضوابط السياسة الاميركية ابان مرحلة التمدد السوفياتي (الحرب الباردة). وقد فقد هذا الدور جدواه بعد انحسار الدور السوفياتي وتفكك المنظومة الاشتراكية، وبرأيي قد يكون تصادم سياسة اسرائيل وسياسات امريكا في المنطقة حافزا لحمل الادارة الاميركية على اعادة تعريف الخارطة الاقليمية بشكل تستبق فيه تطور ونضوج المشروع الايراني بمعزل عنه. بمعنى احتواء ضمن اعتراف اميركي بمساحة تحرك اقليمي للدولة المفترضة اقليميا (ايران) سيما اذا كان ذلك سيسفر على ضمان استقرار السياسة الاميركية واسهامها في تحقيق سياساتها. هي فرضية اشبه ما تكون بلعبة شطرنج تحتاج الى تحريك اللاعبين وقد يؤتي ذلك اكله لمصلحة امريكا من خلال تنامي الخوف لدى اسرائيل من امكانية شروع امريكا في ذلك على حساب العلاقة الاستراتيجية معها الامر الذي سيقود الى تمرير السياسات الاميركية ودفع اسرائيل الى ابداء المرونة السياسية، ويبقى ان نقول ان السياسة الاميركية تقوم على حسابات وسيناريوهات مفترضة تتكيف بشكل تلقائي والتحولات السياسية الاقليمية والدولية المستجدة. المصدر: القدس