الخروج من الدوامة!
الاثنين, 03-يناير-2011
هاشم عبد العزيز - بحسب ما تتناقله وسائل الإعلام، وكما لو أنه جديد، مع أنه قديم يستجد ويتجدد على مدار الأيام، فإن أجواء التوتر تعود إلى غزة خاصة والمنطقة بوجه عام من جراء التصعيد العسكري الإسرائيلي المتزامن مع حلول الذكرى الثانية لحرب غزة التي ما زالت آثارها شاخصة بدمارها الذي حول آلاف المنازل ومئات المرافق من مدارس ومستشفيات وأسواق ومؤسسات ومخازن الأدوية والغذاء إلى أنقاض والتي اغتالت مئات الأبرياء، بخاصة من الأطفال والعجزة والنساء وخلفت أعداداً غفيرة من المقعدين لإصاباتهم البالغة ولبقائهم في معاناة دونما علاج من جراء الحصار الظالم لغزة . في هذا السياق يشار إلى أنه في غضون الأيام القليلة الماضية تكثفت الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، وأدت إلى سقوط 12 شهيداً و30 جريحاً ودمرت العديد من المنازل والمنشآت . في النظرة إلى هذا التزايد من الأعمال العدوانية على القطاع وتزامنه والذكرى الثانية لحرب غزة، يرى بعض المراقبين أن الجيش الاسرائيلي، بقدر ما يهدف إلى إفساد احتفاء أبناء غزة بذكرى صمودهم يوجه رسالة وخاصة إلى حركة المقاومة مقدماً يؤكد فيها أن يده مازالت طائلة وأن فشل تصفية حركة حماس خاصة والمقاومة بوجه عام معقود على توجه انتقامي، وهذا ما تضعه المقاومة الفلسطينية في سياق مواجهتها للاحتلال بطبيعته وسياسته. بعض من الأوساط الفلسطينية وأطراف عربية ترى أن تصعيداً كهذا يندرج في إطار محاولة إسرائيلية لصرف الأنظار عما آلت إليه التسوية من انهيار من جراء السياسة الإسرائيلية المناهضة للسلام، وهذه الأوساط ترى أن المطلوب عدم إعطاء إسرائيل فرصة في هذه اللعبة لإعادة خلط الأوراق . من جهتها تعيد إسرائيل تكرار ما كانت تردده حين كان الانقسام الفلسطيني لم يسقط بعد بين الضفة وغزة عندما كانت مثل هذه الأعمال تعتبر في التصريح الإسرائيلي موجهة ضد حماس، وليس ضد فتح، لكن إسرائيل تقول اليوم إن عملياتها موجهة ضد الفصائل التي تطلق صواريخ إلى المستوطنات، وهي تعتبرها وقائية ورسالة لحماس، وفي خطوة اسرائيلية جديدة لتعميم وتعميق الانقسام السياسي داخل حركة المقاومة وفصائلها . وفي أية حال أكان ما يجري انتقاماً أو محاولة لصرف الأنظار، أو هو لتغذية وتوسيع الانقسام في الصف الفلسطيني فإنه في الإجمال يصب في مجرى العدوان على الشعب الفلسطيني في حقوقه ووجوده، المتمثل في دمار غزة وسرطان الاستيطان في الضفة والقدس وما بينهما الاعتقال والاغتيال. فما المطلوب من الاحتلال بعد كي يرتفع ذوو الشأن السياسي الفلسطيني إلى المستوى المطلوب لمواجهة العدوان وإنهاء الاحتلال وإزالة الاستيطان؟ في ظل هذه الأجواء كانت الأنظار قد اتجهت إلى الفلسطينيين وشاع تفاؤل من أنهم لن يضيعوا هذه اللحظة التي خدمتها السياسة الأمريكية من حيث لا يريد ساستها، لتجاوز الانقسام باتجاه المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية والخروج من دوامة الابتزاز ونفق ضياع القضايا المصيرية واستعادة خيار مواجهة العدوان وإنهاء الاحتلال وإزالة الاستيطان ورد الاعتبار لمسيرة الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المهدورة بالتضحيات السخية والمعاناة الأليمة . . فما الذي حدث؟ عوضاً عن إعادة إطلاق المفاوضات بين “فتح” و”حماس” التي كانت، بحسب ترديد متكرر من المتفاوضين، شارفت على نهايتها، انفجرت الاتهامات المتبادلة ودارت دورة عاصفة وناسفة من هذه الاتهامات. هنا يبرز التساؤل: أمام ما يجري لتصفية القضية الفلسطينية، لمَ هذا التداعي بين “فتح” و”حماس”؟ ماذا يمثل من حيث المسؤولية؟ الخلاصة ان مشهد الانقسام ليس بائساً فقط بل مؤلم. المصدر: القدس